إستجابت مصالح الأمن الجزائرية لمطلب الأمن المعلوماتي ومحاربة التهديدات الأمنية الناجمة عن الجرائم الإلكترونية من خلال إنشاء المصلحة المركزية للجريمة الإلكترونية التي عملت على تكييف التشكيل الأمني لمديرية الشرطة القضائية وفي السياق، كشف عميد الشرطة مصطفاوي عبد القادر رئيس المصلحة المذكورة في ركن روبورتاج المنشور بمجلة الشرطة في عددها الأخير والمنجز من قبل حسين خوجة ملازم أول للشرطة وسحواد نسيمة ،أن المصلحة " كانت عبارة عن فصيلة شكلت النواة الأولى لتشكيل امني خاص لمحاربة الجريمة الإلكترّونية على مستوى المديرية العامة للأمن الوطني والتي أنشأت سنة 2011 ،ليتم بعدها إنشاء المصلحة المركزية لمحاربة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والإتصال بقرار من المدير العام للأمن الوطني وأضيف للهيكل التنظيمي لمديرية الشرطة القضائية في جانفي 2015" . قضية مع مكتب التحقيقات الفدرالية أول الملفات المعالجة وبخصوص أول قضية عالجتها المصلحة ، قال مصطفاوي" كانت قضية ذات بعد دولي وقعت في نهاية سنة 2009 على إثر بلاغ من مكتب التحقيقات الفدرالية أف . بي.أي ،وتنقل ممثلين عنهم لتقديم بلاغ إلى السلطات الجزائرية بسبب تعرّض شركة أمريكية إلى عملية قرصنة بخصوص بيانات بنكية،وتبيّن من التحقيق أنها منظمة إجرامية تنشط في مجال الإختراق والقرصنة ولها شريك في الجزائر ،وبعد وصول البلاغ الأجنبي تم توجيه الملف إلى مصالح مديرية الشرطة القضائية فشكلنا فوج للتحقيق متكون من ثلاثة عناصر،ورفعنا التحدي ،حيث أسفرت التحريات المكثفة عن تحديد مكان وهوية الشخص الذي اتضح أنه يقطن بإحدى ولايات الشرق الجزائري،تمكنا من إثبات كفاءة الشرطة الجزائرية بتحديد هويته وتقديمه للعدالة ". وأضاف بخصوص قضية أخرى " بعد شهر تلقينا بلاغ أخر في قضية مماثلة تتعلق بتعرض بنك كندا إلى اخترا وسحب مبلغ مالي قدر ب200 مليون دولار،أحد المتورطين مواطن جزائري، وتمكنا أيضا من إثبات جدراتنا بفضل العزيمة وكفاءة الشرطة المتخصصة بتحديد هوية ومكان إقامة المشتبه فيه وتم تقديمه إلى العدالة "،وهي القضايا التي جعلت مديرية الأمن الوطني تعمل على تكييف مصالح الشرطة مع هذا النوع الجديد من الجرائم. ومن التحديات التي واجهت مصالح الأمن إيجاد محققين متخصصين بالتكفل في الشكوى المتعلقة بالجريمة الإلكترونية على مستوى أمن الولايات ،يضيف مصطفاوي في هذا الشأن " كانوا يتكفلون بالشكاوى وبلاغات المواطنين،على أن تتكفل المصالح المركزية بتوجيه المحققين والتنقل في بعض الأحيان عند الضرورة لإجراء التحقيقات ". وفي المرحلة الثانية من تشكيل المصلحة المركزية لمكافحة الجريمة الإلكترونية ،" تم توسيع التشكيل الأمني بتكوين فصائل على مستوى أمن الولايات 48،حيث قمنا بعملية إنتقاء ل 100 عنصر شرطة ممن تتوفر فيهم شروط الميول، الكفاءة، الإطلاع الدائم على التكنولوجيات الحديثة ،الأنترنيت وشبكات التواصل الإجتماعي، أسفرت عن استحداث 48 فصيلة تابعة للمصالح الولائية للشرطة القضائية لأمن الولايات" . التكوين المتخصّص لبلوغ الأهداف ولتحقيق الإحترافية، أخذت المديرية العامة للأمن الوطني بعين الإعتبار