إذا كان الجوع يجعلك ترى حروفه أكثر وضوحا ،فالفن الحقيقي هو إتقان الحياة بالمقاس الشرعي، و ليس تناول الظواهر الاجتماعية بشكل ساخر أو درامي تجاري أكثر منه أخلاقي مليء بالأضواء ،و الوقوف لا الرقص مع الطفولة التي تبدي بعض الذكاء من تجاويف دماغها هو النجاح في التقاط اللحظة التي تنهال عليها دروع التتويج باعتبارها غرس المجتمعات الذي سينبت رطبا أو شصا بحسب الراعي و المتعهد ،و إذا فرطنا فيها خسرنا خندق التفوق و عطلنا أنظمة السلامة ،و بوصف الاعلام الالكتروني هو الوافد الجديد إلى مجتمع المعلومات بمؤثرات الصورة و الحركة ، التي تجذب عالم الطفولة بسهولة فائقة إذ تستجمع كل عوامل التشويق والإثارة، فالأمر جَدٌ والخطب جلل إذ لابد من الانتباه والحذر نظرا لتعرض الطفل لسيل جارف من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ، التي تخترق منظومته بمتغيرات سلبية أكثر منها إيجابية تشكل مستقبلا قضية خطيرة لا تسعفها القرارات التي لم ترتق إلى مستوى اللحظة. وسائل الاعلام المقروءة مثل المجلات المحببة لدى الأطفال التي تعتبر من روافد التأثير البالغة بحكم سهولتها وقالبها الصوري الجميل ، إذ نجد في العالم العربي عددا من المجلات التي تخاطب الأطفال بأعمارهم المختلفة، فرغم قلتها وقلة انتشارها تتصف -في كثير من الأحيان- بنقص فني و موضوعي أو منهجي ، و الجيد منها قليل ليس في متناول الجميع. عرض موضوع الطفولة يستند إلى بحث متسلسل إلى مواضيع فرعية تتبنى منهجية المتوفر المتاح من دراسة واقع إعلام الطفل العربي بهدف وضع أسس سليمة ومؤصلة لإنتاج إعلام مقروء موجه إلى عالم الطفولة بذوق فني مبدع ، فالمسؤولية في الكتابة للأطفال مضاعفة باعتبارالطفل عنصر يتعاطى الاستقبال فقط دون إثارة مواضيعه ، خلاف الكتابة للكبار التي تظل محل النقد والتمحيص وتكون مواضيعهاعرضة للقبول والرد و الاستنفار أحيانا. الموضوع شمولي يميل إلى المجهود البحثي الذي يتبارى مع اشكالية الواقع و الحقيقة في اظهار علامات الحراك في قراءة البنيات الفكرية و الذهنية بعيدا عن الأدبيات المفصلة العاملة في وسط الطفولة أو ما يدعى في الكتابات النوعية السارية بأدب الطفل ، غير أنه مدعم بمراجع موثقة ، يمكن العودة إليها لإضافة المزيد من الشروحات. فيلسوف فرنسي قال " قبل الزواج كانت لي ست نظريات لتربية الأولاد ، و الآن لي ستة أولاد و ليس معي نظرية"، وحتى لا يجرجرني الموضوع مسافات فأبدو كمحقق خرج عن مهمة جمع الأدلة ، اعتمدت على الدلالة والتركيز حتى يكون متاحا بعناصر بحثية تعتمد الايجاز و الاختصار، بدل الغثاء الذي يملأ الفراغ . هذا مختصر بسيط حررناه تمهيدا للولوج إلى البدايات المرحلية لموضوع أدب الطفل ،الذي سنستعرض عنوانه الابتدائي " تعريف الطفولة " في العدد القادم إن شاء الله .