الجزائر العاصمة : دخول نفقين حيز الخدمة ببئر مراد رايس    بوغالي يستقبل وفدا عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني    افتتاح الطبعة ال20 من الصالون الدولي للأشغال العمومية : إمضاء خمس مذكرات تفاهم بين شركات وهيئات ومخابر عمومية    مشاركون في يوم دراسي : فرص هامة للشباب الراغبين في الاستثمار في الجزائر    المغرب: احتجاجات المتقاعدين تشعل الجبهة الاجتماعية    الدفاع المدني في غزة : أضرار جسيمة بخيام النازحين بسبب الأمطار    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    قانون المالية 2025: تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين الإطار المعيشي للمواطنين    مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية    القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)        ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 44211 والإصابات إلى 104567 منذ بدء العدوان    الكاياك/الكانوي والباركانوي - البطولة العربية: الجزائر تحصد 23 ميدالية منها 9 ذهبيات    فترة التسجيلات لامتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق يوم الثلاثاء المقبل    غزة: الاحتلال يواصل جرائم الإبادة شمال القطاع    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائرتتوج بالذهبية على حساب الكاميرون 1-0    "كوب 29": التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغير المناخ    مولوجي ترافق الفرق المختصة    الغديوي: الجزائر ما تزال معقلا للثوار    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    قرعة استثنائية للحج    تلمسان: تتويج فنانين من الجزائر وباكستان في المسابقة الدولية للمنمنمات وفن الزخرفة    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    المخزن يمعن في "تجريم" مناهضي التطبيع    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    الجزائر محطة مهمة في كفاح ياسر عرفات من أجل فلسطين    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    47 قتيلا و246 جريح خلال أسبوع    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    معرض وطني للكتاب بورقلة    دخول وحدة إنتاج الأنابيب ببطيوة حيز الخدمة قبل نهاية 2024    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المراحل الحقيقية لعملية الاختطاف
نشر في السلام اليوم يوم 18 - 09 - 2011

قضية مقتل الرهبان السبعة بالجزائر
الجزائر في: الإثنين 12 ربيع الأول 1418 ه
الموافق ل: 17 جويلية 1997 م
أمير الرابطة الإسلامية للدعوة والجهاد
أبو شعيب علي بن حجر
بسم الله الرّحمن الرّحيم
وصلّ اللهم وسلّم على محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين
قضية الرهبان السبعة بالجزائر
إنّ قضية الرهبان السبعة الذين قُتلوا في المدية على أيدي جماعة الجيا، الجماعة الإسلامية المسلّحة، في شهر ماي 1996، بعد اختطافهم أواخر شهر مارس لنفس السنة، أثارت ضجة كبيرة وردود فعل صاخبة داخل الجزائر وخارجها في ذلك الحين، ثمّ طويت الصفحة بسرعة وكأنّ القضية سوّيت في الوقت نفسه.
إنّ رُهبان تيبحيرين بأعلى المدية معروفون في البلدة بقدم ديرهم واشتغالهم بالعبادة والفلاحة الذاتية وبذل العلاج و المداواة لمعظم الناس، وهذا ما جلب احترام الناس لهم في المدية على اختلاف مشاربهم وأعمارهم وإقبال المرضى على أدويتهم وعلاجهم (لأنهم على اتصال دائم بمختلف التطورات الطبية في العالم الغربي حيث تمدّهم المنظمات العالمية و الكنسية بما يحتاجون إليه، وهذا من ضمن برنامجهم العالمي أو الديني كما يعتقدون، حيث يدخلون عوالم الناس بالمساعدات الطبية والمادية والمعنوية لعرض اعتقاداتهم ودينهم) غير أنّ رهبان تيبحيرين على طول مدّتهم هناك، وكثرة خدماتهم الإنسانية للشعب على ما أعلم وأعرفه وما بلغني من السكان المحيطين بهم لم يؤثّروا على تمسّك الشعب بدينه واعتقاده، ولم يُعاديهم الناس لاختلاف الدين وإنّما كان الإحترام متبادلاً وتامّاً، وفي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات حين قرر سكان حي تيبحرين بناء مسجد جامع للصلاة تقدّم هؤلاء الرّهبان لسكان الحي بمساعدة في هذا الميدان تتمثّل في التنازل لهم عن غرفة من الدير يستعملها أهل الحي في الصلوات الخمس حتى يفرغوا من بناء المسجد، فقبل السكان وبالأحرى نقول لجنة بناء المسجد بهذا العرض، وكانوا يُصلّون بهذه الغرفة المُعارة لهم من الرُّهبان ويؤذنون لكلّ الأوقات.
