تبقى الوقاية خير من ألف علاج يمر المجتمع في ظروف اجتماعية صعبة للغاية نتيجة الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا على أرض الواقع، غلاء في المعيشة، ندرة في بعض المواد الاستهلاكية الضرورية، عمال بدون عمل ولا أجور، متطلبات شهر رمضان وعيد الفطر تمثل مصاريف ثقيلة على أرباب العائلات، وأمراض نفسية وعصبية بدأت تصيب الأشخاص وضغط نفسي كبير قد يزيد الوضع حدة إذا ما تمّ فرض حجر شامل وكلي الذي يبقى حلا واردا، كلها عوامل تتطلب التأني في دراستها والحكمة في تسييرها، فالناس يحاولون بما يستطيعون وبما يملكون من قدرة على تفهم الأوضاع التي تحيط بهم، لكن أحيانا يجدون انفسهم مرغمون للبحث على رزقهم وتلبية حاجيات عائلاتهم، والسلوكيات التي يظهرون بها اثناء قضاء حوائجهم ليست بالضرورة استهتار أو انهم ليسوا واعين بخطورة الوباء كلا وألف كلا، ويقول أحد المواطنين أن المسؤولية يتقاسمها الجميع، ولا يمكن أن نرمي بكل شيء على ظهر المواطن الذي كثيرا ما يكون ضحية الظروف الاجتماعية الصعبة المحيطة به والتي تجعله محصور بين شقي الرحى، فالندرة القائمة حاليا لبعض المواد الاستهلاكية كمادة الحليب مثلا تفرض على الآباء الخروج من منازلهم للبحث عنها ولو يتطلب الأمر بذلك الانتظار في طوابير طويلة كما جرى الشأن في الأيام الأولى من الأزمة مع ندرة مادة الدقيق – السميد – ، ضف إلى ذلك اقتناء الخبز مسألة أخرى وحديث ذو شجون حيث يجد الفرد نفسه واقف في طابور انتظار لعدة ساعات..، وفيما يخص التدابير الوقائية مثل حمل الكمامات، هو أمر في غاية الأهمية حيث تقي المرء من الإصابة بالعدوى، لكن وللأسف غير متوفرة، فسعرها أصبح بعيد المنال على عامة الناس، فالتجار مثلا الذين أبدوا استعدادهم وامتثالهم لقرار وزير التجارة القاضي بإلزامية حمل الكمامات، انها فكرة رائعة وصحية للغاية، لكن يقول احد التجار بل الكثير منهم بأن سعر الكمامة الواحدة في الصيدليات يتراوح بين 60دج و80 دج وفترة صلاحياتها لا تتعدى أربع ساعات فكيف يمكن الجمع بين الأمرين، وأغلبية هذه الكمامات ليست وفق المواصفات الصحية المطلوبة، لذا هنا يطرح الاشكال حول ما العمل في هذه الحالة، إنها أسئلة كثيرة وكثيرة والبعض منها معقدة كونها مرتبطة بعدة عوامل منها النفسية والعصبية والاجتماعية والاقتصادية ..، مع العلم أن الجائحة قد تستمر لأسابيع أو أشهر أخرى حسبما ما قاله المختصون في الميدان، ومسايرة هذا الوضع أمر في غاية الضرورة الذي يجب أن يتسم بالحكمة والرشاد، فالجانب التوعوي والتحسيسي لترسيخ الوقاية الصحية في سلوك المواطنين لمساعدتهم على تحمل متاعب كل هذه الظروف في الأهمية بمكان، فالإعلام له دور بارز في هذا المجال والجمعيات المحلية المختلفة يمكن لها ان تساهم بشكل محوري في إيصال كل المعلومات للمواطنين عن طريق العمل الجواري، والمواطن الحريص على حياته وعلى نفسيته من أي ضرر قد يصيبه له دور أساسي في إنجاح المعركة ضد هذه الجائحة التي منشأها فيروس كورونا، وكل هذه المجهودات الجبارة التي تبذل بين الفينة والأخرى ستقودنا حتما إلى الانتصار والتغلب على هذا الوباء القاتل، لكن بالحكمة والروية وحسن التدبير، فالمسؤولية يتحملها الجميع والمواطن هو اللاعب الأساسي على الساحة، فكلما كان منضبطا بسلوكه وممتثلا لتعليمات وزارة الصحة وعملا بالتدابير الوقائية والصحية والاحترازية عادت الفائدة اليه وأبعد عن نفسه وعائلته ومجتمعه شبح الإصابة بالعدوى، تلك هي القراءة الموضوعية التي يعكسها المشهد الاجتماعي، لتبقى الوقاية خير من ألف علاج، وكلما صمدنا وصبرنا بالانضباط وحسن التدبير سترسو سفينة الحياة على الشاطئ في امان والجميع بألف خير.