لا يمكن لأي شخص، أن يمنع طفلا من اللعب مع قطة صغيرة، أو الاقتراب من كلب أليف، فهذه الحيوانات تحديدا تجتذب إليها الكثير من الأطفال يوميا، ولا يتعلق الأمر بالحيوانات الأليفة المرباة في المنازل فحسب، وإنما يتعداه أحيانا إلى ملامسة وملاعبة حتى تلك المتواجدة في الشارع، أي الضالة بتعبير أدق، وذلك في غفلة من رقابة الأولياء أحيانا، أو ابتعادهم عن تحسيس أبنائهم بخطورة اللعب مع الحيوانات التي يجدونها خارج المنزل، والتي لا يتعرفون على أصحابها ولا عن المكان الذي أتت منه، خاصة وان الخطورة الكامنة وراء ذلك كبيرة، ولعل في أولها مخاطر الإصابة بداء الكلب، الذي يتهدد الكثيرين كبارا وصغارا في كل لحظة. تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة إلى أن معدل الإصابة بداء الكلب البشري في الجزائر، بلغ 20 إصابة سنويا رغم الجهود المبذولة لمكافحته، ما يستدعي بذل المزيد من المجهودات للتقليل منه، وكذا تحسيس المواطنين بشكل أوسع بضرورة اخذ كل التدابير الاحتياطية والوقائية اللازمة، لتفادي التعرض لهذا النوع من الإصابات، بالإضافة إلى وجوب تطبيق تدابير احتياطية بسيطة، تتمثل في التنظيف السريع والمتقن للجروح، وإعطاء علاج ما بعد التعرض للإصابة أي اللقاح أو المصل المزود بلقاح. وعلى الرغم من الخطورة الكبيرة لهذا المرض، والتي قد تؤدي في الكثير من الحالات إلى نتيجة واحدة فقط لا غير وهي الموت المحتم والأكيد، حيث انه بظهور أعراض داء الكلب على الإنسان تنتفي كل وسيلة للعلاج، ويموت المصاب لعدم وجود علاج لهذا المرض بعد ظهوره كما أن أغلبية الوفيات المسجلة تأتى نتيجة إهمال الوقاية، فإن عددا من المواطنين قد لا يدركون الخطورة الكبيرة لهذا الداء، بدليل ملامستهم وملاعبتهم للحيوانات التي يجدونها في الشارع دون أدنى خوف، كما أن بعض الأولياء يتركون أطفالهم عرضة لهذه الحيوانات، خاصة في بعض المناطق التي لا تتوفر فيها مساحات خضراء أو مساحات للعب خاصة بالأطفال، وتنتشر بها فوق كل ذلك الحيوانات الضالة من القطط والكلاب، وهو ما يجعل الأطفال بفطرتهم يتجهون إليها في كل وقت، فيتعرضون للعابها أو للخدش منها، وللعض في بعض الأحيان، وان لم تكن تلك الحيوانات مشتبهاً في إصابتها بالداء أصلا، فإن الوقاية تبقى في كل الحالات أفضل من العلاج، ما يعني أن رفع درجات الحيطة والحذر ومراقبة الأطفال على اعتبار أنهم من أكثر الفئات احتكاكا بهذه الحيوانات، يعتبر من الإجراءات الاحترازية الأكثر أهمية على الإطلاق. وبالحديث عن الوقاية وعن احتكاكا الأطفال بالحيوانات الضالة التي يجدونها في الشارع، فإن ما وقع لأحد الأطفال قبل نحو أسبوعين بنواحي بودواو ببومرداس يعتبر دليلا هاما على ضرورة تجنب اللعب مع القطط والكلاب الضالة تحديدا، حيث كان الطفل جالسا رفقة بعض من أصدقائه في الحي، عندما اقتربت منهم قطة صغيرة، وببراءة الأطفال اقترب منها محاولا المسح على رأسها ولكنها قامت بخدشه، ولم يعر الأمر أهمية إلا بعد أن لاحظت والدته أن الخدش ليس طبيعيا بالمرة، فتم نقله على جناح السرعة إلى المستشفى، حيث تم إعطاؤه الحقن اللازمة والتلقيح ضد الإصابة التي تعرض لها، والتي كان يمكن أن تؤدي إلى نتائج وخيمة لولا سرعة التدخل. وعليه فانه إلى جانب كل الإجراءات الوقائية التي تم الحديث عنها سلفا، وكذا ضرورة رفع درجات التحسيس والتوعية ضد داء الكلب في أوساط المواطنين، وضرورة قيام الأولياء على وجه الخصوص بتحسيس وتوعية أبنائهم بمخاطر اللعب مع الحيوانات المجهولة لديهم، فإنه في حالة التعرض لجرح من طرف حيوان ما يجب إجراء تلقيح ضد داء الكلب، بالموازاة مع حقن مصل بعد الجرح من طرف حيوان، سواء بلحس جلد مجروح أو خدش أو عض. كما انه وفي حالة التعرض لعض أو خدش أو لحس من طرف حيوان، سواء كان كلبا أو قطا أو غير ذلك، يجب غسل الجرح بأسرع وقت ممكن بماء كثير دون الخوف من تنظيفه بالصابون بكثرة، إضافة إلى تطهير الجرح بالكحول أو ماء جافيل للقضاء على الأخطار الأخرى لنتانة الجرح وحمايته بضمادة أو قطعة قماش نظيفة، والتوجه بصفة مستعجلة خلال الساعتين اللتين تليان الإصابة إلى أقرب مركز صحي أو لوحدة الاستعجالات للاستفادة من التلقيح أو التلقيح المزدوج بمصل ضد الكلب وكذا علاج الجرح، كما تدعو المصالح المختصة إلى ضرورة البدء في العلاج ضد داء الكلب بعد الإصابة سريعا وبطريقة منظمة لكل شخص تعرض لعض من طرف حيوان أليف أو بري.