طالب سكان قرية بنوار التابعة لبلدية تيرني جنوب ولاية تلمسان، السلطات الولائية والمحلية بضرورة النظر الجاد إلى مختلف المشاكل والانشغالات التي يعانيها أكثر من 800 مواطن يسكنون بهذا التجمع السكاني، الذي لا يزال يفتقد إلى ادنى ضروريات العيش الكريم، وكأن هذه المنطقة لا تزال لم تستفد من نعمة الاستقلال حسب مواطنيها الذين ناشدوا والي تلمسان الجديد، أحمد الساسي، ضرورة زيارة القرية للوقوف على حجم المعاناة، وكشف التجاوزات التي مارسها رئيس المجلس الشعبي البلدي، الذي بقي جاثما على صدور السكان لمدة فاقت 14 سنة. شباب أولاد بونوار.. وجوه معذّبة في الأرض يصدم الزائر لقرية أولاد بنوار النائية جنوب ولاية بتلمسان، لأول وهلة بوضع ينطبق عليه عنوان "المعذّبون في الأرض"، شباب تحاصره البطالة من كل جانب يحلمون أن تزورهم يوما التنمية المحلية، جلسوا فوق صخرة تتوسط السكنات الهشة والبالغ عددها 18 وحدة سكنية بالرغم من انجازها منذ بضعة سنوات من طرف الدولة عن طريق المقاولات ب50 مليون سنتيم، حيث فضحت الظروف المتقلبة غش الانجاز، فهشاشة السقوف سبب مباشر في تسرب المياه منها وتشقق الجدران وعدم تهيئتها داخليا وفق المقاييس المطلوبة لمثل هذه المشاريع السكنية، وكأنها أنجزت في العهد الغابر ساخرين من وضعهم الهالي من دار للشباب أو مرفق ترفيهي لأن التفكير في السفر إلى مدينة سبدو أو تلمسان غير مسموح به بالنظر للعزلة الخانقة التي توجد عليها هذه القرية التي فقدت حسب المواطنين في السادس من شهر افريل من سنة 1996 ثلاثة عشر شخصا في مجزرة مروعة تمت تصفيتهم جسديا من طرف إرهابيين، وقد استاء شباب القرية من الوضع المفروض عليهم والعزلة الخانقة المضروبة على قريتهم التي صمدت في وجه الإرهاب، بالرغم من موقعها بالقرب من سلسلة جبلية كانت تعتبر معبرا للجماعات الإرهابية، حيث يحلمون بملعب أو ساحة للعب على الأقل كغيرهم من شباب قرى تيرني ويحلمون بالتشغيل ضمن الشبكة الاجتماعية وبالتحفيزات المادية والدعم لتربية المواشي أو خدمة الأراضي الفلاحية الشاسعة، كما يأملون أن تزورهم السلطات العمومية يوما للوقوف على معاناتهم التي استمرت منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، حيث ورغم الوعود التي أطلقها رئيس البلدية في الحملة الانتخابية الماضية، إلا أن شيئا لم يتحقق فلا تزال القرية عرضة للتهميش والإقصاء، فهل من مغيث تساءل الشباب الذين هددوا بالاحتجاج لإسماع أصواتهم إلى السلطات المحلية. الماء... حلم لا يزال يراود السكان ومن جملة المشاكل التي لا تزال تحاصر السكان من كل جهة، قضية المياه الصالحة للشرب، حيث يضطر السكان إلى قطع مسافة بعيدة لجلب هذه المادة الضرورية في ظروف بدائية وقاسية على ظهور الدواب من طرف النسوة خاصة واندهشنا عندما لاحظنا أنابيب قنوات المياه مثبة بجدران السكنات و الشبكة منجزة ولما طلبنا معلومات من المواطنين رافقنا بعضهم ليرينا الصمام الرئيسي للشبكة المنجزة للأسف النقب الذي كان مقررا للانجاز لتزويد القرية بمياه الشرب لم ينجز وبقي مشروعه الموعود حبرا على ورق، وهو ما يحز في نفوس سكان القرية الذين أبدوا أسفهم إزاء الوعود المعسولة التي تلقوها مقابل عودتهم للاستقرار بقريتهم المنكوبة، وذهب أحدهم إلى درجة قوله بأنهم جزائريون ببطاقات التعريف فقط، مضيفا أن السلطات المحلية وعدتهم بالدعم الفلاحي لكن لا حياة لمن تنادي، فلم يتم حتى انجاز شبكة المياه فما بالك بهذه القضية، وطالب السكان في هذا السياق بضرورة إيفاد لجنة تحقيق للوقوف على حجم القضية خاصة وان بعض السكان أكدوا "للسلام" أن مشروع المياه حولته أياد خفية إلى جهة مجهولة بناءا على طلبات منتخبين بالبلدية. مدرسة من قسمين في قرية العزلة وقفنا ونحن نجري هذا الروبورتاج على وضعية مزرية تقشعر لها الأبدان، تخيلوا مدرسة من قسمين مهجورة لم تبادر السلطات المعنية لتخصيص مبالغ مالية لاستغلالهما، وتوفير الدراسة لأبناء القرية الذين يتنقلون في ظروف صعبة إلى القرية المجاورة للالتحاق بمقاعد دراستهم، مع العلم أن المدرسة لم تعد مجهزة بالطاولات والكراسي والصبورات لأن التجهيزات تم نهبها وسرقتها حسب ما ذكره