ليلة إعطاء الأمان
في ليلة الرّابع والعشرين أو الخامس والعشرين من ديسمبر 1993م، وهي ليلة الاحتفال بأعياد الميلاد عند النّصارى (أي ليلة عيد ميلاد المسيح عيسى ابن مريم عليه السّلام)، قصدنا دير الرهبان بتبحرين، وذلك من جبال تمزقيدة التي تُطلّ عليهم بقممها الشامخة، وكنّا كالتالي: الشيخ يونس وهو عطية السايح والأخ أيوب(الوناس) من العاصمة، والأخ العيد زياني من قطيطن، و الشيخ عيسى حمزة وهو أكبرنا سنّا من البليدة والأخ ثابت من تمزقيدة، و المتحدّث علي بن حجر كنا ستة، وعندما وصلنا الدير بعد مغرب الشمس وجدناه مُغلقاً، فتسلّق العيد السور وقفز داخل الجنينة وفتح الباب، فرابطت مع الشيخ عيسى والأخ ثابت في الطريق أمام الباب للحراسة ولصرف المارّين من أصحاب الحي بِلُطف بعد أن لحظ بعضهم تحرّكنا، ودلف الشيخ عطية وأيوب والعيد إلى الدير، وقد انتظرنا أكثر من ساعة ونصف الساعة ليعود إلينا الإخوة المذكورين وعلامات الإرتياح بادية على مُحيّاهم مما أشعرنا أنّ التوفيق حالف سعينا، وكان الشيخ عطية قبل ذلك اليوم قد استشارني في هؤلاء الرهبان، فأخبرته بأنّهم مسالمون وهذا ما نعرفه عنهم في المدية ويمكن أن يُعينونا كما أعانوا إخواننا في الثورة الأولى طبياً ومادياً، فقبل هذا الرأي وسعى نحو تحقيقه في هذه اللّيلة كما ذكرت، فلما خرج الإخوة الثلاثة من الدير أقبلوا علينا ونحن في انتظارهم بحراسة المكان يخبروننا ما جرى لهم في الدير من أول دخولهم حتى آخر لحظة فارقوا فيها الرهبان.
لقد طلب العيد وهو أول من دخل الدير من الرهبان الذين وجدهم، أن يجثوا على ركبهم إلى الحائط، وكان رحمه الله لا يعرف اللغة الفرنسية فخاطبهم بكلمات عامّية، فهموها فاستجابوا له وهم فزعون، ولمّا دخل الشيخ عطية وأيوب طالبا من الأخ العيد أن يتأخر قليلاً، وتقدّم فخاطبهم الأخ أيوب بالفرنسية وبلغم أنهم لم يأتوا إلى الدير ابتغاء الشر، وإنّما قدموا في مهمة خيرية، فذهب عنهم الرّوع، واستعادوا وضعهم العادي، وعندها طلبوا من الإخوة أن لا يروّعوا كبيرهم الطبيب الذي كان مريضاً طريح الفراش في غرفة أخرى وقد كبر سنّه، فطمأنوهم ووعدوهم خيرا، وقد وجد الإخوة طاولة حافلة بالطعام والشموع.
