دعا عبد القادر مصطفاوي، رئيس المصلحة المركزية لمكافحة الجرائم المعلوماتية بمناسبة إشرافه مؤخرا على تنشيط محاضرة بجامعة الجزائر "أبو القاسم سعد الله"، بمناسبة الأيام الإعلامية التي تقوم بها المديرية العامة للأمن الوطني، إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر عند التعامل عبر العالم الافتراض، مشيرا إلى أن الجزائر بالمقارنة مع غيرها من الدول لم تسجل أي نوع من الجرائم الإلكترونية المعقدة. قال في بداية مداخلته بأن العالم الافتراضي اليوم أصبح يمثل العالم الموازي للعالم الحقيقي، إذ يحوي الكثير من السلوكات السلبية التي تأخذ شكل الجريمة، ولعل من أهم هذه الجرائم بالنظر إلى القضايا المعالجة قضايا المساس بشرف الأشخاص من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، مثل القذف والسب والتشهير بالغير وكلها قضايا تمس بشرف الأشخاص، وهناك نوع آخر يضيف "من الجرائم تسمى الجرائم الإلكترونية البحتة، وهي تلك التي تمس بالأنظمة المعلوماتية والمتعلقة بالقرصنة والمتمثلة في قرصة المواقع الإلكترونية من أجل حذف أو تعطيل المواقع أو قرصنة قواعد المعطيات للحصول على المعلومات الخاصة بالشركات أو المؤسسات المالية كالبنوك، مشيرا إلى أن الجزائر وإلى حد الآن لا تشهد عددا كبيرا من هذا النوع من الجرائم بالنظر إلى عدم وجود بنوك تقدم خدمات عن طريق الأنترنت، لكن حتما يؤكد "سوف نصل إليه بحكم أننا ننتمي إلى هذا العالم المعلوماتي". من بين الجرائم الإلكترونية التي أخذت تستفحل في المجتمع ظاهرة الاحتيال عبر الأنترنت، وكذا ظاهرة إفساد اخلاق القصر وإباحية الأطفال، حيث يتعلق الأمر، حسب المحاضر، بنشر الصور الإباحية أو تحريض القصر على فساد الأخلاق من خلال المحادثات مع القصر في مواضيع جنسية وغير أخلاقية، وهو ما يعاقب عليه القانون باعتباره جنحة، يقول المحاضر مصطفاوي. استحداث فصائل متخصصة لمحاربة الجريمة الإلكترونية وحول المجهودات التي تبذلها مصالح الأمن في مواجهة والتصدي لكل أشكال الجريمة الإلكترونية، قال رئيس مصلحة مكافحة الجريمة "إن مصالح الأمن بادرت بتكوين المحققين بصورة منتظمة في الشرطة القضائية، حيث تم الانطلاق في عملية التكوين بمجرد صدور القانون المتعلق بالجرائم الإلكترونية سنة 2004، حيث تم التنبه إلى خطورة مثل هذه الجرائم، غير أن الانطلاقة الحقيقية في مجال التكوين كانت سنة 2010، إذ تم تسطير برامج مكثفة تبعتها إجراءات أخرى تعلقت بإعادة تنظيم مصالح الشرطة، وتم اليوم وعلى مستوى التراب الوطني استحداث فصائل متخصصة لمكافحة الجرائم المعلوماتية، بالتالي تمكين المواطنين من التقرب على مستوى ولاياتهم إلى هذه الفصائل لإيداع الشكاوى المتعلقة بالجرائم الإليكترونية أياّ كان نوعها، فيما تم تنصيب الفصيلة المركزية لمكافحة الجرائم المعلوماتية على مستوى العاصمة، حيث تتكفل بمتابعة الجرائم المعقدة وتقديم الدعم لمختلف الفصائل الولائية. من بين البرامج التي تبنتها مصالح الأمن الوطني