رئيس الوزراء الليبي الجديد يتولّى منصبه وسط فوضى أمنية وسياسية عقد أحمد معيتيق رئيس الوزراء الليبي الجديد أوّل اجتماع لمجلس وزرائه في ظلّ أزمة أمنية وسياسية خانقة تمرّ بها بلاده، وذلك بعد رفض رئيس الوزراء السابق عبد اللّه الثني تسليم سلطاته إلى المعيتيق الذي انتخبه البرلمان الشهر الماضي.. تصارع ليبيا الفوضى وأزمة سياسية، إذ أن رئيس الوزراء السابق عبد اللّه الثني رفض تسليم سلطاته إلى معيتيق الذي انتخبه البرلمان الشهر الماضي. واستقال الثني في أفريل، لكنه قال إنه تلقّى أوامر متضاربة من البرلمان الليبي المنقسم على نفسه بشأن شرعية انتخاب معيتيق، وأنه سيستمرّ في أداء مهام منصبه حتى يحسم المؤتمر الوطني العام النّزاع. وقال شهود إن معيتيق وصل إلى مكتب رئيس الوزراء في وقت متأخّر من المساء تحرسه سيّارات الشرطة. وكان الثني قد انتقل في وقت سابق إلى مبنى حكومي آخر، حسب ما قال المتحدّث باسمه. وفي تصريح مقتضب بعد اجتماع لمجلس الوزراء استنكر معيتيق الاشتبكات التي وقعت بين الإسلاميين المتشدّدين وقوات الأمن في مدينة بنغازي الشرقية وأودت بحياة أكثر من 20 شخصا، وتعهّد بجعل تحسين الأوضاع الأمنية ومحاربة الإرهاب على رأس أولوياته. في الجانب الأمني، ارتفعت حصيلة ضحايا الاشتباكات المسلّحة في مدينة بنغازي شرقي ليبيا بين قوات موالية للواء المتقاعد خليفة حفتر ومسلّحي تنظيم (أنصار الشريعة) الليبي إلى 20 قتيلا و70 جريحا مع موجة نزوح كثيفة للسكان، في حين وصل أربعة من وزراء حكومة عبد اللّه الثني الى القاهرة في زيارة مفاجئة. وقال العقيد محمد حجازي المتحدّث باسم اللّواء المتقاعد خليفة حفتر إن قواته تعتزم تحويل مقر كتيبة (17 فبراير) التابعة لرئاسة الأركان إلى حديقة عامّة، فردّ متحدّث باسم الكتيبة نافيا سيطرة قوات حفتر على الكتيبة العسكرية في وقت قالت فيه حكومة تصريف الأعمال برئاسة عبد اللّه الثني إنها مصرّة على قرارها بعدم تسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة التي يرأسها أحمد معيتيق. زيارة مفاجئة في خطوة مفاجئة وصل إلى القاهرة وفد وزاري ليبي يضمّ أربعة وزراء في حكومة تسيير الأعمال برئاسة عبد اللّه الثني، حسب مصادر ملاحية في مطار القاهرة الدولي. وقالت المصادر، التي فضّلت عدم نشر أسمائها، إن (الوفد الليبي يضمّ محمد عبد العزيز وزير الخارجية ونور الدين دغمان وزير الصحّة والحبيب الأمين وزير الثقافة والمجتمع المدني وعبد القادر أحمد وزير المواصلات والنقل، إضافة إلى عدد من كبار المسؤولين)، وأوضحت أن (الوفد الليبي وصل إلى القاهرة على متن طائرة خاصّة قادما من طرابلس في زيارة لم يعلن عنها مسبقا). ولم تتّضح على الفور مدّة الزيارة أو الهدف منها، حسب المصادر ذاتها. وأعلنت وزارة الخارجية المصرية الشهر الماضي رفضها ما قالت إنها محاولات للزجّ بمصر في الشأن الليبي. الوجه الآخر لبنغازي على الصعيد الميداني خلّفت الاشتباكات أضرارا مادية كبيرة بالمباني والمنازل المحيطة بالمكان، كما انتشرت بعض السيّارات التي طالها القصف على قارعة الطريق السريع بمنطقة قاريونس وهي محترقة بشكل كامل. قال مسؤول أمني بالمدينة إن (أصوات الاشتباكات التي تدور في مدينة بنغازي سببها هجوم مسلّحين تابعين لتنظيم أنصار الشريعة مدعومين بعناصر من بعض كتائب الثوّار على معسكر 21 صاعقة [كتيبة شهداء الزاوية التابعة للقوات الخاصة بالجيش الليبي] بمنطقة طابلينو الذي أعلن انضمامه في وقت سابق لقوات اللّواء حفتر). ولم يتسنّ الحصول على تعقيب فوري بشأن الاشتباكات وتصريحات المسؤول الأمني من السلطات الليبية أو تنظيم (أنصار الشريعة). وأفاد شاهد عيان في مدينة بنغازي بأن (طائرات حربية تجول في سماء المدينة وتقصف مواقع لم يتمّ تحديدها بعد)، وقال إن (أهالي مناطق طابلينو وسيدي فرج والقوارشة وقاريونس والهواري بدأوا الخروج من منازلهم إلى وجهات متعدّدة بسبب تعرّض بعض المنازل لسقوط قذائف صاروخية جرّاء الاشتباكات التي استمرّت لأكثر من سبع ساعات)، دون تحديد عددهم. وفي أحاديث منفصلة قال بعض الأهالي النازحين إنهم عاشوا لأكثر من سبع ساعات متواصلة في خوف كبير جرّاء القصف ووجود منازلهم في محيط الاشتباكات، وأشاروا إلى أن جيرانا لهم طالهم القصف الصاروخي. من جهته، نفى رئيس أركان الجيش الليبي السابق اللّواء يوسف المنقوش صلته بأيّ عمليات عسكرية تعرف باسم (الوفاء للشهداء)، للدفاع عن شرعية المؤتمر الوطني العام (البرلمان الليبي المؤقت)، وقال إنه (اعتزل العمل العسكري حاليا نظرا لظروفه الاجتماعية ووجوده خارج ليبيا). سياسيا، قالت حكومة تصريف الأعمال الليبية برئاسة عبد اللّه الثني إنها مصرّة على قرارها بعدم تسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة التي يرأسها أحمد معيتيق. وقال الثني في بيان له الأحد إن نوابا بالمؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقّت) تقدّموا بدعوة أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا للطعن في قرار انتخاب أحمد معيتيق رئيسا للوزراء ومنح الثقة لتشكيلته الوزارية، والأمر ما زال ينظر أمام القضاء، معتبرا أن الكلمة الفصل في الأمر ستكون للقضاء. وكانت رئاسة البرلمان الليبي قد وصفت في بيان صحفي في وقت سابق امتناع رئيس حكومة تصريف الأعمال عبد اللّه الثني عن تسليم السلطة إنه (تشبّث بالسلطة ورفض التداول السلمي لها، وهو يخالف الإعلان الدستوري والقوانين التي أقسم الثني على احترامها)، معتبرة أنها (سابقة شائنة وغير معهودة). واعتبر بيان رئاسة البرلمان أن تصرّف الثني يعدّ جريمة قانونية طبقا لقانون العقوبات، في إشارة إلى إساءة استعمال السلطة.