اختتمت بداية الأسبوع الجاري فعاليات وعدة بني صميل بدائرة أولاد الميمون شرق ولاية تلمسان، والتي استمرت يومين كاملين، وعرفت تنافسا كبيرا بين مختلف الفرق الفلكلورية المشاركة في هذه التظاهرة الثقافية الشعبية، التّي دأبت البلدية على تنظيمها والتّي تعود إلى عشرات السنيين. وقد استقطبت الوعدة هذه السنة آلاف المتفرجين والسكّان والباحثين من مختلف جهات الوطن، وحتى المغتربين الذين تسابقوا لأخذ صور تذكارية تخليدا لهذه المناسبة السنوية التّي تنطلق مع بداية كل موسم خريف، وكانت المناسبة كبيرة لمختلف الباعة المتجولين والتجار الذين فرضوا منطقهم، كما كانت الفرصة مناسبة للتضرع للمولى عزّ وجل من أجل إنزال الغيث وإحلال السلام في مختلف ربوع الوطن، والدعاء لراعي الأمة بالصلاح. ويُعتبر موسم بني صميل واحدا من المواسم التي تُشد إليها الرحّال .. ففي هذا الموسم يتّم الصلح بين الناس والمتخاصمين، ويُقدم الطعام للمساكين، كما تقام تظاهرات ثقافية مختلفة على غرار سهرات شعرية لأكبر وأحسن الشعراء بالمنطقة، فضلا عن الاستمتاع برقصات العلاوي التي تشتهر به منطقة سيدي الجلالي وسبدو، والعريشة، والقور، بتلمسان، وابن بالديس وسيدي الجلالي، وديسكار ببلعاس، والاستمتاع بالفنتازيا وركوب الخيل. وتهدف الوعدة حسب الباحث المختص في التراث الشعبي، قيداري قويدر، إلى رد الاعتبار لسيرة الولي الصالح والانتفاع بذكرياته وتجربته وتاريخه الحافل بالبطولات الشعبية، فضلا عن كونها فرصة لتجمع شعبي حاشد للأفراد والأسر والعشائر فيكون بذلك تحقيق صلة الرحم بين الناس والتعاون على البر والتقوى، وفض النزاعات والخصومات، والانتفاع بمواعظ مشايخ الدين من علماء وفقهاء إضافة إلى إخراج الصدقات. فموسم تكريم الولي لا يزال يمثُل مهرجانا شعبيا ومنبرا للكلمة الطيبة وفضاء لحلقات الذكر تتداخل فيه الجوانب الاجتماعية والثقافية والترويحية كالشعر الملحون ورقصة لعلاوي و(الفنطازيا)، إضافة إلى كونها لقاء تجاريا ينشط الحركة الاقتصادية للمنطقة، وقد عرفت الوعدة هذه السنة حضورا قويا لمختلف القبائل والعشائر من مختلف مناطق ولاية تلمسان وحتى من خارج الولاية والذين قضوا ساعات لا تنسى وهم يتمتعون بمختلف العادات والتقاليد التي لاتزال راسخة إلى يومنا هذا رغم العصرنة والتكنولوجيا.