دعا أمس الحزب الاشتراكي الفرنسي الرئيس نيكولا ساركوزي إلى الاعتراف بالأحداث المأساوية التي صاحبت مظاهرات 17 أكتوبر بباريس، أين أبادت شرطة موريس بابون مئات الجزائريين الذين خرجوا في مسيرة سلمية للاحتجاج على قرار حظر التجوال العنصري والمطالبة بالاستقلال، وأوضح أن هذه الخطوة ضرورية للمصالحة بين الشعبين الفرنسي والجزائري والتوجه نحو مستقبل أفضل في علاقات البلدين. وأكد بيان للحزب الذي يعد ثاني قوة سياسية في فرنسا إن الحزب الاشتراكي يطالب بضرورة اعتراف فرنسا بصفة رسمية بهذه الأحداث المأساوية وتسهيل وصول المؤرخين إلى الأرشيف لتكريس العدالة ومعرفة الحقيقة. وأوضح البيان أنه منذ 50 سنة قامت شرطة موريس بابون بعملية قمع غير مبررة ووحشية لمظاهرة سلمية لجزائريين خرجوا للمطالبة بالعدالة واستقلال بلادهم وكانت الحصيلة مأساوية منها آلاف المعتقلين ومئات القتلى. ويتابع البيان أن هذه الصفحة القاتمة من تاريخنا تم تجاهلها أو تغييبها لوقت طويل وقد حان الوقت لبلادنا للاعتراف بأفعالها لتحدد المسؤوليات، كما حان الوقت لبلادنا لرد الاعتبار لهؤلاء الضحايا. وأضاف بيان الحزب الاشتراكي الذي اعتلى مؤخرا لأول مرة في تاريخ فرنسا رئاسة مجلس الشيوخ إن هذا الاعتراف من شأنه تحقيق تقدم في مسار المصالحة بين الشعبين الفرنسي والجزائري التي تعد أساسية لبناء علاقات جديدة وفتح صفحة نحو مستقبل مشترك. وكان النائب الفرنسي دانيال غولدبرغ قد دعا صراحة الرئيس نيكلا ساركوزي إلى الاعتراف بمجازر 17 أكتوبر بالطريقة التي يراها مناسبة في إطار المسؤولية الجماعية للفرنسيين للتخلص من جرائم الماضي. وفي نفس السياق أعلن أمس المحامي علي هارون العضو في فدرالية جبهة التحرير الوطني التاريخية لفرنسا أنه سلم مجموعة من الوثائق المرقمة تروي مظاهرات 17 أكتوبر 1961 حسبما أكده شخصيا في منتدي المجاهد. وأوضح هارون أن حوالي 100 شهادة و117 تقرير حول الأحداث المأساوية ل17 أكتوبر 1961 قد تم الحصول عليها من مواطنين جزائريين شاركوا في هذه المظاهرات، وقام بتسليمها إلى الأرشيف الوطني وإلى رجال الصحافة بعد المحاضرة. وأضاف الأستاذ هارون أنه قام قبل ذلك بتسليم لنفس مصلحة الأرشيف الوطنية مجموعة من الوثائق تزن حوالي 300 كيلوغرام لفدرالية فرنسا التاريخية لحبهة التحرير الوطني. وقال علي هارون في منتدى المجاهد حيث تطرق لهذه الأحداث إن المظاهرة التي كانت سلمية قد عبأت 50.000 جزائري وتم قمعها بكل قسوة من قبل شرطة بابون أسفرت عن عدة قتلى وجرحى بين المتظاهرين. وأكد أن قيادة الثورة الجزائرية كانت قد أعلنت في ذلك الوقت عن أكثر من 200 قتيل وتم اعتقال 11.500 شخص، معتبرا أن مظاهرات 17 أكتوبر 1961 قد دخلت التاريخ بنفس الزخم وربما أكثر من ذلك الذي ميز مظاهرات 11 ديسمبر 1960 في العاصمة الجزائرية، ليس من حيث عدد الضحايا ولكن نظرا للمكان الذي وقعت فيه، حيث كان لها صدى إعلامي منقطع النظير.