حيث كان الرهبان على وشك الإحتفال بتلك الليلة على طريقتهم، ويظهر أنّهم لم يكونوا وحدهم فقد كان ضيفاً عليهم المدعو (نيكولا) ويُسمّي نفسه الجيلالي وهو فرنسي يشتغل أستاذاً بالتعليم الثانوي و الجامعي مؤخراً في المدية، وثلاثة ضيوف آخرين من السّود يإفريقيا وأغلب الظنّ أنّهمم من بوركينافاسو.
ولما حظر الطبيب تحدّث معه الإخوة، فامتنع في أول الحديث عن المساعدة لكنه عاد فاستجاب لطلب الشيخ عطية الذي خاطبه باسم الجماعة الإسلامية المسلّحة بصفته نائب أمير الجماعة جعفر الأفغاني وفي نفس الوقت أمير الكتيبة الخضراء بولاية المدية، وقد عرف الرهبان الشيخ عطية من الجرائد وكلام الناس عنه وأوصافه وخاصة من صوته الأخن (صوت يخرج من الخيشوم) ومن توجيهه بالخطاب إليهم وطاعة المجاهدين الآخرين له. ولكنهم اطمأنوا بعد أن خاطبهم بالفرنسية وأبدى رغبته في مساعدتهم للجهاد بما يستطيعون من مال ومداواة وتقديم الأدوية، فاستجابوا لهذا الطلب ووعدوه بمداواة المرضى والجرحى وتقديم الأدوية إذا لزم الأمر واعتذروا عن المساعدة المالية بأنّ حالهم ليست على ما يُرام ماديا وأنّهم ليس لهم ما يزيد عن حاجتهم، فرضي الإخوة بذلك وأعطاهم الشيخ عطية عهداً بالأمان أي بعدم التعرّض لهم وأنّهم لا يصيبهم سوء من المجاهدين أو الشعب ماداموا عند وعدهم بالتعاون معنا.
هذا العهد بالأمان سمعته بأذني من الشيخ عطية خارج الدير وشهد بذلك الأخَوَان العيد و أيوب وكان العيد قد تعرف داخل الدير على نيكولا المذكور سابقاً فقال للشيخ عطية مناجاةً بينهما هذا هو نيكولا المتعاون مع السلطة في التعليم وليس راهباً، ويمكن اختطافه بناء على ذلك، فرفض الشيخ طلب العيد، ولما خرجوا إلينا على عتبات الدير أخبرني الشيخ بالقضية وأنّه رفض القيام بهذا العمل لأنّهم في عبادة وأنّه قد أعطى لهم الأمان جميعاً (أي جميع من كانوا في الدير) وتمّ العقد، فأيّدته على ذلك وشجّعته على المُضي في هذا الطريق لأنّ المسلمين يوفون بالعقود.
محاولات الجماعة الإسلامية المُسلّحة لنقض العهد وليلة الاختطاف وحيثيات المقتل
لقد حاول بعض المتفقهين من أمراء الجماعة وضُبّاطها الشرعيين تحت إمارة (زيتوني) وحين كنّا ننتمي إليها، أن يُحمّلوا كتيبتنا (كتيبة المدية) على قتل الرهبان بدعوى أنّهم لا أمان لهم ولا عهد، وأنّ الشيخ عطية أخطأ في عقد الأمان لهم بدعوى أنّه لا يجوز ذلك في الشرع، واحتجُّوا أيضاً بأنّ الشيخ عطية الذي أعطاهم الأمان قد مات وبالتالي انتهى ذلك العهد و الأمان
ولم نوافقهم على تلك الدعاوى و الحجج ورددنا عليهم بدلائل من الشرع وبيّنات من أقوال أهل العلم من السلف و الخلف
ولمّا انحرفت الجماعة بقيادة زيتوني بتوجيه وبفتاوى وتعليمات خاطئة، نقضت عهودها وناقضت المنهج القويم فاستباحت دماء وأعراض وأموال المخالفين لها في التوجّه فلم يعُد من الغريب أن تُقدم على تلك الفعلة الشنعاء من اختطاف الرّهبان و قتلهم مادامت قتلت خيار الدُعاة و القادة المجاهدين و أفراد الشعب المتعاملين معها.
