أفتى وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية الأردني عبد السلام العبادي بضرورة «المشاركة في الانتخابات النيابية». وتأتي فتوى وزير الأوقاف الأردني لتمثل حلقة في سلسة الفتاوى المنادية بمشاركة الناخبين في الانتخابات النيابية المقررة يوم 9-11-2010، وتنوعت هذه الفتاوى من حيث الجهات المصدرة لها ما بين جهات حكومية وسلفية وغيرها. وتنادي قوى سياسية -على رأسها حركة الإخوان المسلمين وجناحها السياسي حزب العمل الإسلامي- بمقاطعتها احتجاجا على عدم إجراء إصلاحات سياسية كتعديل قوانين إجراء العملية الانتخابية ذاتها. وقال العبادي خلال لقائه الأئمة والوعاظ والواعظات في محافظة معان "المشاركة في العملية الانتخابية خدمة للوطن وفيها واجب شرعي وديني". ليست الأولى فتوى العبادي لم تكن الأولى من نوعها فقد سبقه في إصدار فتوى تدعو "للمشاركة الفاعلة" أ. د. بسام العموش أستاذ الشريعة والقيادي السابق في حركة الإخوان المسلمين في الأردن والمحسوب على الحكومة حاليا، حيث صدرت فتوى موقعة باسمه حملت اسم «جمعية رابطة علماء الأردن - تحت التأسيس» فتوى تدعو فيها المواطنين إلى المشاركة الفاعلة في الانتخابات النيابية "انطلاقا من النصوص الشرعية الداعية إلى "حب الوطن وبنائه وإعماره". وقال عموش في فتواه: "انطلاقا من حرصنا على مصلحة هذا البلد ومستقبل أجياله وقد أظلته انتخابات نيابية تفرز مجلس نواب يكون مسئولا عن الأداء الحكومي حيث يمارس المراقبة والمحاسبة كما يقوم بسن التشريع ولأن هذين الأمرين بغاية الأهمية فإننا نعتقد أن خوض الانتخابات والمزاحمة فيها ترشيحا واقتراعا أمرا ضروريا فنحن بحاجة إلى «القوي الأمين» الذي يكون قادرا على محاسبة من يتولى المسؤولية". واستطرد عموش قائلا: "كما أننا بحاجة إلى من ينقي التشريعات مما يخالف الأحكام الإسلامية أو يلحق الضرر بالناس، فتطبيق الإسلام يكون عبر سن الأحكام الشرعية، والدفاع عن الناس ورفع الضرر عنهم يكون عبر وكلاء عن الناس يمثلونهم وينطقون باسمهم وينافحون عنهم، وهذا كله يتحقق في مجلس النواب". بحسب الفتوى التي نقلتها صحيفة "السوسنة" الأردنية. طاعة لولي الأمر وفي السياق ذاته، ولكن هذه المرة من التيار السلفي، أفتى الشيخ مشهور حسن سلمان -من شيوخ السلفية في الأردن- بعدم مقاطعة الانتخابات، فعقب درسه الأسبوعي المعتاد مساء كل خميس والمخصص لشرح صحيح مسلم (بتاريخ 21/10)، وفي إجابته عن سؤال يقول: "ما رأيكم حفظكم الله في الانتخابات النيابية وبيع الأصوات وهل الصوت أمانة؟". قال الشيخ: ".. فليست مقاطعة الانتخابات ميزة ولا حسنة ولا عبادة لأنها أمر واقع شئنا أم أبينا، وقد تعلمنا مرارا وتكرارا أن المنهي عنه شرعا ليس كالمعدوم حسا، وكان شيخنا الألباني يقول هذه الانتخابات نحن ننتخب الأصلح في المهمة التي ينتخب من أجلها في أدائها ننتخبه ولا نسمي أحدا، يعني لا ينبغي لمن وضع الله له القبول أن يسمي أحدا، فلسنا أبواقا لا لجماعات ولا لهيئات ولا لأشخاص، وإنما نحن نقول للناس: اتقوا الله عز وجل". وأضاف الشيخ مشهور قائلا: "غلبوا المصلحة العامة، أولياء الأمور طلبوا منكم الانتخاب وهو أمر ليس حراما، لا تقاطعوا الانتخابات، مقاطعة الانتخابات ليست عبادة، يعني مخطئ من يظن أنه يعبد الله بمقاطعة الانتخابات فإن عرفت رجلا تراه يخدم الناس، يخدم المجتمع، يخدم الأمة فحينئذ عليك أن تقدم أحسن من تعلم"، بحسب ما نقلته جريدة السبيل الأردنية. فتوى مشهور لم تسلم مثل فتوى العموش من الانتقادات التي وجهت إليها، حيث رأى الصحفي بسام ناصر في جريدة "السبيل" الأردنية ذات التوجه الإسلامي، حيث أن "الشيخ مشهور بنى فتواه في انتقاده لموقف مقاطعي الانتخابات، بإعماله لأحكام الحلال والحرام، فكان رأيه تخطئة قول من رأى أنه يعبد الله بمقاطعته للانتخابات، ويأتي رأي الشيخ مغايرا لمرتكزات ومنطلقات ورؤى المقاطعين للانتخابات". ويوضح ناصر بالقول: "فهم لم يتعاطوا مع الانتخابات بهذا الميزان والمعيار، ولم يقولوا بأن من يقاطع الانتخابات يعبد الله بفعله هذا، لأن القضية مبنية في نسقهم الفكري على الموازنة بين المصالح والمفاسد، لأن الانتخابات في أصلها عندهم، عملٌ مشروع لا يوجد ما يمنع من المشاركة فيه، بل هي مطلب يسعون لتجذيره في الحياة السياسة العامة". مواقف سابقة ويختتم قائلا: "بقيت الإشارة إلى أن رأي مشايخ الدعوة السلفية، كان فيما مضى مخالفا لهذا الرأي الذي قاله الشيخ مشهور، فقد دعوت قبل سنوات مضت أحد شيوخهم المعروفين لندوة لتقييم تجربة الإسلاميين في العمل النيابي، فما كان منه إلا أن أخذني جانبا بعيدا عن أسماع الموجودين، وقال لي «أنا لي موقف معارض وناقد للانتخابات في أصل مشروعيتها، فإذا ما شاركت في الندوة فسأقول ما أعتقده وأدين الله به وهو ما سيعرضني للمساءلة والمراجعة، وأنا أنأى بنفسي عن ذلك»". ويقاطع الانتخابات المقبلة في الأردن عدد من القوى والأحزاب، من بينها حزب العمل الإسلامي (إخوان مسلمون) وحزب الوحدة الشعبية (يسار) وفعاليات طلابية وشبابية مثل شباب حملة "مقاطعون من أجل التغيير"، ويحتج المقاطعون على قانون الصوت الواحد وتقسيم دوائره التي "تفتت" أصوات الناخبين الموجهة لحزب ما، حيث يرون أن هذا القانون الذي تم تجريبه لمدة 17 عامًا لم يؤدّ إلا إلى «المزيد من الإضعاف لدور مجلس النواب وتهميش الأحزاب وضرب العمل الحزبي».