محمد خوان يتحادث مع رئيس الوفد الإيراني    هذه توجيهات الرئيس للحكومة الجديدة    النفقان الأرضيان يوضعان حيز الخدمة    رواد الأعمال الشباب محور يوم دراسي    توقيع 5 مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    الصحراء الغربية والريف آخر مستعمرتين في إفريقيا    مشاهد مرعبة من قلب جحيم غزّة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    على فرنسا الاعتراف بجرائمها منذ 1830    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    الخضر أبطال إفريقيا    ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ    فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    بوريل يدعو من بيروت لوقف فوري للإطلاق النار    "طوفان الأقصى" ساق الاحتلال إلى المحاكم الدولية    وكالة جديدة للقرض الشعبي الجزائري بوهران    الجزائر أول قوة اقتصادية في إفريقيا نهاية 2030    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    المنتخب الوطني العسكري يتوَّج بالذهب    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    مجلس الأمة يشارك في الجمعية البرلمانية لحلف الناتو    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    ندوات لتقييم التحول الرقمي في قطاع التربية    الرياضة جزء أساسي في علاج المرض    دورات تكوينية للاستفادة من تمويل "نازدا"    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    باكستان والجزائر تتألقان    تشكيليّو "جمعية الفنون الجميلة" أوّل الضيوف    قافلة الذاكرة تحطّ بولاية البليدة    على درب الحياة بالحلو والمرّ    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    "ترقية حقوق المرأة الريفية" محور يوم دراسي    القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)        مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزواج من أجانب خطوة حساسة دمرت حياة الكثيرات
تجارب غير محسوبة غالبا ما انتهت بالفشل
نشر في السلام اليوم يوم 25 - 02 - 2012

عرف زواج الجزائريين من أجانب انتشارا في المجتمع في ظل تزايد مواقع الزواج التي أقنعت الكثير من فتياتنا وشبابنا بنجاح هذه العلاقات من الناحية العاطفية والمادية بالإضافة إلى انتشار الشركات الأجنبية وتعديل قانون الحصول على الجنسية الجزائرية للأجانب.
تفشت ظاهرة الزواج بين أصحاب الجنسيات وحتى الأديان المختلفة في مجتمعنا, ويرى البعض أنه ذو طبيعة معقدة نظرا لوجود اختلاف في العادات والتقاليد, وقد شاعت هذه الظاهرة خلال السنوات الأخيرة, إلا أن الملاحظ هو أن العديد من المتزوجين بأجانب انتهت علاقاتهم بالفشل.
لقد بدأت رحلة اختيار زوج أو زوجة أجنبيين بعد انبهار العديد من الشباب من الجنسين بالزواج من أجانب للحصول على حياة أفضل, ولكن الكثيرين ضاعت آمالهم وفشلت علاقتهم مع الطرف الآخر. ولمعرفة مدى انتشار هذا الزواج, قمنا برصد آراء بعض ضحايا الزواج المختلط, فمنال هي شابة تبلغ من العمر 19 سنة, قطعت مسافات طويلة للعثور على الشاب الذي تعرفت عليه عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة وهي مواقع الانترنت المتخصصة في البحث عن زوج من بلد أجنبي وتقول: «تعرفت على شاب أردني عبر الأنترنت وانبهرت بوسامته ووعدني بالزواج وأخبرني أنه يملك إمكانيات مادية جيدة تجعلني أعيش كالملكة فتركت دراستي وذهبت إلى الأردن مع وكالة سياحية دون علم أهلي وتسببت في إيقاعهم في مواقف حرجة مع جيراننا الذين ظنوا أنني ارتكبت خطأ وهربت, وعند وصولي إلى هناك وجدته ينتظرني وذهبت معه إلى بيت عائلته, ولكنني صدمت عندما وجدته يعيش مع عائلته ولا يملك بيتا بمفرده, وأن وعوده كلها كانت كاذبة, ورفضت عائلته فكرة ارتباطي به عندما أخبرهم أنه سيتزوج بي, وفعلا تم عقد قراننا وواجهت الكثير من المشاكل مع أمه وأخته, وبعد مرور ثلاثة أشهر من زواجنا قام بطردي من البيت, فوجدت نفسي في بلد غريب عني, وعملت لتوفير المال لأشتري تذكرة سفر إلى بلدي, وعدت إلى بيت عائلتي التي لم تتقبلني في البداية, لأنهم اعتقدوا أني ارتكبت خطأ ولكن عندما أخبرتهم بما جرى لي تقبلوا بعد ذلك الأمر, وما زاد من معاناتي هو اكتشافي أني حامل منه, وعندما أخبرته بذلك عبر الهاتف أخبرني أنه ليس من صلبه, ولم يعترف به, وأصبح طفلي الآن بدون هوية, لقد دمر هذا الزواج حياتي».
