إسرائيل تفرض إغلاقاً شاملاً وحصاراً يخنق الأراضي الفلسطينية * 150 معتقلا في الخليل وقصف مستمر على غزة أيام رعب وخوف أطلت من جديد على الأراضي الفلسطينية، فرضها الاحتلال منذ واقعة الاختطاف، قلم تنم الضفة الغربية ولا قطاع غزة لليوم الرابع على التوالي في ظل حملة المداهمات والاعتقالات في عدة مدن وأبرزها الخليل، والقصف الذي تعرضت له مناطق في القطاع، أعادت من جديد للأذهان صور الحرب على غزة. أفادت مصادر طبية باستشهاد الشاب أحمد صبارين (22 عاما) من مخيم الجلزون شمال رام الله، متأثرا بجراحه خلال المواجهات التي اندلعت الليلة بين جنود الاحتلال والشبان في المخيم، والشهيد صبارين هو أسير محرر، ولم يمض على الإفراج عنه سوى شهر، بعد اعتقال دام أكثر من عام داخل سجون الاحتلال. وفي قطاع غزة أصيب ثلاثة مواطنين في سلسلة غارات شنها الطيران الحربي الإسرائيلي على مناطق متفرقة في القطاع. كما أصيب ثلاثة مواطنين بعد قيام قوات الاحتلال بتفجير باب منزلهم في منطقة عين دير بحة غرب الخليل، واعتقلت ساكنيه، في الوقت الذي شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية طالت قيادات وكوادر في حركة حماس بينهم نواب ووزراء سابقون، ومن بين المعتقلين الدكتور عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي. وحسب الأرقام المتضاربة وصل عدد المعتقلين الليلة إلى 60 معتقلا، ليصبح مجموع المعتقلين منذ يومين إلى اليوم نحو 150. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال أمس إن (أعضاء من حركة حماس هم من يقفون وراء عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة في الخليل)، إلا أن سامي أبو زهري الناطق باسم حركة حماس وصف تصريحات نتنياهو ب الغبية. وأنها ذات بُعد استخباراتي . وأضاف في تصريحات صحفية أن التصعيد الإسرائيلي في الضفة وغزة يعكس حالة التخبط لدى الاحتلال . جيش الاحتلال يُهدد قال الناطق باسم جيش الاحتلال العميد موتي الموز في مؤتمر صحافي حول عملية الجيش في منطقة الخليل: إنه خلال ال24 ساعة الماضية قمنا بتوسيع العملية العسكرية واعتقلنا العشرات من نشطاء حماس ومن بينهم أعضاء من المجلس التشريعي، وسنواصل بكل القوة البحث عن المستوطنين الثلاثة في كل الضفة الغربية . ونقلت صحيفة يديعوت احرونوت عن الموز قوله: إن الجزء الجنوبي من الضفة الغربية يقع تحت الإغلاق العسكري منذ ليلة الخميس من أجل ضمان نجاح العملية العسكرية . وأضاف أن العمل سيتواصل في الأيام المقبلة في كل المنطقة . إبعاد قيادات حماس خارج الضفة وفي سياق متصل، قال مراسل القناة الاسرائيلية الثانية للشؤون السياسية اودي سيغل إن المستوى السياسي في إسرائيل يدرس القيام بما أسماه عدة خطوات عقابية تشمل إبعاد نشطاء من حماس إلى الخارج. وأضاف أن القيادة الإسرائيلية تدرس القيام بعدة خطوات بعد تهيئتها عبر النظام القضائي والأمني في إسرائيل، ومن بينها إبعاد نشطاء من حماس إلى الخارج بالإضافة لعقوبات أخرى. وأشار إلى أن هذه الإجراءات تأتي بهدف زيادة الضغط الممارس على المنظمات الفلسطينية وقيادة حماس والرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث أبدت مصادر إسرائيلية اعتقادها