نتائج الفصل الدراسي الأول, أفرحت بعض الأولياء ممن حاز أبناءهم على أعلى النتائج, بينما اعتلت موجات الغضب والحسرة وجوه أولياء لم تصل معدلات أبنائهم أدناها المتوسط, في حين لا يرضى آخرون إلا بمعدل معين, ما جعل بداية العطلة المدرسية لدى بعض الأطفال يميزها النكد والعقوبات المسلطة التي من شأنها الحد من العزيمة أكثر منها فرصة لاسترجاع النشاط. وجوه مبتسمة وأخرى مكشرة خرجت من مختلف المدارس التعليمية على اختلاف أطوارها بعد تسلمهم كشوف نقاط الفصل الأول نهاية هذا الأسبوع, وكل منهم يتوعد ابنه بمكافأة أو عقوبة. قد تكون ردود أفعال طبيعية من أولياء قدموا الكثير لأبنائهم لا لشيء سوى أن يدرسوا جيدا, ولكن خابت آمالهم لسبب أو لآخر, تقول نسيمة عن ابنها الذي تحصل على معدل ثلاثة من عشرة: «وفرت كل شيء لابني الذي يدرس في السنة الثانية ابتدائي,ك نت أساعده في المراجعة, وفي كل مرة يجري فيها امتحانا لا أنام إلا بعد أن أتأكد أنه راجع كل دروسه, وكان يقول أنه اجتاز الامتحان بنجاح, ولكنني تفاجأت بمعدله الكارثي». «نتائج ابنتي تتراجع مع كل سنة», تقول إحدى الأمهات التي سجلت تراجعا كبيرا في مستوى ابنتها من سنة إلى أخرى, تضيف متأسفة :»كان معدلها لا يقل عن سبعة من عشرة لما كانت في الثالثة ابتدائي, ولكن عاد وانخفض خلال هذه السنة إلى خمسة رغم أنها مواظبة على دراستها, ولكن يوم الامتحان لا أدري ماذا يصيبها؟». «لا أرضى بمعدل يقل عن ثمانية من عشرة» تقول ليندة التي انفجرت غضبا في وجه ابنتها التي لطالما تحصلت على أعلى المعدلات مقارنة مع أقرانها ولكنها تراجعت خلال هذه السنة إلى المرتبة الثالثة ما جعل أمها تتوعدها بعقوبة قاسية. صاحب أحسن معدل.. نعمة أم نقمة؟ هذا ويلاحظ ذلك التنافس الكبير بين بعض الأولياء حول النتائج التي يتحصل عليها أولادهم, فكل واحد منهم يريد أن يكون ابنه الأول على صفه, وقد لا يرضى إلا بذلك, ما يضع بعض التلاميذ في موقف حرج مع نهاية كل فصل, تقول أم أسماء التي تحصلت على معدل تسعة ما أهلها لنيل الرتبة الأولى أن ابنتها مواظبة على الدراسة, خاصة وأنها تتنافس مع زميلتها على المركز الأول, وهذا ما أثار سخط أم منافستها التي تقول أن ابنتها لم تكن بعيدة جدا عن معدل أسماء. هذا ويفرض بعض الأولياء ضغطا كبيرا على أولادهم ويخلقون نوعا من الحساسية بينهم, وفي كل مرة لا ينظر إلى معدل الطفل بقدر ما تتم مقارنته مع معدل منافسه, في حين يبقى صاحب أعلى معدل رمز زملائه في الجد والكد, وقد يسأل على كل كبيرة وصغيرة تتعلق بهم, تقول أسماء: «لا تكف أمهات زميلاتي عن الاتصال بي لتسألنني عن نتائجي بغية مقارنتها مع نتائج أبنائهن, إضافة إلى كوني مجبرة على إطلاعهن بكل شاردة وورادة تتعلق بأبنائهن». النتائج عند بعض التلاميذ رد لجميل الوالدين يحرص بعض التلاميذ على الحصول على أعلى النتائج من تلقاء