استقطبت وسائل التواصل الاجتماعي على غرار Facebook وTwitter وYoutube مختلف فئات المستخدمين على اختلاف أعمارهم وأجناسهم وبلدانهم، لتصبح هي المسيطرة على اهتمام مُستخدمي الأنترنت خلال العقد الأخير. وظهرت في الآونة الأخيرة علامات توحي بتزايد شعبية تطبيقات التراسل الفوري الخاصة بالأجهزة المحمولة والتي توفر اتصال شخص مع شخص one-to-one، على حساب خدمات التواصل الاجتماعي التي توفر تواصل بنطاق أوسع. وأشارت ماري ميكر في تقرير لشركة Kleiner Perkins Caufield & Byers حول الاتجاه السائد لدى أغلب مُستخدمي الأنترنت، إلى أن رغبة المستخدمين بمشاركة حالاتهم وأفكارهم مع جماهير واسعة على غرار المتوفر عبر خدمات مثل Facebook بدأت تخبو تدريجياً، في حين تتجه شرائح واسعة من المستخدمين إلى التواصل اجتماعياً عبر مجموعات أصغر، أي من خلال تطبيقات التراسل الفوري. وعبر أنوراج واديرا مدير التسويق لدى شركة LivePerson الرائدة في الحلول الرقمية عن أسباب الاتجاه إلى وسائل التواصل شخص مع شخص، حيث أشار إلى عملية استحواذ Facebook على WhatsApp التي جرت في وقت مبكر من العام الجاري. وبلغت قيمة صفقة استحواذ Facebook على تطبيق التراسل الفوري WhatsApp 19 مليار دولار أمريكي، حيث يعتبر واتساب من أكبر تطبيقات التراسل الفوري الرائجة في كافة أنحاء العالم، حيث يمتلك حوالي 450 مليون مستخدم نشط شهرياً يقومون بإرسال ما يُقَدر بخمسين مليار رسالة يومياً، كما يحظى التطبيق باشتراكات جديدة تعادل حوالي مليون مستخدم جديد كل يوم. ويذكر أن الرئيس التنفيذي ومؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ أشار خلال تعقيبه على صفقة استحواذ شركته على WhatsApp إلى أن WhatsApp هو التطبيق الوحيد الذي يحظى بتفاعل أكثر من خدمة Facebook نفسها. ويسجل منافسو WhatsApp أرقاماً مذهلة كذلك، مثل تطبيق WeChat الصيني والذي يحظى بأكثر من 350 مليون مستخدم ويتميز بنمو سنوي يعادل 125%، وتطبيق Line الياباني الذي يمتلك 300 مليون مستخدم يرسلون عشرة مليارات رسالة يومياً، وتطبيقات أخرى شهيرة مثل Snapchat الأمريكي وKakao Talk الكوري، وتطبيق Viber الشهير. وإن مُعدلات استخدام الأنترنت عبر الأجهزة المحمولة تحظى بتزايد تدريجي، حيث بلغت نسبة دخول الأنترنت عبر الأجهزة المحمولة حوالي 25% من معدل الدخول الكلي إلى شبكة الأنترنت عام 2013، أي بنمو حوالي 14% مقارنة مع عام 2012. وإن أكثر من 80% من مُستخدمي الأنترنت في الصين يدخلونها عبر أجهزتهم المحمولة، وهي أعلى نسبة دخول عبر الأجهزة الجوالة في العالم. وبلغت نسبة مستخدمي الهواتف الذكية نهاية الربع الأخير من العام المنصرم حوالي 30% من مستخدمي الهواتف المحمولة عالمياً، وتوقعت ميكر استمرار نمو هذه النسبة حيث قالت أنه في يوم ليس ببعيد سيمتلك كل شخص هاتفاً ذكياً. وأصبحت تطبيقات التراسل الفوري هي وسيلة الاتصال الرئيسية عند كثير من الناس، وعَزَت ميكر سبب هذه الشعبية إلى سهولة وسرعة الاستخدام، بالإضافة إلى مزايا عديدة متل مشاركة الوسائط المتعددة. ويتم رفع ومشاركة 1.8 مليار صورة يومياً عبر كافة منصات التراسل الفوري الرائجة، وإن كافة هذه الصور تتم مشاركتها مجاناً وهي قابلة للمشاركة على نطاق ضيق مما يجلب لهذه التطبيقات مزايا مهمة في حماية الخصوصية. وينفق المستهلك الأمريكي حوالي 20% من وقته أثناء استخدام الأجهزة الجوالة، مما يجعل من استهداف هؤلاء المُستخدمين بإرسال الإعلانات إلى أجهزتهم أمراً مغرياً، لكن في الواقع تقدر نسبة الإعلانات على الأجهزة الجوالة بحوالي 4% من نسبة الإعلانات الكلية، لذلك توقعت ميكر في تقريرها أن يصل الإنفاق على إعلانات الأجهزة الجوالة إلى حوالي 30 مليار دولار أمريكي. وتعتبر الأجهزة الجوالة فرصة ممتازة للترويج الإعلاني حيث من شأنها زيادة الزيارات إلى المواقع المعلنة، وجر المستخدمين إلى دردشة شخص مع شخص عبر تطبيقات التراسل الفوري، لتقوم الشركات المُعلنة بإقناع المُستخدم بالحصول على مُنتجاتها على سبيل المثال، وتقوية علاقتها وبناء صداقات طويلة الأمد معهم من جهة أخرى. وستتطور العلاقة بين المستهلكين وعلاماتهم التجارية المفضلة عبر تطبيقات التراسل الفوري، حسب ما أشار أنوراج، لتصل في النهاية إلى درجة أن يصبح المستهلكون على اتصال مباشر مع شركاتهم المُفضلة، أو أن تظهر إعلانات هذه الشركات بشكل مستمر على هواتفهم الجوالة.