أن الضغط الإعلامي على أبو مازن سيدفعه للتحرك. إلى ذلك قالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية: إن الجيش يحشد قوات برية في الضفة، لكن هذه ليست عملية لإنقاذ المخطوفين، إذ أنه لم يتم العثور أبدا على جنود أسرى أثناء عمليات البحث من بيت إلى آخر، وهكذا فإن هذه العمليات هي في أفضل الأحوال إظهار قوة، وتمرير رسالة مهدئة إلى الجمهور في إسرائيل . ورأت الصحيفة أن تصوير عملية الاختطاف بأنها تنطوي على أهمية سياسية استراتيجية، ستغير العلاقات بين دولة الاحتلال والفلسطينيين سابقة لأوانها، وما زال من غير الممكن حتى الآن معرفة كيف سينتهي هذا الحدث المتدحرج، ونهايته هي التي ستحدد مكانة عملية الاختطاف في المواجهة الإسرائيلية-الفلسطينية . وكان جيش الاحتلال أعلن مساء السبت الماضي فرض إغلاق شامل على الضفة الغربية حتى إشعار آخر، على خلفية اختفاء المستوطنين الثلاثة ليلة الخميس الماضي. ونشرت قوات الاحتلال العديد من الحواجز العسكرية الطيارة على طول الطرق الواصلة بين مدن الضفة الغربية الجنوبية والوسطى، وأغلقت العديد من الحواجز في محافظة الخليل. كما قامت بتشديد الحصار على قطاع غزة من خلال إغلاق معبر كرم أبو سالم جنوبي القطاع، ومنع دخول البضائع إليه. فرصة القضاء على حماس طالب المحلل العسكري الإسرائيلي أليكس فيشمان الحكومة الإسرائيلية بانتهاز فرصة حادثة الاختطاف لضرب بنى حماس التحتية في منطقة الخليل، وإثارة الصراع بين فتح وحماس؛ بهدف القضاء على حكومة الوحدة الفلسطينية. وقال فيشمان في افتتاحية يديعوت، كلما مرّ الوقت لم يبق مكان كبير للتفاؤل بمصير المخطوفين الثلاثة . وأشار إلى أن الصورة التي تطورها الأنباء المنشورة عن عملية الاختطاف هي صورة تنظيم جدي مهني يعرف عمل الخداع والتضليل والإخفاء جيدا. وأكد أنّ مكان الاختطاف الذي اختير وهو مفترق ألون شفوت القديم، لم يكن عرضيا: فالمحطة هناك هي الوحيدة في تلك المنطقة التي لا يوجد فيها جنود يقومون بدوريات أو موقع عسكري يشغله الجنود حتى منتصف الليل كما في مفترق غوش، ولا شك في أن الخاطفين راقبوا المكان وعرفوا مجرى الأمور حوله، ولا سيما أنه يوجد على بعد نصف كيلومتر من هناك اللواء الميداني عصيون ولهذا توجد في المحيط حركة سيارات عسكرية . ونوّه فيشمان إلى أن نتنياهو يرى أن الجهة التي تقف وراء تنفيذ الاختطاف هي الذراع العسكرية لحماس. مضيفا أنّ الخليل معروفة أيضا من الماضي بأنها مكان لتنظيمات سرية من حماس كان من الصعب جدا على جهات الاستخبارات أن تصل إليها. وافترض أن (هذا الاختطاف هو من نوع العمليات التي يعلمها القادة في الذراع العسكرية لحماس في البلاد والخارج. ومن المنطق جدا أن نفرض أيضا أن يضطر رجال هذه الذراع في مرحلة ما إلى أن يقرروا ماذا ستكون المرحلة التالية، هل يندمجون في المنطقة ويستخفون أم يبدأون تلمس تفاوض بواسطة طرف ثالث. ومع ذلك من المنطق جدا أن نفرض أن قيادة حماس السياسية خاصة إسماعيل هنية وخالد مشعل لم تعرف بالعملية قبل ذلك). وقال فيشمان إلى جانب الجهد لحل اللغز، تستغل إسرائيل الفرصة للقيام بمعركتين أخريين. وقد نفذت إسرائيل اعتقالات واسعة في يهودا والسامرة بغرض تتبع آثار