"خلاّطون" يكتسحون مواقع التواصل الاجتماعي تدور حرب ضارية هذه الأيّام على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدّمتها (الفايس بوك) بين مختلف ألوان الطيف السياسي بالجزائر، ومع اقتراب استحقاق رئاسيات 2014 تشتدّ حرارة هذه الحرب التي يبدو أنها ستزداد سخونة مع انطلاق الحملة الانتخابية يوم 23 مارس، خصوصا بعد أن اكتسح (خلاّطون) موقع (الفايس بوك) وصاروا لا يتردّدون في نشر إشاعات خطيرة من شأنها تهديد أمن واستقرار البلاد. تثير الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرّرة يوم 17 أفريل جدلا واسعا بين أوساط المجتمع الجزائري بمختلف شرائحه وفئاته، حيث يولي الجزائريون حيّزا كبيرا من الاهتمام لهذا الموعد الهام يفوق اهتمامهم بالانتخابات السابقة، سواء تعلّق الأمر بالطبقة السياسية المتمثّلة في الأحزاب السياسية المؤيّدة للنّظام أو فيما يخص المعارضة أو في وسائل الإعلام، الصحافة المكتوبة التي أسالت الكثير من الحبر، أو السمعية البصرية المتمثّلة في القنوات الخاصّة التي تشهد انفتاحا محسوسا اليوم، والتي يتّهمها البعض بالتحريض على الفتنة وإثارة البلبلة بين الجماهير الجزائرية، إضافة إلى ردود الأفعال واختلاف الآراء والحروب الالكترونية التي تقع بين الشباب في مواقع التواصل الأجتماعي (الفايس بوك) المهتمّة بالسياسة والاستحقاقات القادمة وغير المهتمّة بالأخبار السياسية من جميع الفئات والأعمار، فكيف يتفاعل الجزائريون عموما مع الانتخابات الرئاسية؟ حرب بين المؤيّدين لترشّح بوتفليقة والمعارضين بات (الفايس بوك) وغيره من مواقع التواصل على الأنترنت، ساحة لحرب بين أنصار بوتفليقة وخصومهم، و يرى المؤيدون والمساندون لترشح الرئيس بوتفليقة، أن الأمر يتعلق بالمحافظة على استقرار البلاد، حيث عان الشعب الجزائري الكثير ويكفيه أحزان ومآسي وانقسامات، ويرى الجانب الآخر أنه لابد من التغيير الجذري وتكفي 15سنة من حكم بوتفليقة والآن الآوان لتغيير. وقد اتّسم المشهد السياسي في الجزائر بنوع من الضبابية والغموض حول ترشّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من عدمه، لكن انقشعت (السحب السياسية) عندما صرّح الوزير الأوّل عبد المالك سلال من وهران بأن الرئيس ترشّح فعليا للاستحقاقات 2014، مؤكّدا أن هذا الترشّح جاء تحت إلحاح المواطنين الذي يثقون في شخصه. ومنذ ذلك الحين بدأت الحرب الفايسبوكية ولا يكاد يعرف الشارع الجزائري كلاما إلاّ حول الانتخابات الرئاسية، كما أثارت التشاحنات والتناحرات زوبعة كبيرة عند المساندين والمعارضة، ويتعلّق الأمر بالأحزاب السياسية التي قاطعت الانتخابات الرئاسية، خاصّة الأحزاب الإسلامية التي أعلنت المقاطعة مسبقا قبل ترشّح الرئيس بحجّة أن نتائج الانتخابات محسومة سابقا في حال ترشّحه. في المقابل، ترى أحزاب أخرى ضمّت صوتها إلى صوت (المترشّح عبد العزيز بوتفليقة)، على غرار رئيس حزب تاج "عمار غول"، وحزب التجمع الديمقراطي، وأكّد الموالون الرئيس (عبد العزيز بوتفليقة) أن الجزائر تحتاج إلى رجل محنّك يفقه في السياسية، مؤكّدين أن الحاكم الأوّل في البلاد كان إلى جانب الوطن في محنته فهو