متسوّلات جزائريات ينتحلن صفة سوريات! تشهد ظاهرة التسول خلال شهر رمضان الكريم، استفحالا وتزايدا كبيرين بالساحات والشوارع والأماكن العمومية، في ظل الصمت غير المبرر من طرف السلطات المعنية مما أدى إلى اتساع رقعة ممتهنيها، ما جعلنا نتوقف أمام هذه الظاهرة ونتساءل عن أسباب انتشارها وهل هي مهنة يتخذها بعض الأفراد في المجتمعات أم هي حاجة ؟ غير أن الواقع أصبح يرمي إلى أنها مهنة، ونحن نعرف والكل أيضا يعرف أن عزيز النفس لو مات من الجوع لما مد يده للتسول، ويبدو في هذه المرة اتساع رقعة المتسولين التي باتت تضم الجزائريين والأفارقة إلى جانب السوريين، وكثرت الظاهرة خلال رمضان وأضحت تغزو المساجد والأسواق والمحطات العمومية وغيرها من الأماكن. حسيبة موزاوي اقتربنا من بعض المواطنين لرصد آرائهم حول استفحال ظاهرة التسول حيث تضاربت الآراء، فالبعض يرى أن هناك متسولين بحاجة ماسة لمساعدات نظرا لظروفهم الاجتماعية والاقتصادية المزرية، خصوصا في هذا الشهر الكريم حيث يرتفع الاستهلاك وترتفع أسعار كل أنواع المواد الغذائية ارتفاعا محسوسا، بينما أشار البعض الآخر إلى أن هناك من هم ليسوا في حاجة إلى مد يدهم للتسول، غير أنهم اعتادوا التسول وهم يعتمدون تقنيات معروفة في مجال الخداع والاحتيال. التسوّل... بين الحاجة والعادة البداية كانت مع آمين الذي أكد لنا أنه في ظل هذا العدد الهائل من المتسولين أصبح من الصعب التمييز بين المتسول المحتاج والمتسول المحتال، مما يدفع بالعديد من المواطنين إلى الامتناع عن دفع صدقة. أما سامية فتقول (أصبحنا لا نستطيع التمييز بين المحتاج الحقيقي والمتسول الممتهن، في الحقيقة لم نعد نصدقهم جميعا مهما قالوا وفعلوا، فكلهم مزيفون، المحتاج الحقيقي عفيف لا يمد يده بل يعيش في الخفاء). وبالنسبة لكريم فقد أكد على تزايد أعداد المتسولين بالشوارع والأماكن العمومية ووسائل النقل وخاصة في الأحياء الشعبية، مضيفا أن هناك فقرا يدفع بعدد منهم إلى التسول دون أن ينفي وجود محتالين يفسدون على المحتاج الحصول على صدقة بعد أن أصبح المواطن لا يعرف من هو الفقير الحقيقي ومن هو المزيف. وفي حادثة أصبحت تتكرر كثيرا هذه الأيام ونحن على وسيلة نقل الترامواي إذ بامراة تتقن اللهجة السورية تتمشى في رواق الترامواي وتحمل بيدها طفلا رضيعا تسأل صدقة في هذا الشهر الكريم لتدفع إيجار البيت وهي تردد (الله لا يغربكم عن بلدكم الله يستر عليكم بستر النبي ساعدوني مشان اجار البيت، راح يزتوني بالشارع استرو علي الله يستر على حريمكم) فلم يكن أمامي من خيار سوى أن أفتش في حقيبة يدي عن بعض القطع النقدية لمدها للسيدة، أعطيتها قطعتين لم أذكر قيمتهما لكنني تفأجات بردة فعلها، لقد احتقرتني بنظرات مستهزئة تعكس من خلالها أنني لم أمنحها صدقة معتبرة. لهجة سورية بلسان جزائري غير أن الجديد في الأمر هو انتحال الجزائريات صفات السوريات لامتهان التسول، حيث أضحت عبارات (أعينونا يا إخوان، وحررونا من الفقر يا أبناء ميلون شهيد) (دخيلكم يا أحفاد الأمير عبد القادر) بمثابة المصيدة التي تعلمتها جزائريات لكسب المال بالتسول، وتلجأ المتسولات الجزائريات إلى تعلم اللهجة السورية وانتحال شخصية لاجئات واستغلال ذلك، للتمكن من جيوب المواطنين البسطاء، وأضحت كلمة (صدقة، صدقة) أولى ما تتعلمه المتسولات من جنسيات إفريقية في أزيد من مكان، بحي ثانٍ النازحون الأفارقة صنعوا هم الآخرون الحدث عبر الشوارع وامتهن أغلبهم حرفة التسول التي تعود عليهم بعائدات خيالية في اليوم الواحد بالنظر إلى تعاطف أغلب الجزائريين مع هؤلاء النازحين سواء كانوا أفارقة أم سوريين بالنظر إلى الأوضاع التي تعيشها بلادهم وهروبهم من الحروب وحالة اللاأمن، لكن لا ننفي أن بعض الأفارقة كانوا الرؤوس المدبرة لبعض الجرائم كالتزوير، المخدرات، بحيث يتستر أفارقة بامتهان التسول عن جرائم أخرى، وآفات اجتماعية عدة على رأسها الاتجار بالمخدرات، السرقة وتزوير العملة، والتي تنتشر من خلالهم وسط الشباب في مختلف التجمعات السكانية، في حين تستغل المتسولات الجزائريات الوضع للتدرب على كل شيء من أجل جمع المال. أبواب المساجد الوجهة المفضلة ما شد انتباهنا أيضا هو تمركز المتسولين أمام أبواب المساجد التي تكتظ في هذا الشهر بالمصلين، منذ صلاة الفجر وإلى نهاية صلاة التراويح، فكلما حل شهر رمضان، إلا وتجد أبواب المساجد ومداخل الأسواق الشعبية والمستشفيات (محجوزة) من طرف أشخاص متسولين، وهناك من بات يؤجر مكانه لمتسول آخر إذا تغيب، ولا يكاد يخلو أي مكان منهم، حتى أصبح البعض يعتبر الحرفة مصدرا للرزق الوافر، حيث تلين القلوب وتكون أكثر سخاء من الأشهر الأخرى، وبعباراتهم التي تهز القلوب وبهندامهم الرث وأحيانا بأطفالهم الرضع الذين يحملونهم، يكون المواطن مجبرا أحيانا على التصدق بعد وابل من الأدعية وعبارات الاستعطاف والترجي، فالتسول يلجأ إليه بعض من لا معيل لهم، خاصة في الشهر الكريم حيث لا يجد الشخص ما يقدمه لعائلته وأولاده، فيلجأ إلى (الطلبة) لإعالة عائلته لتبقى اليد العليا خير من اليد السفلى.