ولمّا أحسّت قيادة الجماعة المُنحرفة أنّ كتيبة المدية متفطّنة لألاعيبها ومؤامراتها على القادة و الدُّعاة ووصلتنا أنباء مقتل إخواننا في الوفد الذي بعثنا به إليهم بعد أن غدروا بهم، وعددهم ستّة (نجا منهم واحد فقط عاد إلينا بعد عام من غيابه). لما شعرت جماعة زيتوني بذلك بعثت إلينا تريد التحقيق من موالاتنا لها وطاعتها فطلبت منّا اختطاف الرّهبان من الدّير فرفضنا ذلك وكان أمير سرية القدس التي طُلب منها القيام بهذا العمل هو الأخ العيد نفسه الذي كان حاضراً مع الشيخ عطية عند عقد المعاهدة و إعطاء الأمان، فرفض وردّ الذين جاؤوا إليه لتدعيمه ومساعدته في ذلك العمل الشنيع وحذّرهم من العودة إليه، فما كان الجماعة المُنحرفة إلاّ أن استعانت بكتائب أخرى من البرواقية و وزرة وبوقرة و البليدة وبعض الأفراد من المدية المحسوبين على السلفية وهم أقرب إلى التفكير و الهجرة منهم إلى السلفية الحقة التي نعتزُّ بالإنتماء إلى نهجها اعتقاداً ومنهجاً وسلوكاً، ومُعظم هؤلاء قُتلوا على أيدي جماعة زيتوني قتلة شنيعة حين تفطّنوا مؤخراً إلى انحراف الجماعة وأدركوا إلى أين سيؤول الجهاد تحت رايتها.
أقول استعانت بالكتائب الأخرى وخططت ونفّذت ذلك، ولم نكن نعلم به كما أنّه لم يخطر ببالنا أنّهم سيقدمون عليها بتلك السّرعة إلاّ أن يكون الإعداد مع سبق الإصرار قد تمّ قبل أن يطلبوا منّا ذلك وامتنعنا عنه، فقد عزم إخواننا في الكتيبة في تلك الأيّام على إخبار الرّهبان بما تُدبّره الجماعة المٌنحرفة من محاولات اختطافهم ليكونوا على بيّنة من أمرهم فيبتعدوا أو يطلبوا من السّلطة حراستهم، ولِنوّفّي نحن بعهدنا ونُصبح في حلّ من أمرنا وهذا من واجبات الأمانة و العهد. لكن الجماعة سارعت في تلك الأيام بفعلتها الشنعاء التي لا يُقرّها الشرع و لا يرتكبها من في قلبه مثقال ذرة من مروءة، ولم تكن المصيبة ليلتها على الرّهبان وحدهم فقد اغتيل أيضاً واختطف عدّة شباب من الشعب ولاذنب لهم إلاّ التعاطف معنا إغتالتهم جماعة زيتوني المجرمة وهي تحسِبُ أنّها تُحسنُ صنعا، وتسعى من أجل الحدث الإعلامي
أخيراً نؤكّد أنّ تقريرنا هذا لا نريد من ورائه جزاءاً ولا شكوراً، ولا إطراء أو مساعدة، إنّما نبتغي به إظهار الحق وإبرازه واضحاً للعيان، وللعيون المريضة التي لاترى إلاّ السواد، فقد اجتمع على نفي حقيقة هذا العهد وهذا الأمان مسؤولون في فرنسا و الجزائر ومسؤولون في الكنيسة و رجال من الصحافة و الإعلام، ويُصرّون على نفي هذه الحقائق و تجاهلها.
