منذ أن خلق الله تعالى الإنسان خلق معه الغيرة في الطبيعة البشرية، فالغيرة الحادة بين الأزواج تتسبب في الكثير من المشاكل التي تؤدي إلى هدم الكيان الأسري، وفي بعض الأحيان تتحول هذه الغيرة إلى شك مما يؤدي إلى دمار الأسرة، فطالما الغيرة كانت ملازمة للمرأة على غيرها من الرجل، ولكن الرجل لا يفرق بين الغيرة وبين الشك، ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه بشدة ما هو تأثير الغيرة على الأزواج؟ و هل هي إيجابية أم سلبية؟ حسيبة موزاوي وللإجابة عن هذه التساؤلات خرجت (أخبار اليوم) إلى الشارع الجزائري لاستطلاع آراء الجنسين حول تأثير الغيرة على الزوجين، البداية كانت مع علياء التي ترى أن الغيرة موجودة وتعتقد أنها توابل الحياة الزوجية، وهي تعبر عن الحب وتعني الحب من جانب الزوجة فإن الحياة من دون غيرة كالنهر من دون مياه، أما الزوج فيعتبرها تفكيرا ضيقا من جانب الزوجة لكن الغيرة شيء والشك شيء آخر وهذا معناه عدم الثقة في الزوج. أما سناء فقد أشارت إلى أن هناك أزواجا يحرمون زوجاتهم من أي عمل يكون فيه رجال، ويحد من خروجها من المنزل خشية أن يراها أحد ولا يريدها أن تتفوه بأي كلمة مع أي رجل أجنبي بالنسبة لها. وتعتبر سناء أن الرجل المفرط في الغيرة ليس لديه غيرة على نفسه كونه يغالي في غيرته ويترك المجال مفتوحا لدخول الشك في نفسه، مؤكدة على أن معظم الأزواج يسمحون لأنفسهم بأن يغاروا كيفما يشاءون بينما الزوجة محظور عليها ذلك حيث يسكتها زوجها كلما تفوهت بعبارات تدل على غيرتها. خلل في نفسيته ويعتبر عيسى أن الزوج الذي يغار بشكل خارج عن المألوف إنسان يوجد به خلل في نفسيته، ولا يستبعد أنه يعاني من نقص في شخصيته الأمر الذي يجعله يغطي نقصه بطريقة سلبية تعود بالضرر على زوجته التي وقعت ضحية لهذا النقص الذي يعاني منه، ذاكرا أنه سمع عن زوجة أن زوجها لا يريدها أن تملك هاتفا نقالا ويحد خروجها من المنزل، مما تحوّلت غيرته إلى شك قاتل، حيث يبعث أحدا من أصدقائه لمراقبتها عندما تخرج مع صديقاتها إلى الأسواق، وما أن يعلم أنها ذهبت إلى الصالون للتزيين في حال سفره يغضب ويقول لها أن لا تقوم بذلك معتبرا التزين خاصا به فقط. بسبب الجمال الفائق يقول حميد عن الزوجة التي تعاني كثيرا في حياتها بسبب غيرة زوجها إن الزوج لا يقوم بكل ذلك من خوفه عليها أو حبا فيها وإنما مرض متجذر فيه بعيدا عن الغيرة الطبيعية التي لا بد أن تكون بين زوجين. ويرجع أن سبب هذه الغيرة التي تكون بهذا الشكل إلى أمرين، إما زوج يغار بشكل غير طبيعي على زوجته التي قد تتحلى بجمال فائق فيريدها لنفسه فقط ولا يريد لأحد أن يراها بتاتا فتصل به الغيرة إلى حالة مرضية ويظل الهاجس يطارده دائما. مبينا الأمر الآخر يكون في الرجل الذي يغار على زوجته الجميلة الذي يخشى عليها من نظرات الرجال الغرباء الذي لا يثق في