قررت وزارة التربية الوطنية إعتماد "نموذج بديل" لإصلاح المدرسة الجزائرية، سيتم إطلاقه في القريب العاجل، هو ثمرة إستشارة واسعة، هدفه كسب تحديات الجودة في إطار إستراتيجية طويلة الأمد تمتد إلى غاية 2030 وترتكز على التحوير البيداغوجي والحوكمة وإحترافية الموظفين عن طريق التكوين. نشرت وزارة التربية على موقعها الرسمي، مجموعة وثائق إطلعت عليها "السلام"، توضح ركائز السياسة التربوية الجديدة، وتتضمن الإطار الإستراتيجي للمدرسة الجزائرية وتحديات الجودة 2016-2030، توجيهات أساسية للبرامج المدرسية للابتدائي والمتوسط، وميثاق أخلاقيات قطاع التربية الوطنية، حيث تتطرق وثيقة الإطار الاستراتيجي إلى العمليات التي ينبغي على القطاع مباشرتها من أجل ضمان إستمرارية تنفيذ إصلاح المنظومة المدرسية الجزائرية التي شرع فيها منذ 2003، وذلك بناء على توصيات الندوتين الوطنيتين للتقييم المرحلي للإصلاح في 20 و21 جويلية 2014 وفي 25 و26 جويلية 2015، حيث يتضمن هذا "النموذج البديل" الذي تقترحه الوزارة، ثلاثة تحديات ينبغي رفعها - يضيف المصدر ذاته- هي تحدي التحوير البيداغوجي، من خلال إعطاء الأولوية للطور الابتدائي بتغيير الممارسات البيداغوجية، عن طريق مراجعة البرامج وتكوين ملائم للمدرسين بهدف تنمية روح الملاحظة والتحليل والتركيب والإبداع لدى التلميذ، ولهذا التحوير البيداغوجي صلة بممارسات القسم وبالامتدادات في الإطار العائلي. أما تحدي الحوكمة الجيدة، فيتمثل في إدخال تصحيحات وتعديلات على الهيكلة الإدارية والتسيير البيداغوجي للقطاع من خلال تأسيس آليات ضبط ذاتي وترقية مستمرة للحوار والتشاور داخل الجماعة التربوية، وكذا عصرنة التسيير المتعدد الأشكال والاستعمال الذكي لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وفيما يتعلق بتحدي إحترافية الموظفين عن طريق التكوين، فيتم عن طريق التكوين الأولي للمدرسين بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، من خلال مراجعة دفتر الشروط للمدارس العليا للأساتذة بغية تكييفه مع الحاجات الحقيقية للمعلم في المستقبل وتقنين التربصات التطبيقية، وإعداد خارطة تكوين جديدة من شأنها توفير عدد ملائم من المدارس العليا للأساتذة وضمان تكوين مستمر لتحيين المعارف وتحقيق الاحترافية. في السياق ذاته أكدت الوثائق ذاتها شروع وزارة التربية في سلسلة من العمليات في هذا الإطار، من بينها تفعيل ميثاق أخلاقيات القطاع مع الشركاء الاجتماعيين، وإعداد مخططات التكوين مدعمة بأدلة منهجية حول الوساطة في الوسط المدرسي، وتقييم مكتسبات التلاميذ وقيادة المؤسسات التعليمية وإعداد البرامج إنطلاقا من القيم، وإدراج التربية على المواطنة في المحتويات البيداغوجية للكتب المدرسية، بالإضافة إلى رقمنة القطاع وإعادة تنظيم الامتحانات الوطنية والتواصل الالكتروني مع الأولياء والاستشارة الوطنية حول نظام التقييم البيداغوجي.. إلخ. ويعتبر الهدف الأسمى لإستراتيجية تحسين أداءات النظام المدرسي، هو تكييف هذا الأخير مع متطلبات النوعية التي يتطلع إليها المجتمع والسلطات العمومية، حيث أن اعتماد نمط النمو الاقتصادي الجديد من طرف مجلس الوزراء بتاريخ 26 جويلية 2016، سمح بتحديد إستراتيجية للتطور السوسيو -إقتصادي تندرج ضمن نظرة وطنية طويلة المدى، وبالتالي فإن تقوية صيرورة إصلاح المدرسة ترتكز على تحديد أهداف القطاع في أفق 2030 واضحة المعالم وبالأرقام وقد تم الشروع في مناقشة أو تطبيق عدة مشاريع في هذا الإطار. كما تعتمد السياسة التربوية على وثيقة أخرى تتعلق بالتوجيهات الأساسية في إعداد البرامج المدرسية للطورين الابتدائي والمتوسط، تحددها أهداف القانون التوجيهي للمدرسة الذي يركز في مجال التربية على التأكيد على الشخصية الجزائرية وترسيخ وحدة الأمة، التكوين على المواطنة عبر تعلم ثقافة الديمقراطية، التفتح والاندماج في الحركية العالمية للتطور عبر تعزيز تعليم العلوم والتكنولوجيا، التأكيد المجدد لمبدأ ديمقراطية التعليم وتطوير وتعزيز الموارد البشرية. أما في مجال التعليم، فتوكل للمدرسة مهام ضمان التعليم الجيد وتعزيز المساواة، منح الفرصة للحصول على قدر عالي من الثقافة العامة والمعارف، أما في مجال التنشئة الاجتماعية فإن المدرسة مطالبة بتطوير المسؤولة المدنية للتلميذ، وتوفير تربية وتعليم منسجمين مع حقوق الطفل وإعداد الحياة الاجتماعية للتلاميذ، ومن حيث التأهيل فإن المدرسة توفر للتلاميذ فرصة الحصول على تكوين مهني أو علمي أو على عمل مطابق لكفاءاتهم. ولإنجاح مساعي تطوير المدرسة الجزائرية، اعتمد القطاع مؤخرا "ميثاقا للأخلاقيات" هو ثمرة جلسات عمل بين الإدارة المركزية والشركاء الاجتماعيين، وأسس لأرضية صلبة للشراكة وهي الضامن الوحيد لتجنيد أعضاء الجماعة التربوية في تثبيت استقرار القطاع، حيث يهدف الميثاق إلى تثمين القيم المتعارف عليها عالميا وهي النزاهة، المثالية والالتزام من خلال تدوين حقوق وواجبات مكونات الأسرة التربوية من تلاميذ ومربين، موظفين، إداريين وعمال مهنيين، بالإضافة إلى أولياء التلاميذ والشركاء الإجتماعيين.