سميرة, هي الأخرى إحدى ضحايا الزواج برعايا أجانب وخدعت بشخصية زوجها قبل الزواج, حيث تقول: «تعرفت على شاب لبناني عندما كنت أعمل في شركة أجنبية فأعجبتني شخصيته وأخلاقه العالية وعقدنا زقراننا في الجزائر, وكانت معاملته معي جيدة في البداية وبعد مرور ستة أشهر بدأت تصرفاته تتغير وبدأ يستخدم معي العنف اللفظي والجسدي واكتشفت أنه على علاقة مع فتيات يواعدهن في شقة قام باستئجارها وهو ما دفعني إلى إنهاء علاقتي به».
أما سلمى فتقول: «ندمت على زواجي من شاب فلسطيني قام بخداعي وتزوجني لمدة شهر, ثم أخبرني أنه سيزور أقاربه هناك وذهب بدون رجعة, وأنا الآن أتحمل مسؤولية ابنه بمفردي, لأنه تركني وأنا حامل».
هناك من الرعايا الأجانب من يتزوج من جزائرية فقط لإتمام إجراءات الإقامة أو الحصول على سجل تجاري يساعدهم في العمل وهو ما حدث مع فايزة: «تزوجت من رجل سوري, وطلب مني أن أساعده للحصول على إقامة بالإضافة إلى سجل تجاري, لأنه كان يريد فتح شركة هنا, وبعدما انتهت مصلحته, تغيرت معاملته معي ودخل معي في خلافات وقام بوضع حد لعلاقتنا لاكتشف فيما بعد أنه متزوج في سوريا ولديه أطفال».
وهناك من خدعها أحد الرعايا الأجانب في بلده ووجد نفسه في الشارع بدون مأوى وتقول جميلة: «أنا أبلغ من العمر 39 سنة, وخوفي من شبح العنوسة جعلني أبحث عن زوج المستقبل في بلد آخر, وتعرفت على رجل من دبي عن طريق إحدى صديقاتي, وكان يبحث عن زوجة, وأخبرتني أنه ثري وأخلاقه جيدة, فاقتنعت به وذهبت إلى هناك وعقدت قراني معه, وبعد مرور ثلاثة أشهر اكتشفت أنه متزوج من أربع نساء قبلي فدخلت معه في خلاف, وأخبرني أن زواجه مني كان عرفيا, وأنا اعتقدت أن هذا الزواج صحيح, وقام بطردي بدون أن يعطيني أغراضي أو المال, فطلبت المساعدة من السفارة هناك للعودة إلى الوطن».
أما سناء فتقول: «تعرفت على شاب من بريطانيا فعرض علي الزواج واشترطت عليه أن يعتنق الدين الإسلامي وبالفعل اعتنقه فقط ليتزوج بي وبعد فترة من زواجي منه اكتشفت أنه مازال يمارس المعتقدات المسيحية ويشرب الخمر ويمارس العادات الغربية الغريبة عنا, واكتشفت أن إسلامه وهمي فقررت أن أنهي علاقتي به, لأنها محرمة».
وهناك من استغلها زوجها الأجنبي في قضاء مصالح عمله غير المشروع وتقول فايزة: «تزوجت من مغربي ثري, وكان يطلب مني نقل بعض السلع من تلمسان إلى المغرب وبعد فترة اكتشفت أن عمله مشبوه وأن مصدر ثرائه من الحرام وتزوج مني فقط لأقضي له مصالحه في العمل فطلبت منه الطلاق, ولكنه كان يهددني فهربت من عنده وبلغت الأمن».
عائلة من بوزريعة هي الأخرى تعاني نتيجة زواج ابنتها من فرنسي جعلها تعتنق الديانة المسيحية, إذ تقول أمها: «تعرفت ابنتي على فرنسي كان يعمل بإحدى الشركات فأقنعها بالزواج منه وأنه سيساعدها في الحصول على الأوراق الخاصة بالإقامة هناك واشترط عليها أن تعتنق الديانة المسيحية فتخلت عن إسلامها وهو ما جعلنا ندخل في خلاف معها, لأننا رفضنا بشدة اعتناقها للمسيحية, ونحن لا نعرف أي أخبار عنها حتى الآن».