شهادة سيد علي بن حجر في قضية مقتل الرهبان السبعة
كتب أمير الرابطة للدعوة والجهاد سيد علي بن حجر، كتيبا ضمنه شهادته في قضية مقتل الرهبان السبعة بالجزائر. والكتيب رغم الأهمية التاريخية والمضمون والمعلومات النادرة التي تضمنها لا سيما وأنه كتب في قلب الحدث وشهرين بعد المذبحة الرهيبة التي اهتز لها العالم بأسره. إلا أنه أكبر من أن تتضمنه صفحات الجريدة فكان لزاما علينا أن نقتضب منه الأهم فالأهم وننشره مبتورا من أمور كثيرة لا يسع الباحث والتتبع تجاهلها.
قضية مقتل الرهبان السبعة تعود إلى الوجهة
ما الجديد في شهادات الضابطين السابقين لدائرة الاستعلام والأمن الجزائري؟
أعلنت الجماعة الإسلامية المسلحة التي كان يتزعمها جمال زيتوني في 26 أفريل 1996، مسؤوليتها عن عملية خطف سبعة رهبان فرنسيين من دير تيبحيرين على بعد 7 كلم غرب المدية، واقترحت مبادلة الرهبان بناشطين إسلاميين معتقلين وهددت قائلة: »إذا أفرجتم عن المعتقلين نفرج عن الرهبان وإذا لم تفعلوا سنذبحهم«. وفي 23 ماي 1996، أعلنت الجماعة الإسلامية أنها أعدمت الرهبان في 21 ماي، متهمة الحكومة الفرنسية بأنها لم تحترم المفاوضات، وفي 26 جويلية أعلن مقتل قائدها جمال زيتوني في اشتباك مع جماعة سيد علي بن حجر فاختفى بهذا الشاهد الأول على مقتل الرهبان...
وككل سنة في مناسبات معينة وحسب أجندات محددة تعود مجددا قضية اغتيال رهبان تيبحيرين السبعة في شهر ماي من سنة 1996، إلى التداول من طرف أوساط فرنسية، بعد مزاعم عن تورط الأمن العسكري الجزائري في الجريمة، بخلاف الشهادات السابقة في القضية، والاتجاه العام الذي شهد به العناصر القيادية في الجماعة الإسلامية المسلحة أنفسهم وقيادات في المخابرات الفرنسية كذلك لا شك في نزاهتهم والدرجة العالية من المسؤولية التي يتحلون بها داخل فرنسا مثل الجنيرالان فيليب راندو وإيف بوني. طل علينا هذه المرة الصحفي المقرب من المخابرات الخارجية الفرنسية جون باتيست ريفوار بفيلم جريء، أو أجرأ من ذي قبل »اغتيال الرهبان«، وأسند إليه شهادتين جديدتين. الأولى للضابط السابق في المخابرات الجزائرية كريم مولاي الذي منذ فراره إلى بريطانيا مطلع 2000 أكثر الاتهامات والكلام من غير طائل ولا دليل، متزلفا حينا إلى المغرب باتهامه الجيش الضلوع في تفجيرات الدار البيضاء ومتوددا حينا آخر إلى باريس بمثل هذه الأباطيل التي لا يقيم عليها الأدلة والثاني لرجل يقول أنه من المخابرات وأنه شارك في اختطاف الرهبان. غير أنه لا يظهر وجهه ولا يذكر اسمه لنتعرف عليه مما ينزع منه المصداقية بل ويعرضه من الناحية العلمية والقانونية للريبة والشك الصريحين والمشروعين، لأن النكرة تبقى مبنية للمجهول ولا حظ لها في الظفر بالمصداقية في حال من الأحوال. ولعل