المجلس الأعلى للشباب: رفع تقرير سنة 2024 المتضمن لمقترحات قوية إلى رئيس الجمهورية مارس المقبل    المغرب: الانشغال بالأجندات وإهمال الحقوق الأساسية وراء إخفاقات الحكومة في احتواء أزمة الصحة    نديل: التحول الطاقوي بات من أولويات الحكومة ومشاريع واعدة للرفع من القدرات الوطنية للمحروقات    افتتاح وكالة جديدة لبنك الجزائر الخارجي بتيميمون    سوناطراك تشارك في قمة ليبيا للطاقة والاقتصاد    الشركة الجزائرية-القطرية للصلب/جيجل: تصدير نحو 700 ألف طن من منتجات الحديد خلال 2024    غزة: بدء دخول شاحنات المساعدات إلى القطاع عبر معبر رفح    المعهد الوطني للصحة العمومية: تنظيم دورات تكوينية حول الوقاية والتكفل بالأمراض المرتبطة بالتغذية    تكوين مهني: استلام منشآت جديدة ببومرداس خلال العام الجاري    بسكرة: المدير العام للحماية المدنية يدشن ثلاث وحدات ثانوية    الجلسات الوطنية للسينما: رئيس الجمهورية يبرز الاهتمام الذي توليه الدولة للثقافة والنشاط السمعي البصري    الجلسات الوطنية للسينما: وزير الثقافة والفنون يبرز دور الدولة في ترقية المشهد الثقافي    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا الى 46391 شهيدا و 110750 جريحا    رياضة مدرسية: تأسيس عشر رابطات ولائية بالجنوب    قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل عدة فلسطينيين من الضفة الغربية    الطبعة ال3 للدورة الوطنية للكرات الحديدية: تتويج ثلاثي تلمسان بولاية الوادي    حزب العمال يسجل نقاطا إيجابية    صورة تنصيب ترامب تثير الجدل!    الجزائر تتحرّك من أجل أطفال غزّة    نشاط قوي للدبلوماسية الجزائرية    أين الإشكال يا سيال ؟    حماس: نقترب من التحرير    شايب: نهدف إلى تحسين خدمة المواطن    تجارة: عدم التساهل مع كل أشكال المضاربة والاحتكار للحفاظ على استقرار السوق    الأمم المتحدة تكثف جهودها الإنسانية في غزة مع بدء تنفيذ وقف إطلاق النار    جيدو/البطولة الوطنية فردي- أكابر: تتويج مولودية الجزائر باللقب الوطني    خدمات الحالة المدنية لوازرة الخارجية كل يوم سبت.. تخفيف الضغط وتحسين الخدمة الموجهة للمواطن    الذكرى ال70 لاستشهاد ديدوش مراد: ندوة تاريخية تستذكر مسار البطل الرمز    تمديد أجل اكتتاب التصريح النهائي للضريبة الجزافية الوحيدة    فتح تحقيقات محايدة لمساءلة الاحتلال الصهيوني على جرائمه    التقلبات الجوية عبر ولايات الوطن..تقديم يد المساعدة لأزيد من 200 شخص وإخراج 70 مركبة عالقة    الجزائر رائدة في الطاقة والفلاحة والأشغال العمومية    رحلة بحث عن أوانٍ جديدة لشهر رمضان    ربات البيوت ينعشن حرفة صناعة المربى    بلومي يباشر عملية التأهيل ويقترب من العودة إلى الملاعب    ريان قلي يجدد عقده مع كوينز بارك رانجرز الإنجليزي    35 % نسبة امتلاء السدود على المستوى الوطني    مرموش في السيتي    الرئيس يستقبل ثلاثة سفراء جدد    المولودية على بُعد نقطة من ربع النهائي    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    بسكرة : تعاونية "أوسكار" الثقافية تحيي الذكرى ال 21 لوفاة الموسيقار الراحل معطي بشير    سكيكدة: تأكيد على أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية تخليدا لبطولات رموز الثورة التحريرية المظفرة    مجلس الأمن الدولي : الدبلوماسية الجزائرية تنجح في حماية الأصول الليبية المجمدة    اقرار تدابير جبائية للصناعة السينماتوغرافية في الجزائر    وزير الاتصال يعزّي في وفاة محمد حاج حمو    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    تعيين حكم موزمبيقي لإدارة اللقاء    بلمهدي يزور المجاهدين وأرامل وأبناء الشهداء بالبقاع المقدّسة    جائزة لجنة التحكيم ل''فرانز فانون" زحزاح    فكر وفنون وعرفان بمن سبقوا، وحضور قارٌّ لغزة    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    بلمهدي يوقع على اتفاقية الحج    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    الأوزاعي.. فقيه أهل الشام    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وتحرير الأسرى
نشر في أخبار اليوم يوم 26 - 06 - 2014

عن أَبي هُرَيْرَة قال: (كان رسول اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يقول حين يَفْرُغُ من صَلاةِ الْفَجْرِ من الْقِرَاءَةِ، وَيُكَبِّرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ: سمع الله لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ يقول، وهو قَائِمٌ: اللهم أَنْجِ الْوَلِيدَ بن الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بن هِشَامٍ وَعَيَّاشَ ابن أبي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤْمِنِينَ...).
