تشهد الباهية وهران منذ فترة ليست بالقصيرة إنزالا صينيا حقيقيا اخترق فضاءات عاصمة الغرب الجزائري، وتحظى المنتجات التقليدية التي يسوّقها الصينيون في وهران، بتجاوب كبير من أبناء الولاية ما يجعل الصناعة التقليدية ببلادنا على المحك وفي اختبار صعب أمام المارد الصيني وما تنسجه أنامل الجنس الأصفر في أسواق الجزائر. حسب ما رصدناه في جولة عبر أسواق ولاية وهران، على غرار سوق المدينةالجديدة والمحلات الصينية المتواجدة على مستوى شارع الأوراس ووسط المدينة، فإن السلع الصينية تحتل المرتبة الأولى ضمن التجارة الأجنبية ببلادنا، وتعرف اقبالا واسعا عليها من قبل سكان الولاية. كما سجلنا استياء بعض الحرفيين، الذين أكّدوا لنا أن فتح المجال أمام الصناعات التقليدية الأجنبية لدخول السوق أصبح يشكّل خطرا مباشرا على المنتوج المحلي، فأصبحت النحاسيات الصينية والنسيج والأحذية وأدوات الزينة كالسّلال وغيرها تزيح منتجاتهم شيئا فشيئا، بما توفّره من أسعار منخفضة، وفي هذا الجانب قال نور الدين، الذي يمارس مهنته كخياط ملابس تقليدية منذ 15 سنة مضت أن السلع الصينية تبقى تفتقد للجودة والنوعية والإتقان، إلا أن انخفاض أسعارها جعل العديد من المواطنين يفضلون اقتناءها، وبمقابل ذلك دفعت الكثير من الفتيات إلى العزوف عن ممارسة أو تعلم صناعة “الكروشي” التي كانت تعتمد عليها سواء في تزيين بيوتهن أوفي توفير منتوجات للبيع والكسب من ورائها، كما هو الحال مع السيدة لطيفة 54 سنة التي كانت تمارس حرفة “الكروشي” منذ نعمومة أظافرها واستطاعت أن تجهز نفسها بالمدخول المادي الذي جنته لسنوات من ممارسة تلك الحرفة. أسعار مغرية شجّعت الاقبال قصدنا أحد تجار سلع النسيج الصينية التقليدية بشارع العربي بن مهيدي وسط مدينة وهران، والتي انتشرت بها بشكل واسع، حيث أكد لنا “لي” صاحب المحل أن بضاعته تلقى رواجا كبيرا مما جعله يوظف أربع عاملات جزائريات يقمن ببيع السلع ويكن كوسيط يسّهل التخاطب مع الزبائن، وأكّد المتحدث ذاته أن الإقبال الكبير على محّله اضطره إلى زيادة عدد الموظفين عنده. وعن إقبال المستهلك الجزائري على بضاعته، فيشير هذا التاجر إلى أنه يسجل إقبالا ملحوظا، خاصة وأن السلع تتوفر على موديلات تتفاوت من حيث درجة الجودة والسعر، مما يتيح للمستهلك فرصة الإختيار في حدود ما تسمح به ميزانيته، كما أكّد وجود نوعية من البضاعة تعتبر مقصد الفئات التي تبحث عن السعر المناسب بغض النظر عن النوعية تحت تأثير محدودية الدخل، وهو الأمر الذي لا يجده بعض المواطنين في المنتوج المحلي حسب رأيه. والملاحظ أن أغلب التجار الصينيين لم يفوتوا فرصة التجارة في أدوات الزينة والأثاث إذ باتت تدخل الأسواق بكثافة، لتنتشر تلك المحلات الصينية في أغلب شوارع مدينة وهران، وتتمكن من كسب عدد كبير من الزبائن في ظرف قصير، حيث أكدت الإحصاءات الأخيرة للمركز الوطني للسجل التجاري بوهران، ارتفاع عدد التجار الصينيين بوهران ليصل إلى 169 تاجر، ويستمر انتشار التجارة الصينية في وقت نبهت إليه بعض الأطراف إلى ضرورة تحسيس وتوعية الزبائن إلى مراعاة عامل الجودة والنوعية، التي تبقى في معظمها مقلدة رغم انخفاض أسعارها، ما جعلها تفقد ثقة المستهلك بسبب الأخبار التي يتم تداولها حول منتجات مختلفة مثل الأفرشة والملابس وألعاب الأطفال وغيرها من المنتجات الأخرى، التي يتم جلب بعضها من الصين والبعض الآخر تتم صناعته في الجزائر في أماكن يعمل فيها الصينيون، كما توجد أنواع من الأحذية تسوّق بالمحلات صينية سببت الحساسية لمنتعليها، فيما يتداول بين المواطنين أغطية خفيفة لا يزيد ثمنها عن 300 دج، تحوم حولها شكوك في كونها السبب في الحكة الجلدية التي أصابت مستعمليها. ربّات بيوت يفضلن القفز على ما هو محلي أكّدت السيدة سليمة، التي صادفناها في أحد المحلات الصينية بوسط المدينة، أنها متعودة على اقتناء بعض أنواع الملابس وغيرها من المقتنيات الصينية المعروضة لاسيما الصناعات التقليدية ولم تجد معها أي مشكل، حسب رأيها، خاصة وأن أسعارها المعقولة تتناسب مع الأسر المحدودة الدخل مقارنة بالمنتوج التقليدي المحلي. وتعد فئة العرائس الأكثر إقبالا على المحلات الصينية التقليدية، رغبة منهن في اقتناء البضاعة بأسعار مناسبة، في ظل المصاريف الكثيرة التي تتطلبها مختلف مستلزمات العروس لاسيما فيما يخص الأفرشة. كما أن الإرتفاع المذهل لأسعار الذهب وركود تجارته مؤخرا راجت بالمقابل تجارة الذهب المقلد المعروف ب«البلاكيور” ومختلف الإكسسوارات الأخر مما فتح مجالا واسعا لدخول سلع صينية من هذا النوع.