الاتهامات الجديدة القديمة لها هذه السنة نكهة خاصة مع سقوط الأنظمة العربية الواحدة تلو الأخرى وبقاء العواصم الغربية تترقب الدور الجزائري في السقوط والذي لم يأت... في وقت أكد مراقبون أن الضغوط السياسية والاقتصادية على الجزائر ترمي إلى التعجيل بهذا السقوط. وعلى الرغم من الشهادة التي قدمها كل من وزير الخارجية الفرنسية آنذاك هرفي دي شاريت، وشهادة مسؤول مديرية حماية الإقليم في المخابرات الفرنسية إيف بوني، التي أكدت بأن الرهبان تم إعدامهم من طرف الجماعات الإسلامية المسلحة بقيادة زيتوني جمال، وأن مسؤولية مقتلهم تتحمله مديرية الأمن الخارجي في المخابرات الفرنسية، بعدما تفاوضت بصفة انفرادية ودون إعلام المخابرات الجزائرية مع مبعوث الجيا داخل مقر السفارة، إلى جانب شهادة الراهب جان بيار وهو واحد من الرهبان الفرنسيين الذين نجوا من الموت في مذبحة تيبحيرين، والذي قدم رواية مختلفة تماما عن تلك الرواية الفرنسية التي تتهم الجيش الجزائري بإطلاق نيران عن طريق الخطأ، مؤكدا أن الرهبان اعدموا من طرف الجماعات الإسلامية المسلحة، إلا أن أوساط فرنسية لا تزال تطعن في كل هذه الروايات وهو الموقف الذي يفسره مراقبون في شأن عدم طي الملف يأتي في إطار مخطط يهدف للضغط على الجزائر وتحقيق أهداف تتجاوز القضاء إلى مسائل سياسية واقتصادية، فالفيلم الجديد لم يقدم أي جديد يذكر أو يعتمد عليه لا من ناحية المضمون ولا من ناحية أهمية الشهود ومصداقيتهم وتبقى الغلبة في الحجة لليقينيات لا للظنيات كما يقول علماء الأصول...
الشهادات الفرنسية »إيف بوني« مدير الأمن الإقليمي الأسبق :
»قاتل الرهبان الفرنسيين هو جمال زيتوني لا غير«
أكد إيف بوني، المسؤول السابق للمخابرات الفرنسية، السنة الماضية ردا على كلام الجنرال بوشوالتر أن مقتل رهبان تبحرين قد وقع فعلا بالطريقة والكيفية والحيثيات كما جاء في الرواية الرسمية للسلطات الجزائرية. وقال بوني، الذي كان على رأس مديرية حماية الإقليم في منتصف الثمانينيات وتتبع عن علم وكثب مجريات اختطاف الرهبان لعلاقاته المتميزة مع الجنرال إسماعيل العماري، إن السلطات الجزائرية كانت قد بذلت قصارى جهدها لتحرير الرهبان السبعة بتبحيرين، وكانت قد اقترحت على السلطات الفرنسية مواصلة البحث عن جثث الرهبان بعدما تم العثور على رؤوسهم، غير أن الجانب الفرنسي فضل وقف عملية البحث. وتعجب إيف بوني من الاتهامات الفرنسية ومن رواية الجنرال الفرنسي بوشوالتر، الذي رأى أن مقتل الرهبان يكون قد وقع عن طريق الخطأ نافيا نفيا قاطعا احتمال إطلاق النار على الرهبان من على طائرة عمودية دون إصابة رؤوس الضحايا، وشدد النكير على تصريحات الجنرال الفرنسي المتقاعد بجدوى إخفاء الأجساد دون الرؤوس على فرض صحة ما صرح به الجنرال.