الذي نجح في إنقاذها من شلال الدم خلال العشرية السوداء وهو من أعلن قانون المصالحة الوطنية والوئام المدني، واصفين كلّ من يحاول زعزعة استقرار البلاد وهزّ كيان الجزائر بالمشوّشين الذي يريدون الشرّ للبلد. وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي (الفايس بوك) التي تحظى بشعبية كبيرة في أوساط الشباب المؤيّدين والمعارضين لترشّح الرئيس حروبا طاحنة من خلال تعليقات تعبّر عن وجهات نظر كلّ شابّ جزائري في الاستحقاقات القادمة، إضافة ألى وضع صور ساخرة وهزلية حول شخصيات معيّنة والمشاحنات بين المؤيّدين لترشّح رئيس الجمهورية (عبد العزيز بوتفليقة) أو بين المعارضين لترشّحه أو بين مرّشحين آخرين. ويُنتظر تساهم مواقع التواصل الاجتماعي بقوة عبر مستخدميها في الحملات الانتخابية القادمة من قِبل المترشّحين الجدد. عمار عبد الرحمن: "الفايس بوك ملاذ الشباب.. والصندوق هو الفاصل" ندّد السيّد عمار عبد الرحمن أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر بالاحتجاجات التي تقوم بها بعض الجهات المنتسبة إلى المعارضة بدعوى رفض ترشّح الرئيس بوتفليقة ووصفها باللاّ مسؤولة وغير الواعية بخطورة الأمر ما تقوم به، كما تأسّف وهو يتحدّث عن هوية المحتجّين فمعظمهم من الأسرة الإعلامية الذين يدعون حرّية التعبير والديموقراطية لكنهم في الحقيقة يدوسون على الحرّية، على حد تعبيره. وأكّد عمّار في تصريح ل (أخبار اليوم) أن الرئيس من حقّه الترشّح والدستور يخوّل له الترشّح لعهدة رابعة ولا أحد يحقّ له حرمانه من ذلك، مشيرا إلى أن صناديق الاقتراع هي الفاصلة في الأمر وليس النزول إلى الشارع وإحداث الفوضى التي تجرّ البلاد إلى متاهات، واصفا إيّاها بأنها غير أخلاقية وغير إنسانية، داعيا إلى اللّجوء إلى الحلّ السياسي والأمثل وهي صناديق الاقتراع الفاصلة في القضية، والأفضل هو من ينجح في الفوز بكرسي في قصر المرادية. في ذات السياق، أشار عمّار عبد الرحمن إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي (الفايس بوك) أصبحت ملاذ الشباب والمكان الحقيقي بالنسّبة للشباب الجزائري نظرا للتفاعل الكبير الذي أبدته هذه الفئة حول استحقاقات 17 أفريل القادم، مضيفا أن هناك اهتماما شاسعا مقارنة بالانتخابات السابقة. وأوضح ذات المتحدّث أن الملفت للأمر هو أن الشباب يهتمّون بشخصيتين على رأسهم الرئيس بوتفليقة ورئيس الحكومة السابق علي بن فليس مقارنة بالمرشّحين الآخرين الذين أودعوا استماراتهم، على غرار موسى تواتي وفوزي ربّاعين ولوزيزة حنّون، إضافة الى شخصيات أخرى غير معروفة. المحافظة على استقرار البلاد مهمّة الجميع تعيش الجزائر في الوقت الرّاهن غليانا كبيرا قبيل الانتخابات الرئاسية 17 أفريل، وممّا لا شكّ فيه أن البلاد محتاجة إلى العقلاء المحبّين لوطنهم لأن دخول الجزائر في نفق مظلم ليس في صالح الجميع، لذلك هذا الوضع يتطلّب التريّث والتعقل وليس إثارة الشحناء والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد، حيث تنذر هذه البلبلة والفوضى التي تحدث في الشارع بأزمة تلوح في الأفق لا تخدم الشعب الجزائري الذي يكفيه ما عاشه من معاناة ومآسي.