ضحية أخرى للزواج من أجانب هي سامية التي تزوجت من شخص أمريكي, حيث تقول: «تعرفت على شاب أمريكي في شركة أجنبية أعجبتني شخصيته ووثقت به وطلب مني الزواج فوافقت بعد أن اعتنق الإسلام وبعد مرور شهر من زواجنا طلب مني منحه المال ليستثمره في أمريكا لتهيئة الوضع لي هناك ولإكمال أوراقي, ولكن مرت شهور ولم أسمع عنه أي خبر, فأدركت أنه قام باختلاس الأموال وهرب, وعندما سألت السفارة عنه, أخبروني أنهم لا يملكون أي معلومات عن هذا الشخص, فأدركت أنه خدعني وأن اسمه مستعار».
ولا يقتصر الأمر على الفتيات في الزواج مع الأجانب, بل أصبح للشباب حصة كبيرة في هذا الأمر, خاصة الذين يبحثون عن الطرف الآخر في بلدان أجنبية عن طريق التعارف عبر الانترنت, وبعضهم يجد من زواجه بهذا وسيلة لتحقيق حلمه في الحصول على أوراق الإقامة هناك, وهو ما أكده جمال: «تعرفت على فتاة إسبانية عبر الانترنت, وعلمت أنها تبحث عن زوج من بلد عربي, فطلبت منها أن تساعدني في الحصول على دعوة, وذهبت إليها وتزوجنا بعد إجراءات كبيرة تمت هناك, وبعد مرور شهر من زواجنا اكتشفت أنها تقوم بأفعال غريبة عن عاداتنا تثير غيرتي, وعندما أطلب منها أن تتوقف عنها, تهينني وتذلني, لأنها كانت تعمل وأنا لم أستطع الحصول على عمل هناك, وقامت بإبلاغ الشرطة عني وقضيت فترة طويلة في السجن هناك بسببها, وضيعت حياتي».
سمير, هو الآخر أحد ضحايا الزواج بأجنبيات والذي يقول: «تعرفت على إيطالية وقررت الذهاب معها إلى ايطاليا, وتزوجنا هناك, وبعدها طلبت منها اعتناق الإسلام, فرفضت وعندما رزقنا بطفل بدأت أدخل معها في خلاف, لأنها ترفض عاداتنا ورفضت حتى القيام بحفل ختان ابني, وهي تقوم بعادات غربية مثل شرب الخمر ودعوة أصدقائها الذين يقيمون معها سهرات, وهذا ما يؤثر سلبا على سلوك ابني, وعندما تشاجرت معها حرمتني من ابني وبلغت الشرطة عني وطردتني من بلدها».
وبالرغم من أن الزواج المختلط يحمل في طياته الكثير من السلبيات, إلا أن بعضهم نجحت حياته الزوجية في الزواج المختلط وتمثل تجربة جمال نموذج الزواج المختلط الناجح, ويقول: «التقيت بزوجتي الألمانية في فترة دراستي هناك ووقع بيننا اتفاق على الزواج ودامت تجربة زواجي معها 10 سنوات, وهي بالنسبة لي ناجحة, لأنها تتمتع على قدر كبير من الأخلاق وتعتمد علاقتي معها على الاحترام والصدق والثقة المتبادلة, وبالنسبة لمسألة تنشئة الأولاد, فهي مبنية على أسس دينية, لأن شرط إنجاب الأولاد الذي وضعته لها هو اعتناقها للدين الإسلامي, ولكن ليس بالضغط, بل دامت فترة تعرفها على الإسلام مدة سنة كاملة, واقتنعت به لوحدها دون ضغط من أحد, وهي تحرص أن يتم تلقين أبنائنا المبادئ الإسلامية».
نموذج آخر لزواج مختلط ناجح, فسلمى هي احدى الفتيات التي ارتبطت من شاب فرنسي وتقول: «تزوجت منذ خمس سنوات واشترطت على زوجي أن يعتنق الديانة الإسلامية وتقبل الأمر برحابة صدر, ولم أجد أي صعوبات في علاقتي معه, فهو يتمتع بأخلاق عالية ومعاملته معي جيدة, كما تقبل جميع عاداتنا وهو يحفظ القرآن الكريم».