يظهر الرسول، صلى الله عليه وسلم، في هذا الحديث الشريف مدى اهتمامه بقضية الأسرى ونصرتهم، فيجعل لهم حظاً من دعائه في صلاته وقنوته، وهذا الحديث الشريف يشير بصورة واضحة إلى أن قضية الأسرى كانت تشغل باله، صلى الله عليه وسلم، ولها مكانة بارزة في سلم أولوياته، وهو من ناحية ثانية يوجه الأمة في كل زمان ومكان إلى أن يعطوا الأسرى ما يستحقون من الاهتمام والمتابعة والنصرة، كيف لا؟! والله في محكم التنزيل ينكر التقاعس عن القيام بواجب نصرة المستضعفين، فيقول سبحانه وتعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً}. والاستفهام في{وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ} للتوبيخ، أي لا مانع لكم من القتال في سبيل الله وفي تخليص المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين حبسهم الكفار عن الهجرة وآذوهم. وفي عمدة القاري أن في هذه الآية الكريمة تحريضاً لعباده المؤمنين على الجهاد في سبيله، وعلى السعي في استنقاذ المستضعفين بمكة من الرجال والنساء والصبيان
وجوب نصرة الأسرى
تندرج نصرة الأسرى ضمن الواجب الشرعي الذي فرضه الله على المؤمنين تجاه المستضعفين والمظلومين، الذي تسلط عليهم ظالم، فمنعهم حريتهم وحقهم بالعيش الكريم، فعن الْبَرَاء بن عَازِبٍ رضي الله عنهما، قال: (أَمَرَنَا النبي، صلى الله عليه وسلم، بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عن سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلامِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَهَانَا عن خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَعَنْ الْمَيَاثِرِ، وَالْقَسِّيَّةِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَالدِّيبَاجِ). ولا بد من التأكيد في هذا المقام على أن التقصير في القيام بالواجب المطلوب نحو الأسرى البواسل، يتناقض مع التوجيهات النبوية التي جاءت مرة في سياق الأمر بنصرة المستضعف والمظلوم، ومرة أخرى جاءت في سياق النهي عن خذلان المسلم، أو ظلمه، أو تسليمه، وهي أبعاد ذات دلالة جلية على الواجب الملقى على عاتق أمة الإسلام، أفراداً وجماعة، ومؤسسات ومسؤولين نحو الأسرى وتحريرهم، وبخاصة أنهم في الأسر، لأنهم انضووا تحت لواء حفظ كرامة الأمة والدفاع عن حياضها، ودينها، ووجودها، وكرامتها، فللأسرى واجب النصرة على أمتهم، ورفع الظلم والقهر عنهم، وكثيرة هي الأحاديث والآيات التي توجب نصرة المسلم على إخوانه،
فعن أَنَسٍ، رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أو مَظْلُومًا، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ هذا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا، قال: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ) (صحيح البخاري، كتاب المظالم والغصب، باب أعن أخاك ظالماً أو مظلوماً). وعن عَبْد اللَّهِ بن عُمَرَ، رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قال: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، ولا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كان في حَاجَةِ أَخِيهِ؛ كان الله في حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً؛ فَرَّجَ الله عنه كُرْبَةً من كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً؛ سَتَرَهُ الله يوم الْقِيَامَةِ) ورد في فتح الباري؛ ولا يسلمه: أي لا يتركه مع من يؤذيه، ولا فيما يؤذيه، بل ينصره، ويدفع عنه، وهذا أخص من ترك الظلم، وقد يكون ذلك واجباً، وقد يكون مندوباً؛ بحسب اختلاف الأحوال. وزاد الطبراني من طريق أخرى عن سالم (ولا يسلمه في مصيبة نزلت به). ونصرة الأسرى تندرج ضمن نصرة الأخ المظلوم، وتحت فضل تفريج كرب المكروب، وأي مكروب؟ إنه من قدم واستبسل في سبيل كرامة أمته ووطنه ودينه وشعبه، فهو جدير بالمساندة والدعم، والعمل الجاد الذي يقود إلى تفريج كربه، وفك قيده، وإطلاق سراحه، وتلك أمانة في أعناق من خلفه من قادة ومسؤولين وإخوة ومؤسسات وأمة.