التكوين المتخصّص مع اقتناء أحدث الوسائل والمعدات المستعملة في التحقيقات الجنائية،حيث أشار عميد الشرطة إلى " برمجة 10 دورات تكوينية بالداخل في مجال التكنولوجيات الحديثة وتقنيات التحقيق من بداية سنة 2007 إلى غاية 2014 بمشاركة خبراء أجانب وجزائريين لفائدة 402 شرطي،في حين استفاد أربعة إطارات من ثلاث دورات تكوينية بالخارج". وأبرز مصطفاوي الجهود النوعية لمحاربة الجريمة الإلكترونية في معالجة قضايا تتعلق بالمساس بالأشخاص،التشهير،والقذف،جرائم المساس بأنظمة الحاسب الآلي ،اختراق الأنظمة المعلوماتية،الإطلاع على وتحريف البيانات،الجرائم التقليدية التي تستعمل في التكنولوجيات كالتهديد،الإحتيال،نشر،تحميل وحيازة محتويات خاصة بإباحية الأطفال، حيث تمت معالجة 245 قضية سنة 2014 تتعلق بالمساس بالأشخاص ب 168 قضية، و49 قضية تتعلق بالإعتداء على سلامة الأنظمة،في حين عرفت الأشهر الأولى من السنة الفارطة معالجة409 قضية ،كما تمت معالجة 11 قضية تتعلق بما يصطلح عليه الإرهاب الإلكتروني وتسعة قضايا تتعلق بإباحية الأطفال وبلغت نسبة معالجة القضايا 65 بالمائة . الجانب القانوني يجرّم تغيير أو تعطيل الأنظمة واستعرض مصطفاوي في ذات الموضوع الشقّ القانوني لمكافحة الجريمة الإلكترونية على غرار" ما جاء به قانون العقوبات سنة 2004 من تجريم كل سلوك يؤدي إلى الدخول غير المشروع ،تغيير وتعطيل الأنظمة المعلوماتية،إضافة إلى القانون الخاص 09/04 المؤرخ في 5 أوت 2009 المتضمن مجموعة من الإجراءات الخاصة بالجرائم المعلوماتية"،كما كرّس ما يعرف ب "التفتيش الإلكتروني". فضلا على إنشاء هيئة وطنية للوقاية من جرائم تكنولوجيات الإعلام والإتصال سنة 2007 التي أعلن عنها المرسوم الرئاسي الصادر في شهر اكتوبر 2015 والتي تعمل تحت إشراف ومراقبة لجنة مديرة يترأسهال وزير العدل،وتتضمن أعضاء من الحكومة،مسؤولي مصالح الأمن وقاضيين اثنين من المحكمة العليا يعينهما المجلس الأعلى للقضاء. كما استعرض رئيس المصلحة الإطار الدولي من أجل محاربة الجريمة الإلكترونية نظرا لطبيعة الجريمة العابرة للحدود، ويتعلق ب"اتفاقية واحدة تتمثل في اتفاقية بوداباست التي تم إبرامها سنة2001 وصادقت عليها الدول الأوروبية وهي اتفاقية لها مزايا كونها تسمح بتبادل المعلومات بصفة فعالة "،يفصّل " من جهتها صادقت الجزائر على اتفاقية عربية لمكافحة الجرائم المعلوماتية سنة2014 ،كما تجدر الإشارة إلى أن المديرية العامة للأمن الوطني قدمت مقترحا للسلطات العليا في البلاد لدراسة إمكانية المصادقة علة اتفاقية بوداباست"،كما تطرق رئيس المصلحة لمسرح الجريمة الإلكترونية ومخاطر الأنترنيت بين سوء الإستعمال والجريمة المنظمة . نشر فيديوهات إرهابية أو التعليق عليها ممارسات مجرمة قانونيا مراقبة محادثات عبر مواقع مشبوهة تحبط التحاق شباب بالإرهاب أكّد مصطفاوي عبد القادر رئيس مصلحة المركزية لمكافحة الجريمة الإلكترونية أن كل المنظمات الإرهابية تستعمل الأنترنات اليوم للدعاية والتشهير بالعمليات التي تقوم بها حتى يكون لها صدى عالمي ، يضيف "باتت الجماعات المسلحة تتخّذ من الفضاء الإلكتروني مجالا لزرع الإفكار المتطرفة