ومن جهة أخرى, هناك من جذبته المعاملة الجيدة للارتباط بشريكة أجنبية وهذا حسب ما أكده سمير: «لقد تزوجت من امرأة صينية مسلمة, ووجدت فيها المرأة المثالية التي تطيع زوجها وهي نشيطة وتتعلم عاداتنا بسرعة».
وهناك من نجحت تجربته في الزواج المختلط, ولكن الإجراءات القانونية تهدد استقراره العائلي, وتقول سميرة: «تزوجت من اسباني مسلم, وزواجي منه ناجح, لأنه تم عن حب وقناعة من الطرفين وتلاق في الأفكار بيننا, واقتنع بعاداتنا, غير أننا لازلنا نواجه صعوبات ومشاكل على مستوى القضاء الإسباني, لأن زواجنا تم هناك وإلى الآن لم نتحصل على عقد زواج بسبب التحقيق للتأكد ما إذا كانت الغاية من الزواج المصلحة أو المال ,أم أنه تصرف عادي, وهذا الأمر يقلقنا ويجعلنا نعيش حياة غير مستقرة».
مصالح الأمن توقف شبكات تستغل الزواج المختلط في نشر معتقداتها
تقول السيدة كريمة شاكر, ضابطة شرطة: «حسب تحقيقات أمنية للشرطة فإن ظاهرة الزواج المختلط برزت مع قدوم الشركات الأجنبية إلى البلاد, وما أرفق ذلك من استقدام للأيدي العاملة الأجنبية, وتشير أيضا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في عدد الجزائريات اللواتي أقدمن على الزواج من أجانب غير مسلمين, خاصة من جنسيات لم يألفها المجتمع مثل التايلانديين والصينيين وجنوب إفريقيا, وهناك ما لا يقل عن 95 في المائة من هذا النوع من الزيجات ينتهي بالفشل وفي أغلب الأحيان بعد انتهاء مدة عقد عمل الأجنبي مع شركته مباشرة, إذ تضطر الزوجة لانتظار شهور للحصول على حق التجمع العائلي, ناهيك عن صعوبات يتم بها هذا الزواج لاختلاف العادات, ولأن للزواج المختلط مضار فإن الحاجة إلى اتخاذ تدابير لازمة للحفاظ على مستقبل الوطن ضرورية ويجب تقنين هذه الزيجات لضمان كرامة وحقوق المرأة, وهناك أجانب يقومون بالزواج بجزائريات لتسهيل الحصول على الجنسية الجزائرية, ومن ثم المتاجرة بها من أجل الحصول على إقامة, ومن ثم تحقيق مصالحهم الدينية, وهناك أجهزة أجنبية ذات أبعاد عقائدية من شأنها الإخلال بتركيبة المجتمع, مستغلين التعديلات التي أدرجت على شروط اكتساب الجنسية عن طريق الزواج لنشر معتقداتهم, ويستخدم زوجته كدرع بشري يستعمله من لديهم أبعاد تبشيرية خطيرة من شأنها نشر معتقدات دخيلة عن المجتمع الجزائري, وقد تم إلقاء القبض على الكثير من الشبكات المتخصصة في نشر النصرانية عبر الزواج المختلط, وهناك حالات من الزواج المسجلة تحوم حولها شكوك عن وجود أغراض استخباراتية بالإضافة إلى وجود تقارير تنشط عبر الإنترنت أدت إلى زواج جزائريات من أجانب دون دراية كافية بهوياتهم وانتهى الحال بالطلاق تحت طائلة سوء المعاملة».
