كان الفشل مآل وقفة جديدة نظّمها نحو ثلاثين شخصا أمس السبت بالجزائر العاصمة تلبية لنداء مجموعة من النشطاء في الحركة المسماة (بركات) (احتجاجا على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة) حسب ما يردده بعض منظمي هذه المظاهرة، وقد شارك في هذه الحركة الاحتجاجية أعضاء من الحركة الجمعوية وصحفيون وبعض المواطنين. ورفع المتظاهرون الذين تمت محاصرتهم من طرف قوات الأمن عند مدخل الجامعة المركزية بالجزائر العاصمة لتفادي عرقلة حركة المرور في هدوء شعارات معادية لترشح الرئيس بوتفليقة. وتمت الملاحظة أن العديد من المواطنين المارين (الذين فاق عددهم عدد المتظاهرين) توقفوا لمجرد المشاهدة على حد تعبير البعض منهم. كما رفع المتظاهرون الذين كانوا محاطون بصحفيين ومصورين شعارات مؤيدة لقوات الأمن. وكانت شعارات (وان تو ثري فيفا لالجيري) و(بركات بركات) و(تحيا الشرطة) تتعالى من أوساط المتظاهرين الذين تفرقوا في هدوء بعد تجمع دام قرابة الساعة. ويسجل متتبعون تكرار مشاهد الفشل لتجمعات الحركة المسماة بركات، وهو فشل شبيه بذلك الذي كان يلاحق خرجات الزعيم السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، الذي كانت تجمعاته (السبتية) ينظمها كل سبت تشهد تناقصا في أعداد المشاركين فيها حتى (انقرضت) تماما، بعد أن أيقن من تبقى من أنصاره بعدم جدوى (تلبية نداءاته)، وهو المصير نفسه الذي يتوقعه بعض الملاحظين لحركة بركات التي تثبت تجربتها مرة أخرى، فشل المعارضة في حشد الجماهير.. فلماذا هذا الفشل؟ سؤال طرحته (أخبار اليوم) على أساتذة ومتتبعين أشار بعضهم إلى أن إخفاق المعارضة ناجم عن ضعف خطابها السياسي وعجزها عن إقناع الجماهير بجدوى أطروحاتها من جهة، وكذا عن رغبة غالبية الجزائريين في تجنب (فوضى الشارع)، على خلفية المأساة الوطنية التي تجعل الجزائريين يتعاملون بكثير من الحذر والتوجس مع محاولات الزج بهم في تجمعات احتجاجية يجهلون حقيقة أهدافها والواقفين وراءها، خصوصا في ظل وجود شبهات تحوم حول هويتهم.. الأستاذ عبد الرحمن عمّار: "المعارضة الجزائرية فاشلة" أكد (عبد الرحمن عمار) أستاذ في معهد العلوم السياسية والإعلام، أن المعارضة في الجزائر فاشلة منذ الأزل ولم تثبت نجاعتها ووجودها لا على المستوى السياسي أو الشعبي، مضيفا وهو يتحدث ل(أخبار اليوم) أن المعارضة لا تملك قاعدة أساسية ولا أهداف معينة تريد تحقيقها هذا ما أدى بالشعب الجزائري الى فقده الثقة فيها ونيتها في التغيير. وأشار المتحدث إلى أن معارضة اليوم هي نفسها التي كانت تطبل وتزمر بالأمس لذلك فهي لا تستطيع استغباء الشعب الجزائري، كما اعتبر الأستاذ عبد الرحمان أن المعارضة تستعمل وسائل تقليدية في حشد الجماهير لأن العالم اليوم يعيش في تطور رهيب ومواقع التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك وتويتر التي تستهوي الشباب الجزائري لم تستطع المعارضة السيطرة عليها لذلك لجأت الى الطريقة الكلاسيكية عن طريق التظاهر في الشارع، قائلا إنها تحاول زرع الفتنة في البلاد وإدخال الجزائر في دوامة هي في غنى عنها، مضيفا أن جر الوطن الى الربيع العربي هو غير وارد، و(المواطن الجزائري لن يزكي مثل هذه المظاهرات التي بدأت في الزوال، والتي تقف وراءها فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية). عثمان بن لخضر: "المعارضة لا تملك قاعدة جماهيرية" أرجع الأمين العام للمنظمة الطلبة الديموقراطيين عثمان بن لخضر فشل المعارضة في حشد الجماهير الجزائرية إلى كونها لا تملك قاعدة صلبة ومباشرة، مشيرا إلى أن ظهور بعض التنظيمات كان بمحض الصدفة وطبقا لأحداث خاصة ومناسباتية. واعتبر ذات المتحدث في تصريح ل(أخبار اليوم) أن مثل هذه التظاهرات التي تنادي ب(لا لعهدة رابعة) ترفع تصريحات غير منطقية ولا تمت للديمقراطية بأي صلة، مضيفا أن المرشح عبد العزيز بوتفليقة هو مرشح يستوفي جميع الشروط الترشح. كما وصف عثمان بن لخضر المناوئين للعهدة الرابعة بالفاشلين الذين يدعون الى الفتنة وإثارة البلبلة في البلاد، مؤكدا أن الشباب فقد الثقة بمثل هؤلاء ولا يعرفهم الشعب الجزائري، فهم مجهولو الهوية على حد قوله، قائلا إن (حركة بركات تخدم نفسها وتخدم مصالحها لا الشعب). وفي ذات السياق أوضح ذات المتحدث أن (بركات) هي حركة غير قانونية لأنها لا تملك رخصة، كما اعتبر مثل ما تقوم به غير مقبولة وغير جائزة، وهي تحاول استفزاز النظام والشرطة التي تعمل بجهدها لصد وردع هذه التجاوزات الخطرة وغير القانونية على حد تعبيره. سليمة عثماني: "الصندوق هو الفاصل" أكدت (سليمة عثماني) عضو في اللجنة المركزية للأفلان ونائب رئيس المجلس الشعبي الوطني المكلفة بالإعلام وتكوين الثقافة ضرورة أن يحترم منظمو هذه الاحتجاجات في القانون، مشددة على وجوب ضرورة تحسيس الشباب بأهمية المشاركة في الانتخاب المقبلة 17 أفريل. وأشارت عثماني في تصريح ل"أخبار اليوم" إلى أن المنظمات الطلابية الوطنية تهدف من خلال التجمع الذي نظمته أمس إلى تحسيس الشباب بضرورة الانتخاب والصندوق هو الفاصل وليس إثارة البلبة إشاعة الفوضى وكذا التأثير على الآخرين، حيث اعتبرت موقف المقاطعة أو الرفض الذي اختارته بعض الجهات موقفا سياسي يجب احترامه. وفي ذات السياق أشارت إلى ما يحدث في العالم والعالم العربي من الفوضى، لا يجب أن يحدث في الجزائر لأن هناك من يريد للجزائر لا استقرار ولا أمان ولا يخدم الجزائر، متمنية أن يحضر الشعب الجزائري للصندوق الفاصل في الانتخابات، مؤكدة أن الجزائريين بكل فئاتهم وأعمارهم واعون، كما اعتبرت (سليمة عثماني) انتخابات 2014 ليست كسابقتها لأنه تحدي، قائلة إن هناك من يريد لهذا الموعد الهام أن يكون سبب وفرصة في الانقلاب على الجزائر، كما دعت إلى ضرورة أخذ العبرة من البلدان الأخرى.