ما تزال معاناة المرضى المتوافدون على المصالح الإستعجالية بالمستشفيات الكبرى بالوطن متواصلة، حيث اشتكى الكثير منهم من تأخر تقديم الخدمات الصحية لهم بسبب غياب وتوقف الأطباء المقيمين عن العمل ما انعكس سلبا على التكفل السريع بالمرضى في حالة استعجالية، وهو ما اعترف به رئيس وحدة الاستعجالات والإنعاش بمصلحة الإستعجالات بمستشفى مصطفى باشا الجامعي والذي صرح ان الخدمة الصحية بهذه المؤسسة الإستشفائية مضمونة لكن بصعوبة كبيرة. وقال أمين سالمي رئيس وحدة الاستعجالات بمستشفى مصطفى باشا الجامعي في تصريح للصحافة، مؤخرا، أن الطاقم الطبي المشرف على المصلحة يواجه ضغوطات كبيرة يوميا لاسيما في هذا الشهر الفضيل، وذلك بالنظر إلى العدد الكبير من المرضى الذين يتوافدون يوميا على هذه المصلحة خاصة في الفترة الليلية مقابل نقص في الأطباء الذين يتكفلون بالحالات الإستعجالية، بسبب استمرار إضراب الأطباء المقيمين منذ أشهر، معترفا أن توقف الاطباء المقيمين عن العمل انعكس سلبا على التكفل بالمرضى. وأوضح سالمي قائلا :"إضراب الأطباء المقيمين لم يمنع من استقبال المرضى الذي يبقى مضمونا على مصلحة الاستعجالات بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، لكن يبقى هذا بصعوبة كبيرة".
الإستقبال موجود والعلاج إلى إشعار آخر أجمع المرضى المتوافدون على مصالح الاستعجالات بمستشفيات العاصمة أن الاستقبال موجود، إلا أن التكفل بهم ضعيف جدا، إذ حسبهم يتم تحويل المرضى من طبيب لآخر ومن مستشفى لآخر، الأمر الذي تسبب في متاعب كبيرة للمرضى وأهاليهم خاصة أثناء الليل. وأجمع عدد من المرضى الذين تقربنا منهم بمستشفى الرويبة شرق العاصمة، أن قاعات الانتظار أصبحت مكتظة عن آخرها بالمرضى الذين رغم حالتهم الصحية الحرجة إلا أنهم ينتظرون لساعات أدوارهم مما عقد من الحالة الصحية للكثير منهم، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة، وفي هذا السياق قال أحد المرضى بمستشفى الرويبة أنه اضطر للبقاء بالمصلحة لأكثر من ساعتين دوره ليلة أول أمس رغم أن حالته كانت تستدعي التكفل به سريعا، حيث كان رفقة والدته الكبيرة في السن والتي ارتفع ضغط دمها فجأة مما تسبب لها في مضاعفات أخرى. ولم ينكر محدثنا أنه تم استقباله من قبل الطبيب في مصلحة الاستعجالات إلا أنه قام بتحويله إلى طبيب آخر كونه متخصص في مرض الضغط الدموي والذي بدوره قام بتحويله إلى مصلحة أخرى بنفس المستشفى ما تسبب في تعقد الحالة الصحية للمريضة. وبمصلحة الاستعجالات بمستشفى عين طاية اشتكى المرضى المتوافدون عليها من ضعف التكفل بهم منذ حلول الشهر الفضيل الذي ازداد فيه الضغط على المصلحة، خاصة بالنسبة للمسنين وأصحاب الأمراض المزمنة. هذا وسجلنا حالات من "التذمر والقلق" لدى المرضى بمصالح طب الأطفال وأمراض الجلد والتنفسية للمؤسسة الإستشفائية الجامعية مصطفى باشا بعد رفض هذه المصالح التكفل "إلا بالحالات الاستثنائية الإستعجالية والقادمة من المناطق البعيدة للوطن". ونفس الوضعية تشهدها مصلحتا الاستعجالات الطبية وجراحة الأطفال بالمؤسسة الإستشفائية الجامعية نفيسة حمود (بارني سابقا) حيث يوجد استاذ مساعد واحد فقط في كل مصلحة مما أدى إلى اكتظاظ كبير للمرضى في جو من "القلق والنرفزة".
تأجيل عشرات العمليات الجراحية بمستشفى مصطفى باشا الجامعي أكد أطباء عامون بمصلحة الاستعجالات بمستشفى مصطفى باشا الجامعي صحة شكاوى المرضى المتعلقة بتأجيل عمليات جراحية مستعجلة إلى مواعيد لاحقة، حيث كشفوا عن تأجيل عشرات العمليات في الاسابيع الأخيرة منها عمليات تخص مرضى مصابين بأمراض القلب، الأمر الذي خلف حالة تذمر لدى المرضى وأهاليهم. وفي هذا السياق قال أحد المرضى القادمين من ولاية المدية إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي أول أمس لإجراء فحوصات معقدة استعدادا لإجراء عملية جراحية يوم الإثنين المقبل بمصلحة جراحة القلب، أنه تعرض لصدمة قوية بعد إخباره أن العملية تم تأجيلها إلى موعد لاحق لم يتم تحديده بعد، والسبب الذي برر به الطبيب بالمصلحة تأجيل العملية إلى الضغط الكبير التي تشهده المصلحة منذ دخول الأطباء المقيمين في إضراب عن العمل. من جهته، البروفيسور سالمي اعترف بتأجيل بعض العمليات الجراحية بالمستشفى نتيجة الضغط الكبير الذي تعاني منه مختلف المصالح بالمستشفى الجامعي منذ توقف الأطباء المقيمين عن العمل، ورغم هذا أكد البروفيسور أن التكفل بالحالات الإستعجالية مضمون.
العيادات الخاصة الحل البديل من جهتها كشفت لنا ممرضة بعيادة متخصصة في جراحة القلب بحيدرة في العاصمة أن الإقبال عليها لإجراء مختلف الفحوصات والأشعة والعمليات ازداد في الأسابيع الأخيرة، مرجعة السبب إلى إضراب الأطباء المقيمين عن العمل بمختلف المستشفيات الجامعية عبر التراب الوطني. وأوضحت المتحدثة أن إجراء العمليات الجراحية بالعيادة لم يعد يقتصر على المرضى الذين هم مرتاحون ماديا، حيث تقدم العديد من المرضى من ذوي الدخل الضعيف لإجراء عمليات جراحية مستعجلة بعد أن قاموا بالتصرف في المبلغ المطلوب. وإلى أن يتوقف الأطباء المقيمون عن إضرابهم ويعودون للعمل، يبقى المريض الضحية الأولى خاصة الذين هم من فئة محدودي الدخل والمعوزة.