أنفسهم, وقد يلومون أنفسهم ويشعرون بتأنيب الضمير في حال تدنت معدلاتهم ولو بمقدار قليل, حيث يعتبرون تلك النتائج نوعا من الاعتراف بجميل الوالدين ويحاولون إرضاءهم بها, تقول إحداهن «ابنتي لا ترضى إلا بمعدل معين, وفي حال الحصول على غير ذلك تجدها تبكي وتتأسف, مؤكدة أنها ستكون الأولى على صفها مرة أخرى». هذا ويلاحظ حرص بعض الأولياء على نتائج مواد معينة دون أخرى اعتقادا منهم أن هناك مواد ذات أهمية كبيرة مقارنة مع غيرها ولو كان الطفل تلميذا في الابتدائي, ويأتي على رأس القائمة مادة اللغة والرياضيات بالدرجة الأولى, تقول ليندة: «تحصلت ابنتي على أربعة من عشرة في اللغة وثلاثة في الرياضيات, وهذا ما أثار غضبي, خاصة وأنها لم تتحصل على هذه النتائج من قبل». ويعنى بعض الأولياء بالحرص على المستوى الدراسي في هذه المواد تحديدا على اعتبار أنها مهمة جدا وستستمر معهم خلال المسيرة الدراسية لهم, لذا تعد المرحلة الدراسية الأولى هي القاعدة التي يجب أن تكون متينة, في حين تبقى المواد الأخرى مرتبطة بقدرة كل واحد على الحفظ, ولكن التميز يكون حسب اعتقاد الوالدين في الرياضيات, لكونها مادة تبرز القدرة على الفهم, واللغة لأنها تظهر مدى تحكم الطفل في اللغة واستيعاب النصوص وشرحها. وإذا وجدنا من يلقي بالمسؤولية الكاملة على عاتق التلميذ, يوجد بالمقابل من يقدم بعض الأعذار لتلك النتائج السلبية لأبنائهم وإلقاء اللوم على بعض الأساتذة بأنهم لم يقوموا بدورهم كما ينبغي, في حين يرجعها البعض إلى كثافة البرنامج الدراسي, متناسين أن تلاميذ آخرين درسوا في نفس الظروف, ولكنهم حققوا نتائج جد مرضية. رغم الدروس الخصوصية.. النتائج غير مرضية هذا وعبر بعض الأولياء عن استيائهم الشديد من النتائج التي تحصل عليها أبناؤهم لاسيما المواد التي تلقوا فيها دعما مدرسيا, نبيل, تلميذ في السنة الأولى ثانوي, يقول في هذا الصدد: «دأبت على دروس الدعم في الرياضيات,العلوم والفيزياء, ولكن نتائج هذا الفصل أحدثت خيبة أمل كبيرة لدي, فلم أصل حتى المعدل المتوسط, ما أدى بالضرورة إلى انخفاض كبير في معدلي, خاصة واني في الشعبة العلمية, أين تلعب المواد السابقة الذكر أهمية كبيرة في النجاح». النتائج جد مهمة لتلاميذ شهادة المتوسط تؤثر نتائج الفصل الأول على معنويات الكثير من التلاميذ المقبلين على اجتياز شهادة التعليم المتوسط, خاصة وأنها قد تكون طوق النجاة في حال لم تكن أسئلة امتحان الشهادة في متناول الجميع, تقول خديجة, تلميذة في القسم الرابع متوسط: «تحصلت على معدل 14 وأنا جد مرتاحة لذلك, فنتائج الفصل الأول جد مهمة ويجب أن نحصل على أكبر معدل انتقال, والذي قد يكون معيارا أساسيا في حصولنا على شهادة المتوسط, فنحن بذلك ندخل مرتاحين نفسيا, وإذا كان امتحان الشهادة صعب يمكن للمعدل السنوي أن يعبر بنا إلى بر الأمان». تلاميذ البكالوريا لا