على وقع أخطر قضية يُواجهها إيمانويل ماكرون، منذ توليه السلطة في فرنسا شهر ماي من السنة الماضية ألا وهي ما بات يعرف ب "فضيحة بينالا"، إهتز كيان الرئيس الفرنسي، الذي أضحى يتداعى بفقدان توازنه والإصطدام بحتمية مراجعة سياسته والعودة إلى حضن "الدولة العميقة" في بلاده، أو فقدان عرشه بعد الإختناق تدريجيا بقوة قبضة تحقيقات أمنية وبرلمانية، الإفلات منها في حضرة أو وفرة الأدلة شيء شبه مُستحيل. يوم بعد يوم، إن لم نقل ساعة بعد أخرى، تتسع وتزداد حدّة الأزمة السياسية التي نجمت عن قضية "إلكسندر بينالا"، أحد الحراس الشخصيين أو مرافقي الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، الذي أقدم وفقا لما أظهره تسجيل مصور على ضرب محتج يوم عيد العمال المصادف للفاتح من شهر ماي المنصرم، وجرِّ إمرأة بعنف، وتزداد معها حدة ضغط القبضة على عنق الرئيس الفرنسي، الذي يتجه نحو مواجهة سياسية مجهولة التداعيات داخل أقفاص 3 تحقيقات، الأول أمني، والثاني برلماني (مجلس الشيوخ)، وهي الهيئة التي تعج بالشخصيات المعادية لماكرون، والثالث داخلي على مستوى قصر الإليزيه، قد يكشف المستور "المحظور"، و يُفجّر فضائح جديدة تحت أقدام ماكرون، الذي باتت كل المعطيات تلوح ببوادر إصطدامه بسيناريو مُشابه لذلك الذي عاشه الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، سنة 1998 والمتعلق بفضيحته الجنسية مع مونيكا لوينسكي، تلك الشابة التي كانت تعمل متدربة في البيت الأبيض. وعلى ضوء ما سبق ذكره، وفي ظل تأجيج الرئيس الفرنسي، لجبهة الساخطين عليه بإلتزامه الصمت لحد الساعة، وضعت بفضيحة "بينالا" التي لا تقتصر على حادثة إعتداء الحارس الشخصي لماكرون، على مواطنين محتجين في عيد العمال، بل إمتدت وفقا لتقارير إعلامية فرنسية إلى إثارة عديد التساؤلات عن طبيعة العلاقة بين الرجلين، الرئيس الفرنسي أمام خيارين لا ثالث لهما، العودة للإرتماء في أحضان "الدولة العميقة" وتعديل سياسته الحالية وتبني التّي روّج لها خلال حملته الإنتخابية على الصعيد الداخلي والخارجي، أو النزول من على عرشه تحت تأثير حقن فضائح لا أول لها ولا آخر تداعيتها بعيدا عن أصوار الإليزيه على شخص ماكرون ومستقبله السياسي أقل فتكا منها داخلها، وبين هذا وذاك يبقى الخبر اليقين عن مصير الرئيس الفرنسي مرهونا بمجريات التحقيقات الثلاثية الأبعاد السالفة الذكر ونتائجها، علما أنها ستطال شخصيات قريبة من ماكرون ومحيطه.