الحث على تحرير الأسرى
ورد في الحديث الصحيح حث الرسول، صلى الله عليه وسلم، على فك الأسير من قيده، فعن أبي مُوسَى رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: (فُكُّوا الْعَانِيَ- يَعْنِي الأَسِيرَ- وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ)(صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فكاك الأسير). والعاني هو الأسير، قال ابن بطال: فكاك الأسير واجب على الكفاية، وبه قال الجمهور. وقال إسحاق بن راهويه من بيت المال، وروى عن مالك أيضاً، ولو كان عند المسلمين أسارى وعند المشركين أسارى واتفقوا على المفاداة تعينت، ولم تجز مفاداة أسارى المشركين بالمال (وهذا يعني لزوم العمل الجاد على فك الأسرى، وإطلاق سراحهم، وأن تبادل الأسرى مع الأعداء أسلوب من الأساليب التي بين فقهاء السلف حكم جوازها، والعمل بها. ولا بد من العمل الجاد من أجل إنهاء قضية الأسرى وهي قضية مركزية لدى أطياف الشعب الفلسطيني كافة، قيادة وأفراداً ومؤسسات، بل يجب أن تتقدم هذه القضية على أولويات قضايا الأمتين العربية والإسلامية، لأن نصرتهم واجبة عليهما بمقتضى روح الإسلام ونصوصه وأحكامه وتوجيهاته.
تفاقم معاناة الأسير الفلسطيني
يكابد أسرانا البواسل قسوة المحن في ظلام سجون القهر والظلم، التي هي أقرب إلى القبور منها إلى مكان يصلح لحياة البشر، ويعاقب الأسير الفلسطيني على طلب الحرية والكرامة، ويواجه بألوان العذاب النفسي والجسدي من قبل السجان مغتصب حريتنا وأرضنا ومقدساتنا، الذي يتفنن في قمع الأسرى واضطهادهم وتشديد الخناق عليهم، وعلى ذويهم، الذين يواجهون صنوف العذاب بسبب غياب فلذات أكبادهم أو أرباب أسرهم أو إخوانهم عنهم، حتى عند زيارتهم لا يسلمون من قمع المحتل، باستخدام التفتيش المهين، وطول الانتظار، والتلذذ في صور وأشكال القهر والإذلال، هذا في حال سمح بالزيارات المعدودة في العام، وفي أحيان كثيرة يحرم خواص الأسير وأقاربه من الدرجة الأولى من زيارته تحت ذريعة السبب الأمني المجهول، الذي يطال كبار السن وصغارهم، رجالهم ونساءهم. ولا شك أن مشكلة الانقسام الفلسطيني والخلافات بين العرب والمسلمين تؤثر سلباً على قضايا الأمة ومصيرها، وتدفع قضية الأسرى فاتورة صعبة وباهظة جراء ذلك، فالاستجابة لمطلب إنهاء الانقسام يصب في معين نصرة الأسرى، وأداء الواجب نحو تحريرهم نفسياً وبدنياً. ومع إزجاء أحر التحيات وأصدقها إلى إخوتنا القابعين في سجون الاحتلال ومعتقلاته، فإننا نشد على أياديهم، ونرجو الله أن يفرج كربهم وإيانا، فنحن وإياهم في الهم شركاء، فكلنا في أسر، وإن اختلفت المواقع وبعض الظروف، وحين نسأل الله الفرج القريب، فإننا على يقين بأن الله سيأتي بالفرج، مهما طال ظلام الليل، فهو سبحانه على كل شيء قدير، {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} (البقرة: 117)، فمن نصرة الأسرى الدعاء لهم بالفرج، والله يجيب دعوة المضطر، ويكشف السوء، قال تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ).
بقلم: الشيخ محمد حسين
المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.