رأي القانون في الظاهرة
يقول المستشار لطفي سعيدي, المكلف بالدفاع عن الرعايا الجزائريين بالخارج: «إن الإشكالية الكبرى عندما يكون هناك حكم يقضي بالحضانة, وهنا يبدأ النزاع بين الطرفين على هذه المسألة إذا كان الزوج أو الزوجة بغير بلده, ويبقى الصراع هنا حول إلى من تذهب الحضانة, وهناك العديد من المتزوجين من أجانب سواء من النساء أو الرجال في بلدان غربية وعربية يشكون في القنصليات عن سوء المعاملة أو حرمانهم من أبنائهم ويطلبون المساعدة من السفارة الجزائرية, وهناك الكثير من الجزائريات في الغربة تعرضن إلى انتهاك لحقوقهن من أزواجهن الأجانب وتنتهي بحالات تشرد مأساوي, حيث يلجأن إلى العمل بعد التخلي عنهن دون أية حماية, وقد تفاقمت هذه الظاهرة أيضا في الجزائر مع إجراء تعديلات في اكتساب الجنسية الجزائرية للأجنبي, فالقانون لا يمانع الزواج من جزائري أو جزائرية بموجب المرسوم متى توفرت شروط منها أن يكون الزواج قانونيا وقائما فعليا منذ ثلاث سنوات على الأقل عند تقديم طلب التجنس والإقامة, وفي هذا السياق ينص القانون المدني في المادة 95 على أن كل عقد خاص للحالة المدنية للجزائريين والأجانب صادر في بلد أجنبي يعتبر صحيحا إذا حرر طبق الأوضاع في هذا البلد», وغالبا ما يكون الغرض من الزواج هو تحصنه المالي بالإضافة إلى حصوله على الجنسية الجزائرية بمجرد زواجه من جزائرية حسب القانون الذي أعطى له هذا الحق, فقام العديد من الأجانب بالزواج فقط من أجل ضمان استقرارهم المادي وحصولهم على سجل تجاري لمزاولة نشاطاتهم وأعمالهم, وبمجرد انتهاء المصلحة يقوم الشخص بتطليق زوجته وتصبح بدون أي حقوق, وهناك الكثير من الأجانب غير المسلمين الذين تحايلوا على زوجاتهم باعتناقهم الدين الإسلامي وهميا مع تمسكهم بدينهم الأصلي النصراني للحصول فقط على علاقات غير شرعية ويتركوهن بدون حقوق».
أهمية شهادة اعتناق الإسلام في تقنين الزواج المختلط
يقول الدكتور عبد الله بن عالية, أستاذ في الشريعة الإسلامية: «إن زواج المرأة المسلمة بغير المسلم غريب عن مجتمعنا الإسلامي, وهو محرم, ويهدد تمسك المجتمع بتعاليمه الإسلامية, فالدين حلل للرجل أن يرتبط بنصرانية, ولكن هذا مكروه, لأن الإبن سيكون مرتبطا بعادات غربية خارجة عن قيمنا, ومع أنه سيحمل ديانة الأب المسلم, إلا أنه سيتأثر بعادات المجتمع الغربي الخاطئة, وتمثل شهادة اعتناق الإسلام أولى الطرق لضمان زواج سليم وغير مشبوه بالنسبة للزوج الأجنبي غير المسلم, ويجب إرفاق هذه الوثيقة لإتمام ملف الزواج, ويتم إشهار الإسلام بحضور شاهدين أثناء النطق بالشهادة والتزامه بباقي الفرائض وأركان الإسلام».
رأي علم النفس الاجتماعي في الظاهرة
تقول الدكتورة نبيلة صابونجي, مختصة في علم النفس الاجتماعي: «إن الزواج المختلط له مخاطر على تماسك المجتمع ومن شأنه الإخلال بسلامة النسيج الاجتماعي جراء الاختلاط بسلالات أجنبية علاوة على الأبعاد الخطيرة له على هوية الشخص بالإضافة إلى أنه يؤثر على نفسية أبناء هذا الزواج ويسبب لهم اختلاطا في تكوين ذاتهم وعدم شعورهم بالاستقرار, وهو عبارة عن نشاط غريب عن تقاليد المجتمع, وهناك مجموعة من الأسس والمعايير التي يمكن من خلالها أن نحدد إلى أي مدى ينجح ويستمر الزواج المختلط, وأهمها البناء القيمي لشخصين متقاربين في الثقافة العامة, وأيضا القدرة على التواصل الناجح والاحترام المتبادل وقبول الآخر, وكل هذا لا يتوافر إلا لدى أبناء الثقافة الواحدة, وحينما يتضح الاختلاف بينهما ستظهر عوامل