"استعراضاتكم لن تمحو من ذاكرتنا مجازركم" يتابع غالبية الجزائريين احتفالات فرنسا بعيدها الوطني بكثير من الامتعاض، هذا الحدث ما كان ليثير اهتمام الجزائريين لولا أنه يشهد مشاركة جزائرية على مستوى عال بحضور وزير الطاقة يوسف يوسفي شخصيا، وهو الحضور الذي يعطي الطابع الرّسمي للمشاركة الجزائرية.. مشاركة لن تنسي الجزائريين دون شكّ شهداءهم، ولن تمحو من الذاكرة مجازة الاستدمار الفرنسي. تباينت الآراء حول مشاركة الجزائر في احتفالات العيد الفرنسي المقرّرة اليوم بالعاصمة الفرنسية باريس، حيث لم تستوعب أحزاب عديدة الأمر، معتبرة أنه مساس بكرامة الجزائريين وضرب للسيادة الوطنية، كما تأسّف آخرون لغياب احتفالات مماثلة في الجزائر بمناسبات كثيرة على غرار الفاتح من نوفمبر تاريخ اندلاع الثورة التحريرية وعيد الاستقلال، مشيرين إلى أنه كان الأجدر بنا القيام باحتفال أكبر يليق في الجزائر لتمجيد الاستقلال. لعور: ".. إنه مساس بسيادة الجزائر" اعتبر البرلماني نعمان لعور والعضو القيادي في حركة حمس أن مشاركة الجزائر في احتفالات العيد الوطني الفرنسي المصادف لتاريخ 14 جويلية مساس بالسيادة الوطنية الجزائرية. وقال نعمان لعور: (إن الطريقة التي ستشارك بها الجزائر غير مؤسسة، الجزائريون الذين شاركوا في الحرب مع فرنسا ضد ألمانيا اقتيدوا عنوة إلى ساحة المعركة، ولم تكن لهم أية خيارات في هذا القرار)، مضيفا: (من هذا المنطلق لا يمكن قَبول مشاركة الحكومة الجزائرية في احتفالات 14 جويلية الآن، الجزائر وقتها لم تكن أصلا حكومة وكانت مستعمرة، لهذا فإن مشاركتها المفاجئة هذه المرّة هي نوع من المساس بالسيادة). وفي ذات السياق أشار ذات المتحدّث إلى أنه كان الأجدر بالحكومة الجزائرية المحافظة على مواقفها وعدم المشاركة في هذه الاحتفالات لأن لها أثرا سلبيا على الرأي العام الوطني والمصلحة الأولى هي لفرنسا وليست للجزائر. وتساءل لعور في الأخير (كيف يمكن لنا أن ننسى الدماء الجزائرية التي سالت في مجازر 8 ماي 45 بفالمة سطيف وخرّاطة والاعتداءات التي مسّت المهاجرين بفرنسا ومن ألقي بهم في نهر السين؟)، مضيفا أنه بالرغم من المساهمة التي قدّموها لنصرة فرنسا ضد الألمان ولمجرّد أن هؤلاء الجزائريين خرجوا لمطالبة فرنسا بتقديم وعودها الخاصّة بالاستقلال من هذا المنطلق، كما يرى ذات القيادي أيّ جدوى للمشاركة في احتفالات 14 جويلية القادم. محمد عباد: "قبل أن نفكّر في تجريم الاستعمار يجب تمجيد الاستقلال" تأسّف محمد عباد رئيس جمعية (مشعل الشهيد) للتفكير في قضية تجريم الاستعمار في غياب الدعوة إلى تمجديد الاستقلال والشهداء، سواء من السلطة أو المعارضة، حيث احتفلت الجزائر منذ أيّام قليلة بذكرى الاستقلال المصادف للخامس جويلية، متسائلا عمّا فعلته المعارضة والسلطة في عيد الاستقلال في ظلّ غياب أيّ مؤشّر يرمز إلى احتفالات تمجّد 5 جويلية 1962، كذلك حال الأعياد التارخية الأخرى، ضاربا المثل بالأوّل نوفمبر أو يوم الشهيد أو غيره من ذكريات الثورة المجيدة. واعتبر محمد عباد مشاركة الجزائر في احتفالات 14 جويلية أمرا عاديا باعتبار فرنسا وجّهت الدعوة بصفة رسمية للجزائر، قائلا إن الأمر غير العادي هو غياب الدولة الجزائرية عن حفل باريس. وأوضح عباد في كلامه أنه (وجب علينا عدم الخلط بين الاستعمار وبين بلد علاقتنا معه الديبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية وطيدة إلى حدّ بعيد)، فالاحتفالات -حسبه- تخلّد الذكرى المئوية ليس ذكرى استعمار فرنسا للجزائر، أمّا عن تجريم الاستعمار فتمنّى عباد أن يصدر قانون يجرّم الاستعمار.