ذات الأبعاد السياسية والعقائدية ودفع واستدراج مختلف الفئات لاسيما الشباب نحو الأعمال الإجرامية وتكريس ثقافة العنف في المجتمع" واشار أن" مصالح الشرطة بتتبع محادثات بعض الشباب الجزائريين على بعض المواقع المشبوهة التي تستعمل للتجنيد،وبفضل اليقظة الدائمة لمحققي الشرطة،تم افشال مخطط هذه المنظمات بتوقيف هؤلاء الشباب قبل مغادرتهم التراب الوطني" مشيرا أن "هذا النوع من القضايا له الأثر البالغ في الحدّ من تفاقم هذا النوع من الجرائم بفضل معالجتها وتناولها من قبل الإعلام" ودعا مصطفاوي إلى "العمل على توعية مستعملي الأنترنيت بأن الفضاء الإفتراضي هو كذلك فضاء محمي بموجب القانون وأن مصالح الأمن تتدخل لحماية المواطن في هذا الفضاء،كما يجب تكريس هذه الثقافة القانونية في المجتمع لا سميا ما تعلق بالإشادة بالأعمال الإرهابية"، موضحا أنه "بمجرد وضع فيديو له علاقة بالإشادة بأعمال إرهابية أو تبادله مع الغير يعتبر مخالف للقانون ،وحتى التعليق عليها مهما كان هذا التعليق". الجريمة الإلكترونية ..من يد الهواة إلى خطة حرب سلطت مجلة الشرطة في عددها الأخير في اطار سلسلة الروبورتاجات التي تنجزها الضوء على موضوع الجريمة الإلكترونية من خلال تعريف الجريمة الإلكترونية ووصفها بهدف المساهمة في التحسيس من الأخطار التي تحدق بمستعملي كل الأجهزة المعلوماتية بالإضافة إلى أبرز الجهود الإستباقية التي تبدلها قيادة الأمن الوطني لضمان أمن الأفراد وحماية الممتلكات في العالم الإفتراضي . وعرفّت المجلة الجريمة الإلكترونية على أنها كل فعل عمدي ينشأ عن الإستخدام غير المشروع لتقنية المعلومات بهدف الإعتداء على الأموال المادية أو الحياة الخاصة للأشخاص. كّبدت الجرائم الإلكترونية الشركات العالمية خسائر بقيمة 800 مليار دولار أمريكي،وهو مؤشر على ارتفاع معدّلات الهجمات الرقمية إلى مستويات غير مسبوقة. وخرجت جرائم الأنترنيت من يد الهواة وأصبحت تشكّل خطة حرب تستلزم المواجهة الحقيقية بموجب قوانين صارمة وإجراءات محكمة ومتطورة . كما تطرّقت المجّلة في هذا الشأن إلى المراحل التي مرّت بها جرائم الأنترنيت تماشيا مع تطور التقنية واستخدامها وحدّدتها في مرحلتين ،الأولى ارتبطت بظهور استخدام الكمبيوتر وربطه بالشبكة في الستينات إلى السبعينات ،أين تمّت معالجة هذا النوع من الجرائم في شكل مقالات صحفية تتحدث عن التلاعبات بالبيانات والمعطيات. والمرحلة الثانية التي كانت في فترة التسعينيات أين كان هناك تطور هائل في مجال الجرائم المعلوماتية وأصبحت مواقع الأنترنيت التسويقية النشطة أكثر عرضة للهجمات التي ظهرت بسببها أنماط جديدة من الجرائم.
هذا و عرجت المجلة على أبرز قضايا الجرائم الإلكترونية المسجّلة عبر العالم في فترة الثمانينات منها قضية موريس الشهيرة أين تم نشر فيروس إلكتروني عرف بدودة موريس عبر آلاف الكمبيوترات،وفي سنة 1995 كان هناك هجوم آخر أدى لوقف عمل الأجهزة الأصلية وتشغيل أخرى وهمية ،كما برزت قضية الجحيم العالمي الذي اختص بها مكتب التحقيقات الفدرالية لتمكنها من اختراق موقع البيت الأبيض الأمريكي، لتليها حوادث أخرى على غرار شركة اوميغا وفيروس مليسا.