نظراتهم فقد تتخللها نظرة ريبة. ويبرر يحيى وصفي بأن الرجل الشرقي غيور بطبعه، مبينا أنه مر بخلاف مع زوجته بسبب شعوره بالغيرة عليها لأنها كانت في زيارة لأهلها وعند عودتها قام بتوصيلها زوج شقيقتها، معتبرا أنه رجل يعتبر غريبا عنها شرعا، قائلا (وعندما علمت بتوصيله لها حدث هذا الخلاف الكبير بيني وبينها بسبب غيرتي عليها، وأعتقد أن الغيرة مطلوبة في هذا الزمان، ونحن مجتمع له تقاليده وعاداته التي يجب أن نحترمها). مختصون يوصون بتحويل مشاعر الغيرة إلى رابط تعرف الأخصائية النفسانية (فاسي) الغيرة بين الأزواج على أنها إحساس وشعور يمكن أن يكون سلبيا كما يمكن أن يكون إيجابيا في نفس الوقت، فالعلاقة الزوجية تبدأ في مراحلها الأولى بنوع من العنف في المشاعر والرومانسية إلا أن بعد مرور عامين أو أكثر من الزواج يبدأ نوع من الروتين، ويتحوّل ذلك الحب المشتعل إلى مودة بينهما، هنا الغيرة تلعب دورا إيجابيا فهي تذكر كلا الطرفين بقيمة كل واحد منهما وماذا يعنيه بالنسبة للآخر، فالزوجة الغيورة على زوجها تدفعها مشاعرها دائما إلى بذل مجهود من أجل لفت نظره عن طريق التنويع في اللباس والتزين له، لكي لا يمل منها ولا ينظر إلى امرأة سواها، أما بالنسبة للزوج الغيور فهو يحاول على الدوام تلبية حاجيات زوجته، ولا يهملها ولو لثانية واحدة، مما يشعرها بأنه لا يريد الابتعاد عنها، فالغيرة الإيجابية تقوي المشاعر، تجدد الحب. مضيفة في ذات السياق أن الغيرة السلبية تعرض العلاقة الزوجية لضغوطات وتجعل الطرف الآخر في حالة من الترقب والخوف لأي تصرف يقوم به الشريك لأنها تتميز بالحب الشديد ورغبة الرجل أو المرأة في تملُك الآخر، والشريك الغيور غالباً ما يعي مشكلة الغيرة السلبية ويتأرجح ما بين لوم النفس والتبرير، مشيرة إلى أنها صورة لفرض السيطرة والتحكم المفرط في الشريك الآخر لأنه لديه شعور بعدم الإخلاص له، وهذا ناتج أولا عن نقص الثقة في النفس ثم نقص الثقة في الآخر مما يدخل العلاقة الزوجية في متاهات. وفي نفس السياق يتحدث أستاذ علم الاجتماع (ح. الحسين) عن مشاعر الغيرة بين الزوجين فيقول- إذا تحدثنا عن الغيرة عموما فهي قبل أن تكون ظاهرة اجتماعية هي ظاهرة طبيعية غريزية بين الجنسين غير أن التمادي فيها يؤدي إلى التأثير في العلاقات الاجتماعية وخاصة بين الزوجين، والشعور بالغيرة هو إحساس متساوٍ بين الرجل والمرأة، لأن ما يحس به الرجل تحس به المرأة. ويضيف الأستاذ قائلا إن ظاهرة الغيرة بين الأزواج من الأمور التي نجد صعوبة في دراستها بعلم الاجتماع لأنها غير ملموسة إن صح التعبير ولا يمكن إحصاؤها أو فهمها لأنها تختلف من زوج لآخر، لكن يمكن أن تكون هناك مؤشرات تبين هذه الظاهرة وذلك من خلال القضايا الاجتماعية على مستوى المحاكم كالطلاق والخلع وأيضا ما تنشره الجرائد من أخبار عن الخيانة والمشاكل الأسرية.