أماطت مصالح الشرطة القضائية لأمن المقاطعة الإدارية لحسين داي التابعة لمصالح أمن ولاية الجزائر، اللثام عن طرق جهنمية يعمدها موظفون في مختلف البلديات عبر التراب الوطني لتزوير وثائق المركبات المسروقة على المستوى الوطني والدولي من أجل تسهيل إعادة بيعها مجددا بوثائق صحيحة، وذلك عن طريق تسجيل شهادات التأكيد الخاصة بالسيارات على مستوى قاعدة المعطيات الآلية بمختلف مصالح البلديات والدوائر عن التراب الوطني، حيث تعتبر شهادة التأكيد بمثابة "شهادة ميلاد" جديدة للمركبة ما يجعل المشتري يقتني سيارة مسروقة بوثائق صحيحة. كّللت مجهودات مصالح الشرطة القضائية لحسين داي طيلة تحريات دامت قرابة سنة كاملة باسترجاع 115 مركبة أغلبها سيارات فاخرة بعضها مهرّب من أوربا نحو إفريقيا والشرق الأوسط، مع توقيف 30 متهما من بينهم امرأة، وذلك من أصل 112 شخصا متورّطا في القضية، أغلبهم موظفون في البلديات على غرار بئر الجير بولاية وهران، بريكةبباتنة كانوا ينشطون ضمن ثماني مجموعات متفرعة عبر 48 ولاية. حيثيات القضية التي أطاحت بمنظمة إجرامية فجّرها شرطي برتبة ملازم أول، قبل أن يتم تشكيل فريق تحقيق من أمن دائرة حسين داي عمل طيلة سنة كاملة على تتبع مركبات موضوعة للسير استخرجت بطاقاتها الرمادية بهويات وهمية، وامتد التحقيق إلى أزيد من 21 ولاية من الوطن على غرار باتنة، سوق أهراس، عنابة، تبسة، وهران، أدرار، رقان، وتبين أن هوية مالكي المركبات "وهمية" وأن أصحابها لا يقيمون بالعناوين المدونة ببطاقات الإقامة المدرجة بالملفات القاعدية، حيث اتضح أن الوثائق المدرجة بالملفات مزوّرة. هويات مزورة لأشخاص "متوفين" ! باستغلال المعلومات المتوفرة اتضحت خيوط القضية، وتبيّن لعناصر الشرطة، أن الشبكة تستغل موظفين إداريين بإحدى القطاعات لاستخراج ملف كامل للأشخاص المعنيين باستغلال هوياتهم في التزوير بعضهم أشخاص متوفين، وذلك باستغلال بعض الصلاحيات المتاحة لهم لقواعد البيانات بمقرات عملهم كموظفين عموميين، على أن تكون المرحلة الثانية بتسجيل مواصفات المركبة والرقم التسلسلي في الطراز الخاص بالسيارة الرمادية تزوير وثائقها، بطريقة معقدة من خلال التلاعب في الأرقام التسلسلية دون المساس بباقي الهيكل، ويدرج في قاعدة البيانات المركزية على أساس أنه رقم جديد، وبعد تحديد الرقم التسلسلي في الطراز تأتي مرحلة إيداع الملفات على مستوى مصالح البطاقات الرمادية سواء بالعاصمة أو بولايات داخلية، أين تم استخراجها بطريقة سليمة. بعد 21 ولاية ... الشبكة تأخذ بعدا قاريا هذا وتوصّل عناصر الأمن بمقاطعة حسين داي إلى أن عمل المنظمة لم يكن بصفة انفرادية، بل بصفة منظمة طغى عليها طابع التنظيم المحكم، وبعد التوسّع الداخلي داخل الولايات، تبين أن الشبكة لها بعد قاري وبلغ امتدادها إلى دول أوربا، الشرق الأوسط ، وإفريقيا بمشاركة أعضاء أجانب ومغتربين أصبحوا عناصر فاعلين في العمل الإجرامي الذي مسّ 78 سيارة مهربة من الخارج، سبعة منها محل سرقة من أوربا، خمسة بالتراب الوطني و25 مركبة مرهونة لإحدى الوكالات الوطنية. للإشارة، تم عرض السيارات المحجوزات أمس أمام الصحافة بمقر فرقة الاحتياط والتدخل للقبة في العاصمة قبل تقديمهم أمام محكمة حسين داي بتهم ثقيلة تتعلق بتكوين منظمة إجرامية منظمة عابرة للحدود، التهريب والبيع والشراء والترقيم في الجزائر لوسائل نقل من أصل أجنبي دون القيام بالإجراءات المنصوص عليها في التنظيم المعمول به، وضع لوحات ترقيم من شأنها أن توهم أن وسيلة النقل قد سجلت قانونيا بالجزائر، النصب والتزوير واستعمال المزور في وثائق إدارية، جنحة الموظف الذي يأمر بتسليم وثيقة إدارية لشخص يعلم أن لا حق له فيها، وضع مركبة للسير ذات محرك تحمل كتابة لا تتطابق مع المركبة، انتحال هويات الغير في ظروف كان من الجائز أن تؤدي لقيد أحكام قضائية بصحفية السوابق العدلية لها الغير، إساءة استغلال الوظيفة، تقليد الأختام والدمغات الرسمية، تزوير الأوراق النقدية ذات القيمة المالية العالمية وحيازة وسائل التزوير ذات القيمة المالية العالمية وحيازة وسائل التزوير. هذا واستمر تقديم المتهمين أمام وكيل الجمهورية المختص إقليميا إلى ساعة متأخرة من مساء أمس قبل أن يصدر قراره بخصوص المتهمين، إما بوضعهم رهن الحبس المؤقت أو الرقابة القضائية أو حتى الإفراج عنهم.