بدأ المئات من السودانيين الجنوبيين المقيمين في الشمال بالنزوح والعودة نحو قراهم ومدنهم بالجنوب، استعدادا لاستفتاء جنوب السودان المقرر اجراؤه في يناير المقبل، فيما حذر تقرير حقوقي من عودة الحرب الى السودان في حال فشل الاستفتاء. وشوهدت حافلات تتجمع بالخرطوم وتنقل عشرات الاسر الجنوبية التي يستقر بعضها في الشمال منذ عقود، مستفيدين من برنامج تموله حكومة الجنوب باكثر من عشرة ملايين دولار لتسهيل عملية الترحيل. ووصف المسئول عن هذا البرنامج العودة بانها "طوعية"، وقال "انه لا علاقة لها بضمان اصوات العائدين لصالح انفصال الجنوب باستفتاء تقرير المصير المقرر اجراؤه بعد نحو شهرين". وتأتي عمليات الترحيل وسط مخاوف لدى حكومة الجنوب من تزوير الخرطوم لأصوات الجنوبيين في الاستفتاء ومخاوف جنوبية من انفلاتات امنية قد يتعرضون لها عقب اعلان الانفصال. فيما حذر معهد أبحاث "ريفت فالي" المتخصص في شئون السودان من ان التنازع في شأن نتائج استفتاء جنوب السودان على تقرير المصير، قد يشعل من جديد واحدة من أطول وأشرس الحروب في افريقيا. وقال معهد "ريفت فالي": "ان صدقية الاستفتاء مهددة بسبب مشاكل لوجيستية فضلا عن مزاعم تعمُّد تعطيله من طرف ساسة شماليين يرفضون انفصال الجنوب". وقال التقرير الذي صدر تحت عنوان "سباق مع الزمن": "انه في حال التصويت ضد الوحدة، فإن استفتاء جنوبيا تشوبه عيوب فنية خطيرة من شأنه ان يضر بشرعية الانفصال، وسينطوي التنازع في شأن النتيجة على مخاطر جسيمة من حيث العودة المحتملة الى المواجهة العسكرية بين الشمال والجنوب". واشار التقرير الذي صدر في 65 صفحة الى ان ضغط الوقت يجعل من المستبعد في شكل متزايد اجراء استفتاء من دون اوجه قصور اجرائية"، موضحا "ان من شأن الافتقار الى الوضوح في عملية التصويت او حرمان اعداد كبيرة من الناخبين من الادلاء باصواتهم ان يثير شكوكا في شأن صحة النتيجة". وكان حزب المؤتمر الوطني الحاكم قال "انه سيقبل نتيجة الاستفتاء، لكنه يربط ذلك دائما بعبارة اخرى: "اذا كانت العملية حرة ونزيهة". وقال التقرير: "ان على مفوضية الاستفتاء بذل جهد هائل لضمان النظر الى الاستفتاء على انه عملية اكثر نزاهة من انتخابات الرئاسة والانتخابات البرلمانية التي اجريت في افريل الماضي وانتقدتها المعارضة". وكان رئيس مفوضية استفتاء الجنوب محمد ابراهيم خليل قال "انه اذا جرى الاستفتاء في موعده في ظل الجدول الزمني الضيق والمشاكل اللوجستية فهذه ستكون معجزة". وكان بعض اعضاء مجلس الامن قالوا "انهم سيقبلون بإرجاء قصير الاجل لاسباب فنية"، وذكر التقرير ان هذا ربما يكون مطلوبا للحفاظ على صدقية الاستفتاء. والاستفتاء المقرر في يناير المقبل هو ذروة اتفاق السلام الموقع العام 2005 الذي انهى اكثر من عقدين من الحرب الاهلية بين شمال السودان وجنوبه، ويتكهن معظم الخبراء بان سكان الجنوب سيصوتون للانفصال. ومن المقرر ايضا تنظيم استفتاء ثان في وقت متزامن يتعلق بضم منطقة ابيي الى شمال او جنوب السودان، وهي المنطقة المتنازع عليها والواقعة على الحدود بين الشمال والجنوب والتي تطالب بها قبيلة دنكا نقوك الجنوبية والبدو العرب في قبيلة المسيرية الشمالية.