في مكافحة الجريمة الإليكترونية، حسب المحاضر، تمثلت في الأنتربول الذي ساعدنا يقول "كآلية أمنية في حل القضايا من خلال تبادل المعلومات مع مختلف الدول باعتبار أن الجريمة الإليكترونية عابرة للحدود والقارات، حيث ترتكب من دولة إلى دولة ببساطة، بالتالي نحتاج في عملية المكافحة إلى تعاون دولي في المجال. من جهة أخرى، تحدث المحاضر عن هيئة جديدة أنشئت بموجب قانون عام 2009، في حين تم تتصيبها في أواخر سنة 2015 على مستوى وزارة العدل، يتمثل دورها في وضع الإستراتيجية الوطنية للوقاية من الجرائم المعلوماتية بحكم أن للمتعامل في مجال الشبكة العنكبوتية طابع تجاري، بالتالي لا يمكنه مراقبة كل المواقع الإباحية أو المتطرفة. رغم وعي المواطن، تقديم الشكوى يأتي دائما متأخرا وحول مدى وعي المواطنين بأهمية التبليغ حول مختلف الجرائم المعلوماتية، قال المختص في الجريمة الإلكترونية "إنه ومن خلال الحملات التحسيسية التي كانت مصالح الأمن قد بادرت بها، أصبح المواطن أكثر وعيا وأدرك أنه في حال ما إذا تعرض لأي نوع من الاحتيال أو ما شابه من الجرائم ما عليه إلا التقرب من المصالح الأمنية للتبليغ، موضحا أنه يجري تلقي العديد من الشكاوى، ورغم كثرتها نعتقد أن ما يعرض لا يعكس العدد الصحيح بحكم أن المواطنين يتأخرون دائما في التبليغ لعدة أسباب، منها الخوف أو التهاون، وهذا ما يؤثر على سير التحقيق لأن عدم التبليغ في الوقت المناسب يجعل بعض أثار الجريمة تختفي، لذا نؤكد في كل مرة على ضرورة أن يبادر المواطن الذي كان ضحية لأي نوع من الجرائم الإليكترونية أن يسارع للتبليغ ورفع شكوى بهدف معاقبة المجرم. ولمعرفة مدى خطورة الجرائم الإليكترونية في الجزائر بالمقارنة مع الدول الأوروبية، أشار المختص في الجريمة الإلكترونية، إلى أن الجزائر لا تزال بعيدة عن مواجهة الجرائم المعقدة التي سيكون مصدرها فتح المجال للتجارة الإلكترونية التي تسير بوتيرة ثقيلة في مجتمعنا، حيث يجري عرض السلع، غير أن الدفع الإلكتروني غير جار، وبالتالي ننتظر عند تطور البيع عبر الأنترنت أن تظهر بعض الجرائم، بالتالي نحن لا نزال نشهد عددا قليلا من هذه الجرائم بحكم أن الدول المتقدمة كانت سباقة إلى توسيع مجال التعامل عبر الأنترنت في مختلف خدماتها. وحول الفئة المتورطة في مثل هذا النوع من الجرائم، أشار المحاضر إلى أن المجرمين عادة هم أشخاص متعودون على استعمال هذا العالم الافتراضي ونقصد بالتحديد الفئة الشابة التي يمكن القول بأنها كبرت مع التكنولوجيا وتملك فضولا كبيرا للإبحار فيها، من أجل هذا نطالب بضرورة تعليم مستعمل التكنولوجيا الكيفية الصحيحة والآمنة للإبحار في هذا العالم الافتراضي لتجنب أضرارها، لذا من الأفضل التوعية من مخاطر الأنترنت من خلال التعاون مع المنظومة التربوية بإدراج المواد المتعلق بالاستعمال الجيد للتكنولوجيا، مشيرا إلى أن الأولياء أيضا مدعوون لممارسة الرقابة الأبوية على ما يتصفحه أولادهم من خلال تنظيم وقت استعمال الأنترنت.