مايزال قرار مشاركة الجزائر ضمن احتفالات العيد الوطني في فرنسا يصنع الحدث، إذ أبدت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، عنصرية بنكهة جديدة، بقولها أول أمس أن رؤية الجنود الجزائريين يشاركون في هذه الاحتفالات «يصدمني». تصريح مارين لوبان ليس الأول من نوعه، لكنه يشكل مفارقة نوعا ما، بالنسبة لملف، يتشارك فيه جزائريون مع لوبان في قضية رفض، فآلاف من الجزائريين رفضوا أن يكون لهم قدم في الاحتفالات الفرنسية، مع أن الحكومة الجزائرية وافقت على المشاركة، بينما أنصار مارين لوبان يرفضون ما يرفضه الجزائريون لكن حكومة باريس ترحب بما ترحب به الجزائر بهذا الخصوص. ورفض إرسال جنود جزائريين للمشاركة في الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي، ليس وليد تصريح مارين لوبان ولكن يعود إلى أيام خلت وتطعم أكثر بعد إعلان الصهاينة ضرب غزة، من حيث تولد رد فعل مزدوج من قبل عمومي الجزائريين، يستنكرون العدوان على غزة وأهلها ، ويربطون ذلك بمشاركة الجزائر في العيد الوطني الفرنسي، هذا البلد الذي يدعم إسرائيل بالصمت على المجازر وبالدبلوماسية أيضا.وتتهم المعارضة بالجزائر، السلطة، بتقديمها تنازلات سياسية وتاريخية واقتصادية لباريس، وسبق لأحزاب المعارضة من التيار الوطني أن أدانت في بيان لها بمناسبة اندلاع الثورة الجزائرية عام 1954 ما أسمته «انحراف السلطة عن مبادئ وأهداف بيان أول نوفمبر في إقامة جمهورية جزائرية ديمقراطية واجتماعية ذات سيادة في إطار المبادئ الإسلامية«. وأضاف البيان: «غير أن الذي يحز في نفوس المخلصين من جيل الثورة وأبناء الاستقلال اليوم، أن حصيلة الإنجازات بعد أكثر من خمسين سنة من طرد المستعمر تركزت على الهياكل وأهملت الإنسان، وخاصة من حيث مستوى التعليم والعدالة الاجتماعية، والرعاية الصحية، مما لا يتناسب مع حجم تلك التضحيات والتطلعات، والإمكانيات المادية والبشرية التي تزخر بها الجزائر.وسبق لأطراف سياسية وأخرى من «العائلة الثورية»، أن نددت بمشاركة الجزائر في الاحتفالات الباريسية، ورأت أن استجابة الحكومة لدعوة باريس إيجابا وبالتالي الاحتفال معها بعيدها الوطني، بمثابة القفز على أرواح شهداء الثورة المغفرة، وجاء ذلك عقب تصريح وزير الخارجية رمطان لعمامرة، الأحد الماضي ،من إن الجزائر «ستشارك فرنسا احتفالات عيدها الوطني المرتقب يوم 14 جويلية«، مشيرا إلى أن «الشعب الجزائري يكرم من ساهم في تكريس الحرية عبر العالم« .وكان لعمامرة يرد على أطراف سياسية، باشرت «حملة قبل الأوان «ضد مشاركة الجزائرفرنسا، بإحياء العيد الوطني لفرنسا، الذي يطلق عليه رسميا تسمية «الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى«.موضحا إن «الجزائر ستشارك بنفس تشكيلات و ظروف 80 دولة أخرى سقط مواطنوها في ميدان الشرف إبان الحرب العالمية الأولى في التظاهرة المقررة بباريس«. كما سبق ل«حركة مجتمع السلم» أن انتقدت قرار الحكومة،وسبق أن أعلن مسؤولون فرنسيون مبكرا أن الجزائر ستشارك في تلك الاحتفالات.لكن الكثير من السياسيين والمتتبعين بالجزائر، لم يصدقوا الخبر بمن فيهم شخصيات تاريخية وقيادات في «المنظمة الوطنية للمجاهدين«.حيث صرح الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين ، سعيد عبادو إن مشاركة الجيش الجزائري في الاستعراض الفرنسي «أمر غير مقبول، ما دام ملف تجريم الاستعمار يظل مفتوحا بيننا وبينهم (الفرنسيين«، وتترنح العلاقات الجزائرية- الفرنسية، بتحسن تارة وبتوتر تارة أخرى، حيث تلوح ملفات تاريخية ثقيلة بظلالها على العلاقات، وقبل خمسة أعوام، أقر نواب بالبرلمان الجزائري، مشروع قانون يجرم الاستعمار الفرنسي بالجزائر (1830-1962)، لكن إدارة البرلمان رفضت إحالته على جلسة النقاش والمصادقة.ويأتي مشروع القانون ردا على قانون «تمجيد الاستعمار» الذي وافقت عليه الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) في فيفري من عام 2005.وندد المجاهدون بمنع التصويت على القانون الجزائري المجرم للاستعمار.