السكان بالقرية ، معتبرين أن توقف أبنائهم عن الدراسة في وقت مبكر تتحمله السلطات البلدية التي بقيت تتفرج على القرية وعلى مشاكلها، دون أن تحرك ساكنا بسبب عزلة القرية وغياب وسائل النقل، وقد يضطر العشرات من التلاميذ للانقطاع عن الدراسة مبكرا للسبب ذاته، ومن هنا تعشعش الأمية في أوساط بنات وأولاد القرية وحتى بيت الله الذي عجز المواطنون على إتمام أشغاله محروم من التيار الكهربائي، والمعلوم بأن بيوت الله من مسؤولية البلدية من حيث توفير الإنارة والمياه والنظافة. علاج سكان بنوار.. في خبر كان تبقى قاعة العلاج مجرد حلم بعيد المنال، حيث لا يزال السكان ينتقلون إلى بلدية سبدو أو بلدية تيرني من اجل حقنة، وحسب تصريحات السكان فإن هناك مشاريع خاصة ببناء قاعات العلاج، ولكن إلى غاية اليوم لم ينطلق في الإنجاز لأسباب تبقى غامضة، وأمام هذه الحالة يعيش سكان القرية حياة مزرية نتيجة انعدام قاعة علاج بذات القرية الأمر الذي أثار حفيظتهم واستياءهم جراء ما يتكبّدونه من معاناة التنقل نحو البلدية الأم، وحتى نحو البلديات المجاورة ومما زاد من معاناة السكان خاصة في الحالات الاستعجالية كالولادة، ونتيجة هذا النقص الفادح في التغطية الصحية ناشد سكان القرية السلطات المعنية بضرورة التدخل العاجل، وذلك بإنجاز قاعة علاج بالمنطقة بهدف تخليصهم من معاناة التنقل التي أرهقتهم في ظل الحالة الاجتماعية المزرية لأغلبيتهم، وطالب السكان مديرية الصحة والسلطات الولائية، بضرورة النظر الجاد في هذا المطلب الذي يأتي من الأولويات. أهل القرية يطالبون بالسكن الريفي للبقاء في أرضهم وبما أن المنطقة ذات طابع فلاحي وريفي، فقد طالب السكان السلطات الولائية بضرورة توفير وزيادة البرامج المخصصة في السكن الريفي لتثبيت السكان بمناطقهم، فقد اشتكى العديد من السكان من نقص فادح فيما تعلق بالسكن الريفي، يضاف لها التأخر الكبير في إنجاز السكنات الممنوحة لأصحابها، حيث أنه وبالرغم من الزيادة العددية للسكان من سنة إلى أخرى إلا أن الحصة القليلة الممنوحة للمنطقة لا تلبي الطلب الكبير على مثل هذا النوع من السكن، والذي خصصته الدولة لتثبيت المواطنين في أراضيهم الفلاحية. الإنارة العمومية طلب مستعجل لأمن القرية يشتكي أيضا سكان القرية من انعدام الانارة العمومية، مما أدخلهم في عزلة حقيقية في كل المناطق والشوارع بالقرية جراء انعدام الأعمدة الكهربائية، وطالبوا سلطات البلدية بتسجيل مشاريع لتوفير الإنارة العمومية بشوارع القرية قصد تفادي المشاكل الناجمة عن الظلام الدامس في معظم مناطق القرية، مشكلة أخرى يُعاني منها شباب القرية وهي غياب فرص العمل، إذ أن ظاهرة البطالة تفشّت بشكل واسع في صفوفهم، فبلديتهم تفتقر لكل أنواع الاستثمار، ولأجل الحصول على لقمة العيش يمارس البعض منهم المهن الحرة كالعمل في ورشات البناء، والبعض الآخر يمتهنون الفلاحة ويستغلون فرص الشغل الموسمي، كما عبّر شباب القرية عن قلقهم الشديد تجاه مستقبلهم الذي خيّم عليه نوع من الضبابية والغموض، نتيجة غياب فرص عمل حقيقية في القرية خاصة الجامعيين منهم، الذين تحصّلوا على شهادات عليا في تخصصات مختلفة. المشهد الثقافي والرياضي من سابع المستحيلات أما عن المشهد الثقافي والمرافق الثقافية والهياكل التابعة لها فحدّث ولا حرج، إذ يشتكي شباب القرية من التهميش الكبير من طرف السلطات، فلا وجود لدار شباب ولا ملعب، حيث يحتم عليهم التنقل إلى الحقول والمزارع غير المحروثة بحثا عن أوقات للرفاهية، في حين يزاول شباب المدن كل الرياضات في أماكنها المخصصة لكل رياضة، وهذا ما اعتبره هؤلاء تهميشا و"حڤرة" من طرف المسؤولين المعنيين جراء ما يعانيه شباب القرية، ويُطالب هؤلاء السلطات البلدية ومديرية الشباب والرياضة، بإدراج مشاريع يستفيدون منها. وفي الأخير طالب سكان قرية بلنوار التي تعتبر قلعة من قلاع جبهة التحرير الوطني السلطات الولائية، بضرورة النظر الجاد في مشاكلهم الكبيرة عن طريق تخصيص مشاريع إنمائية هادفة تنتشلهم من الوضعية الصعبة التي يعيشونها، والتي انعكست سلبا على حياتهم ودفعت غالبيتهم إلى الهجرة نحو مناطق أخرى بحثا عن مناصب عمل جديدة وحياة كريمة.