الصراع, لأن الثقافة ليست فكرا فقط, وإنما هي فكر وسلوك أيضا, إلى جانب أن لكل ثقافة رؤية خاصة للآخر وأشكال التواصل المختلفة للبعد الاجتماعي والتنشئة مما يؤثر على مدى العلاقة بين الزوجين», كما تضيف الدكتورة «أنه لابد أن يتخلص كل طرف من العوامل السلبية في ثقافته, وإذا كانت هناك علاقة حب متبادلة وتقدير وحرص من جانب كل طرف على الآخر, ستكون عوامل النجاح أكثر من عوامل الفشل», المتعارف عليه أنه إذا تداخلت ثقافتان في أي علاقة فإن الأقوى ستكون هي الغالبة والمسيطرة وبالتالي سوف ينصاع أحد الطرفين إلى الجانب الأقوى, وهو ما يتجلى في مجتمعنا, حيث تكون السيطرة غالبا للأب, وإن كان تأثير الأم حاسما أيضا في تكوين شخصية الأبناء, فهي التي تمدهم بجواز المرور إلى عالم الأصحاء والأسوياء, ولذلك دائما يكون أبناء الثقافة الواحدة أكثر تجانسا وترابطا, وبالتالي من يدخل في علاقة مع زوجة أجنبية أو العكس فإنه يدخل في عالم لا يعرف منه نهاية. وبالنسبة إلى الزواج المختلط مع احتفاظ كل طرف بدينه, فلا يمكن أن يستمر, لأن الدين هو عامل رئيسي ومهم في تكوين شخصية الفرد وبالتالي لا نستطيع أن نجد شخصين مختلفين في الدين قادرين على التكيف والتفاعل بشكل طبيعي وإنما سيواجهان العديد من الصعوبات, فالدين لا يشكل فكرة فقط, بل عادات وبناء قيم ومعتقدات, ومن هنا يجب أن لا يرتبط أي شخص بمن هو على غير دينه, لأنه سيضع نفسه في قضايا يصعب عليه حلها وإن أغلب حالات الزواج المختلط لا تنجح, والناجح منها هو حالات استثنائية, والسبب الأساسي في ذلك يعود إلى اختلاف المفاهيم والقيم والتوقعات ورسوخ تقاليد وعادات يصعب على الإنسان التخلص منها, ويجب أن يكون الزواج مبنيا على مصالح مشتركة بين الطرفين, لأن الهدف منه بناء أسرة لها عادات وتقاليد, وإن غالبية من يلجأ ويقبل هذا النمط من الزواج هو الشباب المهاجر لأسباب تتعلق باستخراج الأوراق الرسمية, وشعورهم بالوحدة والغربة في بلد أجنبي يزيد لديهم الرغبة في الاستقرار وتكوين أسرة, وأيضا عندما لا يجد الفرصة في الزواج من إحدى الفتيات ببلاده, وهذا كله يجعل الشخص ينسلخ عن هويته القومية وينتج عن ذلك أجيال بعيدة كل البعد عن الثقافة الوطنية, ويؤدي هذا إلى الاختلاط بثقافات أخرى. بالإضافة أنه إذا كان الأب أو الأم غير مسلمين أومن بلد غربي فإن أبناءهم سيقلدون عاداتهم وتتركب شخصيتهم من سلوكات وأفعال خاطئة ويتأثرون بعادات هذا البلد الغربي. ومن أسباب فشل هذا الزواج أيضا التباين الشديد في الثقافات والتقاليد واصطدام أحد الطرفين بعادات وتصرفات غريبة عن أحدهم ولا يمكن استيعابها, وبذلك تكون بداية الخلافات التي تدمر العلاقة الزوجية, فهناك بعض الفتيات تجذبهن الحياة خارج الوطن, وينبهرن بمعاشرة رجل أجنبي, ويردن التخلص من المشاكل الاجتماعية كالعنوسة فيلجأن إلى الزوج الأجنبي, كما أن هناك العديد من الشباب الذين يريدون الهجرة خارج البلاد, يتمسكون بالزوجة الأجنبية للحصول على الإقامة والأوراق, ولكن بعد ذلك تبدأ الفوارق بينهم في الظهور وتبدأ سلبيات هذا الزواج, فمهما كان ناجحا أو فاشلا, فإنه يهدد تماسك القيم الاجتماعية والدينية والفكرية, وتنشأ مشكلة كبيرة عند إنجاب الأطفال الذين يصبحون ضحايا لاختلاط عادات أوليائهم, وكل طرف منهم يريد التمسك بعاداته وتلقينها لأبنائه فينشأ الخلاف حول تمسك أبنائهم بهذه العادات وينشأ عند الأبناء اختلاط في تكوين الهوية والشخصية الذاتية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.