يولون أهمية كبيرة للنتائج الفصلية وعلى العكس تماما, أبدى تلاميذ البكالوريا نوعا من اللامبالاة لنتائج هذا الفصل وخاصة وأنهم يؤكدون أن هذه النتائج لا تهم, وإن كانت سيئة, فهذا لا يحبط من عزيمة البعض, لكونها مجرد كشف مستوى, تقول أمينة, طالبة في القسم الثالثة ثانوي: «تحصلت على معدل ثمانية, وهذا لا يخيفني, فامتحان شهادة البكالوريا هو المهم, كثيرون من كانوا يتحصلون على أدنى معدلات خلال السنة الدراسية ولكن وجدناهم على رأس قائمة المتفوقين في البكالوريا». يبدو أن النتائج المدرسية تؤثر على الأولياء أكثر من تأثيرها على المتمدرس في حد ذاته, فهو سرعان ما ينسى نتائج الفصل الأول بعد أيام من تسلم الكشوف, ولكن أولياءهم بالكاد ينسون النتائج السلبية ويحرصون على تذكير المعني بها ما يحول عطلته إلى جحيم. أولياء لا يسألون عن أولادهم إلا يوم تسليم الكشوف تفرض كل المدارس خلال يوم تسليم الكشوف حضور كل الأساتذة, حيث يكون ذلك اليوم فرصة للالتقاء بين الأساتذة والأولياء للوقوف على المستوى الدراسي والتربوي للتلميذ, وفي الوقت الذي يكتفي بعض الأولياء بتسلم الكشف والفرار, يحرص آخرون على البحث عن كل أستاذ بغية السؤال عن مستوى التلميذ في كل مادة تعليمية. تقول غنية وهي التي تفاجأت بسلوكات ابنها أكثر من تفاجئها بنتائجه: «كاد يغمى علي لما سمعت انتقادات الأساتذة لسلوكات ابني, فقد فوجئت بتصرفات لم أتخيل يوما أنها ستصدر منه», والأمر لا يختلف عند الكثير من أولياء الأمور الذين وقفوا مندهشين بأنهم كانوا محل استدعاء لأكثر من مرة, ولكنهم لم يسمعوا بذلك, وآخرين اكتشفوا حجم الغيابات المتكررة وغير المبررة التي سجلت على أبنائهم, وما يلاحظ حرص أغلب الأمهات أن يكن هن من يتسلمن كشوف الأبناء في غياب الأب, لكونه سينفجر غضبا, وقد يصدر منه تصرف يضر بالطفل بالدرجة الأولى, وتبقى الأم هي الحنون, كاتمة الأسرار التي يمكن أن يؤثر على ولدها بسهولة, تقول أم أنيس: «أنا من يتسلم كشوف نقاط أبنائي, وأرفض أن يتجه والدهم إلى المؤسسة التعليمية, لأن بعض الشكاوى من بعض المعلمين كافية بجعله يقدم على تسليط ضرب مبرح في حق أبنائه, وهذا لا يخدمهم بتاتا». وفي نفس السياق, انتقدت إحدى معلمات ابتدائية عائشة عماري بعين النعجة إهمال بعض الأولياء لمراقبة أولادهم خلال سائر الأيام, لتجدهم في نهاية كل فصل يبكون نتائجهم, وتؤكد في نفس الوقت أن نتائج الامتحانات يجب أن تكون محل دراسة من قبل الوالدين بطريقة عقلانية ومعرفة العوائق التي جعلت الإبن لا يحصل معدلا كافيا, وذلك من أجل مساعدته على تقويمها وفق معايير تربوية هادفة بعيدة عن استعمال العنف, وهذا من شأنه تحسين مستوى الطفل مستقبلا. أما عن العطلة, فأشارت محدثتنا أنه يجب أن تكون فرصة للراحة والمراجعة في نفس الوقت, ولا يكون هذا إلا بتسطير برنامج محدد يتبعه الطفل خلالها.