الإستغفار مدد ولطف ورحمه من الله لعباده، فكثرة الاستغفار تمسح وتنظف الصحائف من الذنوب، فالصحائف البيضاء تنجيك من العذاب وتدخلك الجنة بإذن الله، والاستغفار مصدر من اسغفتر يسغفر ومادته (غفر) التي تدل على الستر، فالغفر الستر والغفر والغفران بمعنى واحد يقال غفر الله ذنبه غفرا ومغفرة وغفرانا، قال الراغب: الغفر إلباس ما يصونه عن الدنس ومنه قيل اغفر ثوبك في الدعاء والغفران والمغفر ة من الله، هو أن يصون العبد من أن يمسه العذاب ولاستغفار طلب ذلك بالمقال والفعال، وقيل اغفروا هذا الأمر بمغفرته أي استروه بما يجب أن يستر به، والغفور والغفار والغافر من أسماء الله الحسنى ومعناهم الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم، قال الغزالي: الغفار هو الذي أظهر الجميل وستر القبيح والذنوب من جملة القبائح التي سترها بإسبال الستر عليها في الدنيا والتجاوزة عن عقوبتها في الآخرة، وقال الخطابي: الغفار هو الذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد مرة، كلما تكررت التوبة من الذنب تكررت المغفرة فالغفار الساتر لذنوب عباده المسدل عليهم ثوب عطفه وأرفته، فلا يكشف أمر العبد لخلقه ولايهتك ستره بالعقوبة التي تشهره في عيونهم، وقال تعالى (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالى، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالى، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة» رواه الترمذي. صيغ الاستغفار أفضل ذلك ماثبت في السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول: أو ما أوصى به الأمه أن تقوله، عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيد الإستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذبك من شر ماصنعت أبوء لك بنعمك علي، وأبوء بذنبي فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال: ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من اهل الجنة، ومن قالها موقنا بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء: رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما انت اعلم به مني اللهم اغفر لي خطئي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ماقدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شي قدر، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن كنا لنعدُّ لرسول صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول: رب أغفر لي وتب علي إنك انت التواب الرحيم مائة مرة، وعن أبي يسار عن النبي صلى الله علية وسلم قال: من قال أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف، وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي: قال: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فأغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك انت الغفور الرحيم.