نظرا لخطر المطاردة من قبل رجال الشرطة، والتعرض للمحاكمة والسجن، يلجأ بعض اللصوص او الأشخاص الذين احترفوا السرقة، وصارت مصدر رزقهم الوحيد، إلى استعمال الأطفال في تنفيذ عملياتهم الإجرامية تلك. لقد جمع البعض بين جريمتين أو ربما أكثر، جريمة السرقة والاعتداء على ممتلكات الغير، وجريمة توظيف الأطفال في تلك العمليات حتى لا يجازفوا بأنفسهم، إذ أنهم يرون أنّ هؤلاء الأطفال، وبالإضافة إلى أنهم يمكن أن ينفذوا تلك العمليات بخفة، ودون أن يتفطن إليهم احد، ولكن حتى عند القبض عليهم فلن يجازفوا بالشيء الكبير، فعلى الأرجح لن يتابعهم الضحية، وقد يغفر لهم في تلك اللحظة. "طوطو" هو لقب احد اللصوص المعروفين في بوزريعة، والذي احترف السرقة منذ صغره، ودخل السجن مرات عدة، بتهمة واحدة ووحيدة وهي السرقة، كأنه أدمنها ولا يستطيع التخلي عنها، ولكنه بعدها تفطن إلى حيلة تمنع عنه الشبهات، وتجعله يسرق دون أن يدخل السجن، حيث راح يستعمل أبناء الحي وآخرين من الأطفال الذين عادة ما يكونون هم كذلك فقراء ولهم قابلية للانحراف، حيث كان يذهب إلى الطفل الضحية، ويجول به في الأماكن العمومية، من أسواق ومحلات وحافلات وغيرها، ويكون قد علّمه، بطبيعة الحال، أصول السرقة وطريقتها، وحتى النص الذي يقوله للضحية في حال ما إذا قبض عليه: "الله غالب أمي مريضة وأبي متقاعد ولا يوجد من يعيلنا فكيف لا اسرق؟" هي العبارات أو أخرى تشبهها التي لا بدّ أن يحفظها الطفل عن ظهر قلب، وان كان قادرا على البكاء والتمثيل الجيد يكون أفضل، أمّا "طوطو" فيكون قريبا منه، ويراقب تلك العمليات، فإن نجحت ومرّت بسلام يتجه إلى الطفل ويأخذ منه ما سرقه، ويعطيه مقابلها دنانير معدودات، وان لم تنجح يختفي وينتظر أن يطلق سراح الطفل أو يُنظر في أمره، لكنه يكون مرتاحا ومتأكدا من شيء واحد، وهو انه لن يبلغ عنه، فقد هدده إن هو فعل أن يؤذيه ويقتله. لكن يبدو أنّ "طوطو" لم يحسب حسابا لكلّ شيء، فقد اتجه مرة مع صبي يبلغ العاشرة من العمر، إلى إحدى الحافلات، وحدث أن قبض على ذلك الطفل متلبسا وهو يضع جيبه في حقيبة امرأة، وكان خلفه رجل شرطة بدون بدلة، او مدني، فقبض عليه، وكان قد رأى"طوطو" في نفس الحافلة، وهو يعرفه نظرا إلى أن هذا الأخير كان معروفا في أقسام الشرطة وبين رجال الأمن، فشعر أنه لا بد تكون له علاقة بالطفل وبتلك العملية، فراح يهدد الطفل الصغير ويتوعده بأن يدخله السجن، وأن يعدمه، ما جعل الطفل يستسلم ويخاف ويبلغ عن "طوطو". ليست هذه العينة هي الوحيدة لأشخاص تجردوا من إنسانيتهم، وتحولوا إلى "مدارس" لتربية وإنشاء اللصوص، والمشكل أنهم عادة ما يختارون الأطفال الفقراء واليتامى كذلك، والذين ليس لهم لا أب ولا حتى أخ يحميهم، وهو ما كان يفعله سارق في عين البنيان، والذي كان يستعمل الأطفال الذين يعانون من الفقر والحاجة، إلى أن تفطن جميع أبناء الحي لممارساته تلك فنصبوا له كمينا عبر طفل كان ذلك السارق قد عرض عليه العمل معه من قبل، لكنه رفض في البداية، لكنّ أبناء الحي أقنعوه بأن يوافق حتى يبلغوا عنه الشرطة، ولا بد أن يكون في حالة تلبس، وهي الطريقة التي رأوها مناسبة للتخلص منه.