شهادات من داخل »الجيا«:العضو المؤسس للجماعة الإسلامية المسلحة »عمر شيخي« يدلي بشهادة لله ثم للتاريخ :
»جمال زيتوني هو قاتل الرهبان الفرنسيين سنة 1996«
قال عمر شيخي أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية المسلحة في حديث خص به »السلام اليوم«, إن المتاهات التي دخل فيها الجدال بخصوص مقتل الرهبان السبعة هي من قبيل اللغو والعبث بالحقائق وإلا فإن مقتل الرهبان كان على يد الأمير جمال زيتوني المعروف باسمه »ابو عبد الرحمن أمين, وهذا أمر معروف لدى الخاص والعام ومفروغ منه«. وقال المؤسس السابق للجماعة الإسلامية المسلحة إن هذا الحادث سيبقى وصمة عار في جبين الجماعة وهذا الكلام قلناه في حينه لجمال زيتوني كما قلنا له إن الجماعة أصبحت بهذا الفعل غادرة وغادرة ولن يؤتمن جانبها بعد اليوم, لأن الرهبان كان لهم علينا »عهد أمان« من وقت السايح عطية نائب الأمير سنة 1993 والذي أعطى الأمان للرهبان بشرط أن لا يدعوا الناس إلى المسيحية». وحسب شيخي فإن جمال زيتوني حينها كان يعاني من الهزائم وتدهور الحال فأراد القيام بأمر يرد به بريق الجماعة وكان منقطعا في جبال المدية لم يدخل إلى العاصمة إلا مرة واحدة زار فيها أهله في بئر خادم, وكان يتنقل بنوع من الحرية لأنه لم يكن يشبه الصورة التي يعرفها الأمن والإعلام والتي هي صورة قديمة يرجع تاريخها إلى سنوات المعتقلات الجنوبية في مطلع التسعينيات. وكانت حاشية جمال زيتوني حينها تتكون من أمثال رضوان ماكادور وأبو ريحانة فريد عشي وعنتر زوابري وعبد الصمد وغيرهم ممن زينوا له الاختطاف لما تم اغتيال الرهبان, كنا من الجماعة التي لامته كثيرا وقلنا له أنه نزل بالخزي والعار على الجماعة لأنه هاجم شيوخا مسالمين لهم علينا عهد الذمة ...
الجنيرال »فيليب راندو« منسق الأمن الإقليمي وقت الإختطاف :
»القاتل واحد ومعروف ومحدد لدينا.. إنه جمال زيتوني أمير الجماعة الإسلامية المسلحة«
لعل فيليب راندو من أبرز رجال المخابرات الفرنسية على الإطلاق. فهو عمل في مديرية أمن الإقليم الدي أس تي وعمل في المديرية العامة للأمن الخارجي وهما جهازان جد متنافسان ومتنافران في فرنسا، كما عمل مستشارا في وزارات يمينية وأخرى يسارية في الحكومة الفرنسية كما شارك في حكومة بيار جوكس في إنشاء الأمن العسكري الفرنسي. وهو إلى هذا أحد المختصين في العالم العربي والمعترف لهم بالمعرفة الكبيرة للجماعات الإرهابية لا سيما الجماعة الإسلامية المسلحة. ويعتبر أيضا المسؤول عن توقيف الإرهابي العالمي كارلوس كما.
بخصوص القضية التي نحن بصددها يقول الجنرال فيليب راندو في شهادته سنة 2010 أمام القاضيين مارك تريفيك وناتالي بو: إن جماعة موالية لجمال زيتوني إن لم يكن زيتوني نفسه هم من قام باختطاف الرهبان الفرنسيين ثم قتلهم ولعل المصالح الأمنية حاولت في وقت من الأوقات التوغل في وسط الجماعات المسلحة، ولكن كان ذلك لغرض ضربهم من الداخل وتفجير بنيتهم الداخلية فحسب. وأضاف..أنا ليس لي أدنى دليل في تورط المخابرات الجزائرية في عملية الاختطاف بل كل ما أعلمه وأحيط بحيثياته هم يد الجيا الواضحة في هذه القضية.
شهادة سيد علي بن حجر أمير الرابطة الإسلامية للدعوة والقتال :
»الجماعة قامت بفعلة شنعاء لا يقرّها الشرع ولا يرتكبها من في قلبه مثقال ذرة من مروءة«
لما انحرفت الجماعة بقيادة زيتوني نقضت عهودها وناقضت المنهج القويم فاستباحت دماء وأعراض وأموال المخالفين لها في التوجه، فلم يعد من الغريب أن تقدم على تلك الفعلة الشنعاء من اختطاف الرهبان وقتلهم مادامت قتلت خيار الدعاة والقادة المجاهدين وأفراد الش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.