الخاطفين. لكن اعتقل مع ال 85 من رجال حماس الذين اعتقلوا والذين لهم صلة مباشرة بتحقيق الاختطاف أو لهم صلة بعمل حماس في المنطقة، اعتقلت أيضا النواة الصلبة لقيادة حماس السياسية وأشخاصا مشاركين في تجديد البنيتين التحتيتين السياسية والاجتماعية للمنظمة . وأكد أن لدى إسرائيل شعورا منذ أن أنشئت حكومة الوحدة، اعتمادا على معلومات، بأن حماس أخذت تبني مجددا البنية التحتية ولا سيما الاجتماعية التي هي أساس قوة المنظمة على الأرض تحت غطاء حكومة الخبراء. وأضاف أنّ المحادثات في التسوية الدائمة ونجاح السلطة في الساحة الدولية، لم تمكن إسرائيل من القيام بعلاج جذري عنيف لتلك البنى التحتية السرية لحماس في منطقة الخليل. الحروب الإعلامية المغرضة ومن جهة أخرى، قال فيشمان (لو أن إسرائيل اعتقلت عشرات القادة من حماس وفرضت طوقا على مناطق واسعة قبل أسبوع لصرفت السلطة الفلسطينية ووقفت الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي معها. واليوم تسكت السلطة وحينما يسكت أبو مازن لا يعني الصراع والاختطاف أحدا في العالم. فهذه فرصة لإسرائيل لتعالج بنى حماس التحتية في الخليل وهذه معركة تستحق أن يُجند لها احتياطيون يشغلون أماكن القوات النظامية على طول الحدود). وحول وضع أبو مازن والسلطة بعد عملية الاختطاف أكد فيشمان أن أبو مازن في حيرة شديدة فقضية الأسرى موضوع يُجمع عليه المجتمع الفلسطيني وهو ما يلزمه في ظاهر الأمر بأن يُظهر تأييد الإجراء الذي نفذته حماس. بيد أن إجراء الاختطاف القاسي سحب البساط من تحت قدميه وترك السلطة في شلل. طعنتنا حماس في الظهر ، قال صباح أمس عدنان دميري، متحدث قوات أمن السلطة. ويعبر هذا القول عن شعور قيادة السلطة فيما يتعلق بفعل الاختطاف الذي يهدد بتعويق واحد من أكبر نجاحات أبو مازن الدبلوماسية . وشدد على أن إسرائيل يجب أن تنتهز هذه الفرصة لإجراء معركة أخرى ذات معنى سياسي. وأضاف حشدت حكومة الوحدة الفلسطينية زخما في الرأي العام الدولي والسبيل الوحيد لإحداث انقسام بين حماس وفتح والأوروبيين؛ هو جعل حماس تسلك سلوكا عنيفا، فالمنظمة لم تنفذ اختطافا فقط بل هي تزعزع الاستقرار في قطاع غزة أيضا. وقد هاجمت إسرائيل أول أمس تسعة أهداف لحماس في قطاع غزة ولم ترد حماس على ذلك . واستدرك قائلا لكن إذا استعمل الجيش الإسرائيلي في أثناء العمليات في الخليل قوة على مبنى يعتصم فيه رجال من حماس فقتلهم، وإذا عاد الجيش الإسرائيلي فهاجم القطاع من الجو، فلن تستطيع حماس الاستمرار على عض شفتيها. ولن تذرف إسرائيل دمعة واحدة اذا أتيحت الفرصة لضرب غزة وإعادة حماس إلى صورتها الصحيحة بصفتها جسما إرهابيا. وفي اللحظة التي تبدأ حماس إطلاق النار فيها سنكون في ذروة أيام معركة تساعد العالم على أن ينسى أنه وُجدت هنا حكومة وحدة غير عنيفة . وختم فيشمان مقالته بالقول ليس من الصدفة في تقديري أن ينصب الجيش الإسرائيلي قبة حديدية في أسدود، فمن المتوقع أن تخطيء حماس في مرحلة ما وقد فعلت ذلك. والتوقع مستعد الآن لرد الجيش الإسرائيلي. إن إسرائيل تتابع منذ زمن تسلح حماس بمئات الصواريخ البعيدة المدى التي تهدد تل أبيب. وهي ترى أنه توجد هنا فرصة ذهبية للقضاء على صورة حكومة الوحدة ولعلاج مخزون القذائف الصاروخية . نتنياهو يدرس إبعاد قادة حماس في الضفة لغزة في الوقت الذي تدرس فيه إسرائيل إجراءات عقابية غير مسبوقة ضد حركة حماس، حذرت محافل عسكرية واستراتيجية صهيونية من أن مكانة الحركة تعززت كثيراً في أعقاب خطف المستوطنين الثلاثة. ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية الليلة الماضية عن مصادر في شعبة الاستخبارات العسكرية أمان قولها أن مكانة حماس الجماهيرية قد تعززت كثيراً، بسبب الحساسية الكبيرة التي ينظر بها الشعب الفلسطيني لقضية أسراه في سجون الاحتلال. وأشارت المصادر إلى أنه نظراً لأن الجمهور الفلسطيني يرى في عمليات الاختطاف الوسيلة شبه الوحيدة لتحرير الأسرى من السجون الإسرائيلية ، فإن تصدي حركة حماس لتنفيذ هذه العمليات يعزز من رصيدها الجماهيري، في الوقت الذي أدت عملية الخطف للمس بمكانة رئيس السلطة الفلسطينية، الذي يتم تقديمه كمتعاون مع إسرائيل ، في ظل كشف وسائل الإعلام الصهيونية عن الكثير من مظاهر التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن سبل الكشف عن خاطفي المستوطنين الثلاثة. وفي ذات السياق، كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية الليلة الماضية وفجر أمس الإثنين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدرس اتخاذ إجراءات عقابية (غير مسبوقة) ضد حركة حماس تتمثل في إبعاد عدد من قياداتها في الضفة الغربية إلى قطاع غزة، والسماح لجيش الاحتلال بتدمير منازل نشطاء في الحركة على علاقة بعملية الخطف، إلى جانب منع ذوي أسرى حماس في سجون الاحتلال من زيارتهم. من ناحيته قال وزير الاستخبارات والعلاقة الدولية يوفال شطاينتس إنه يتوجب على إسرائيل توظيف موقف العالم العربي من جماعة الإخوان المسلمين في تشديد الحرب ضد حركة حماس، التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الإخوان المسلمين. ونقلت الإذاعة العبرية عن شطاينتس قوله إن إعلان عدد من الدول العربية عن جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية يمكن أن يزيد من هامش المناورة المتاح أمام تل أبيب لتوظيف الكثير من الأدوات في الحرب ضد حركة حماس. وأشار شطاينتس إلى أنه يتوجب على الدول العربية مساعدة إسرائيل في تجفيف منابع حركة حماس، سيما على صعيد التمويل، مدعياً أن الدعم الذي تحصل عليه حماس من جمعيات أهلية في عدد من العالم العربي يساعدها في خطها الإرهابي والدعائي ضد إسرائيل . من ناحية ثانية دعا القيادي اليميني المتطرف ميخائيل بن آرييه إلى إعدام قيادات حركة حماس بشكل علني رداً على اختطاف المستوطنين. ونقل موقع عروتس شيفع مساء أمس عن بن آرييه، الذي كان نائباً في الكنيست قوله إن إعدام قيادات حماس أمام الجمهور سيعزز من قوة الردع الإسرائيلية. من ناحيتها أرسلت منظمة بني عكيفا ، أحد أهم الأذرع الشبابية التي تمثل اليمين الصهيوني ببرقية إلى نتنياهو تطالبه بتصفية رئيس الوزراء الفلسطيني السابق إسماعيل هنية ومروان البرغوثي القيادي في حركة فتح المعتقل في سجون الاحتلال. ونوه عروتس شيفع أن البرقية شددت على أهمية أن تستعيد إسرائيل زمام المبادرة في مواجهة الإرهاب الفلسطيني .