في الوقت الذي يتأهب فيه وزير الخارجية الجزائري الجديد رمضان لعمامرة للسفر إلى العراق - في زيارة رسمية هي الأول من نوعها منذ مقتل الدبلوماسيين الجزائريين من طرف تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين سنة 2005- قال الكاتب و المفكر السياسي الفرنسي جيل مينيي في تصريح حصري للسلام اليوم أن "عدد الجزائريين المحبوسين في العراق ليس 11 كما تم الإعلان عنه من قبل السلطات العرقية بل يتجاوز الأربعين و ربما قارب الخمسين سجينا". الكاتب السياسي الفرنسي "جيل مينيي" من كبار أصدقاء الجزائر و العرب على وجه العموم، و كان أبوه أحد النشطاء و الداعمين لجبهة التحرير الوطني إبان الثورة و بعدها بقي الإبن "جيل مينيي" في الجزائر و درس في الجامعة المركزية، ثم تولى إدارة مجلة "الأمة الفرنسية"، و كتب فيها مقالات تأيد الثورات العادلة في فلسطين و أمريكا الجنوبية و يقال أنه كان أحد المقربين من الرئيس هواري بومدين. عاش بين الجزائر العاصمة و تيزي وزو إلى سنة 1970حين غادر الجزائر إلى فرنسا. ثم ما انفك عن مؤازرة العرب بالفعل و القول حيث انتهى به المطاف إلى العراق و كان أحد المقربين من الرئيس صدام حسين و وزيره للخارجية طارق عزيز و وقف مع صدام في محنته الأخيرة و قام بترجمة كتاب صدام حسين إلى الفرنسية " زبيبة والملك" والذي ألفه في السجن قبل إعدامه. و لا يزال إلى اليوم يسعى إلى كشف حقائق الثورات العربية و فضح العواصم الغربية و التنبيه إلى أن النفط لا يزال المحرك الأول لهذه الدول "الاستعمارية الجديدة" كما يسميها. يقول جيل مينيي في حوارنا معه : إن العدد المصرح به من طرف بغداد هو 11 شخصا و هم المحبوسين فقط في سجني التاجي وأبو غريب بالعاصمة العراقية، و كانت بغداد قد أقدمت على إعدام أحد المحبوسين في قضايا تتعلق بالإرهاب من غير محاكمته محاكمة عادلة و لم تتح له الفرصة للدفاع عن نفسه بواسطة محامي. ويضيف جيل مينيي "إن العدد المصرح به من قبل حكومة المالكي يقتصر على مساجين محبوسين في سجنين فقط ببغداد بينما باقي السجون السرية أو التي تحت سيطرة الشيعة و ميليشيات الصدر لا يعلم حالها إلا الله. و من يدري لعل بعض المحبوسين الجزائريين المحسوبين على تنظيم القاعدة قد تم تصفيتهم فعلا". و يقول أيضا : "لقد أعفت الجزائر في مطلع السنة الجارية الديون العراقية و قيمتها 500 مليون دولار، في خطوة قوية و جريئة. و لكن بالقابل ماذا فعل العراق أو المالكي على وجه التحديد؟ لقد أقدم على إعدام الشاب عبد الله بلهادي بغير حق و لم تسمح له بمحاكمة عادلة. و لما سئل السفير العراقي عدي خيرالله عن عقوبة الإعدام الظالمة التي كان ضحيتها الشاب الجزائري قال " إنه كان إرهابيا يستحق القتل" مما أدخل البلدين في فترة برودة في العلاقات. بعد ذلك أعلنت بغداد عن نية نوري المالكي في زيارة الجزائر قبل نهاية السنة الجارية". و يضيف مينيي :" إن معظم المساجين المغاربة في العراق – و هم عشرات الجزائريين و التونسيين و من المغرب أيضا- من أهل السنة و منهم من دخل العراق لمجاهدة الغزو الأمريكي، و بقوا هناك أو قبض عليهم، و لما كان حالهم كذلك كانوا هدفا للشرطة العراقية و الأمن المتكون من الشيعة و التيار الصدري، و مورس عليهم التنكيل و العذاب بتهمة واحدة لا تتبدل " الإرهاب". و كانت قضية المساجين الجزائريين المحاكمين في سجني التاجي وأبو غريب ببغداد قد عادت إلى الواجهة مع إمكانية العفو عنهم أو تحويلهم إلى الجزائر لاستكمال فترة محاكمتهم، سيما بعد تضارب الأنباء عن وضعية ثلاثة منهم كانوا موقوفين، بين من يقول إنهم من بين الفارين من السجن، وتسريبات أخرى تتحدث عن بقائهم داخل السجن مع تعرضهم لإصابات خفيفة. و الشيء المؤكد بحسب جيل مينيي أن العراق أطلقت سراح أزيد من مائة سجين سعودي متورط في أعمال إرهابية بعد "صفقة"، مع الرياض تم بموجبها مد إعانات مالية لحكومة المالكي، فكأن الحرية و الإعدام و السجن أصبحت ملفات سرية تقايض بالمال و بالصفقات المشبوهة". وكان المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي "علي الموسوي" استبعد أن يصدر العراق قرارا بالعفو على السجناء الجزائريين المدانين في قضايا الإرهاب، مضيفا أن ملف السجناء الجزائريين حاليا هو "بيد الداخلية العراقية". وبحسب الموسوي أن الحكومة العراقية متعاونة مع الجزائر ومع كل الدول التي لها سجناء بالعراق، وقال "أعتقد أن المدانين في قضايا الإرهاب لا يمكن أن تشملهم أية اتفاقات تجريها الحكومة". أما فيما يتعلق بالمحاكمين في قضايا أخرى، كما هو الحال مع غالبية السجناء الجزائريين المتهمين بجرم دخول التراب العراقي بطريقة غير قانونية، فذكر المستشار الإعلامي "أتصور أن القانون لا يمانع في إيجاد تسوية"، مشددا أن السجناء الجزائريين وغيرهم من السجناء العرب في "وضع جيد". و هذا ما تكذبه حسب جيل مينيي التقارير التي رفعتها مؤخرا منظمات حقوقية عن الأوضاع المزرية بل والخطيرة جدا للمساجين العرب في العراق".