رغم كثرة التحولات التي طرأت على المجتمع الجزائري يمتاز الاحتفال بعيد الأضحى في الجزائر بطقوس خاصة لا يزال بعض السكان متشبّثين بها وبتقاليد أجدادهم، فتراهم يعملون على إحياء سنّة النحر بشكل جماعي والإكثار من الصدقات، إلى جانب محافظتهم على زيارة المقابر وترسيخ صلات الأرحام في عيد لم يعد يحسّه الجزائريون بطعمه الكامل. عادات تقاوم التجديد هذا العام كما السنوات السابقة أسعار المواشي حافظت على ارتفاعها ورغم ذلك فالمواطن الجزائري يسعى إلى اقتناء كبش العيد حتى لو فاق قدرته الشرائية، وتختلط الرغبة في الحرص على إحياء السنّة وضمان فرحة الأطفال، وكذا التفاخر أيضًا بين الجيران والأقرباء، ومن النادر جدًا أن تجد عائلة تفرّط في الاحتفال بالعيد إلا لظرف قاهر، أما العادات الأولى التي يتّسم بها الجزائريون حيث تفضّل النسوة طلاء الكباش في الجزائر بالحنة التقليدية ليلة قبل العيد، وكذلك بعدما كان الكهول والشيوخ هم من يقومون بعملية النحر تغيّر الوضع نسبيًا في السنتين الأخيرتين من خلال جنوح الشباب لذبح أضاحيهم، في وقت جرى إحياء سنّة الجزائريين الأوائل، من خلال التقاء الأشقاء والأقارب والجيران وحتى الأصدقاء في باحة كبيرة، وشروعهم في التضحية جماعيًا وتناول طعام الغداء في مجالس عامرة. وتستمر الاحتفالات بالعيد ثلاثة أيام، وتتّسم بعادات راسخة كزيارة الأهل والأقارب كما يحرص الجزائريون وإشاعة أعمال الخير وتقسيم الأضاحي على الفقراء. الوزيعة تغيب عن الأسر وما يلفت الانتباه هو سلوكات تكاد تتلاشى ومظاهر الكرم التي كانت سائدة في الماضي مثل تقاسم لحم الأضحية، وتمكين الفقراء من نصيب يُطلق عليه محليًا الوزيعة والتي كان يتكفل الأثرياء بالإنفاق عليها، وهناك من الميسورين من يرضون نحر العجول والأبقار، وتوزيع لحومها على المحرومين، وهو سلوك ضاق نطاقه. كما يفضّل كثير من الشباب الجزائري الاحتفال بعيد الأضحى على طريقتهم من خلال تنظيم مجالس الشواء على الجمر، حيث ينهمك كثيرون في طهي قطع اللحم على الجمر وتناولها ساخنة وحدها أو مع سندوتشات، حيث يقول أحد الشبان 28 سنة إنّه يفضل التهام الشواء بدلا من تناول الدوّارة والبكبوكة والبوزلوف وغيرها من الأطباق الشعبية وقد بدأت هذه الظاهرة في التزايد عيدًا بعد آخر. كما يتّسم الاحتفال بعيد الأضحى في الجزائر بطابع خاص فلكل منطقة عاداتها وطريقتها الخاصة مما يخلق التنوع في العادات بين الولايات. نسوة يتفنن في إعداد أشهى الأطباق ما جرت عليه العادة وخلال العيد تتفنّن ربّات البيوت في تحضير أطباق تقليدية يشتهر بها المطبخ الجزائري في العيد مثل الشخشوخة والبكبوكة ولا يمر العيد دونهما، ويتذوق جميع أفراد الأسر أطباقًا تبرع النسوة في طهيها وتزيينها على غرار أكلة قصعة المسلان المشتهرة محليًا، تمامًا مثل أطباق أخرى لا تقل دسامة، على غرار البركوكس وهو نوع من العجائن المشابهة للكسكسي لكنه خشن جدا، فضلاً عن العصبان وهو طبق محشي باللحم والكرشة، ناهيك عن شطيطحة بوزلوف والرشتة والكسكسي باللحم. كما تحظى أكلة الملفوف وهي عبارة عن قطع صغيرة من الكبد المشوي الملفوفة بالشحوم، بسمعة خاصة تسيل لعاب الكثير ويعاد شويها من جديد، هذه الأكلة مشهورة بالجنوب خاصة وهي أحب شيء عندهم ويتم تقديمها مع الشاي الأخضر بالنعناع، فيما يلجأ الرجال الذي يمتهنون الطهي في هذه المناسبة إلى (تحمير) الخروف بأكمله دون تقطيعه، ويقوم بهذا قلة من الأسر الجزائرية. أكلات مشهورة في كل بيت لا يخلو أي بيت جزائري ومنذ أمد بعيد من بعض الأطباق المشهورة في العيد نذكر منها البوزلوف وهو رأس الخروف، بحيث يتم تنظيف الرأس والأرجل على النار ويستحسن نار للحطب لأنها تساعد كثيرا على إزالة الصوف، يتم غسله ويقطع أطرافا ويتم تغليته حتى يطبخ وبعدها هناك من يعيد إدخاله للفرن بعد تتبيله بتوابل خاصة جدا به، وهناك من يفضل صنع مرق به والكل له الاختيار، كما أن هناك الكثير من الطرق لإعداده ولكن هذه تعتبر خاصة بعيد الأضحى. من دون أن ننسى البكبوكة أو الكمونية وهي عبارة عن مرق يحضر من مزيج من الكرش والرئة والكبد والقلب والكلى، يعني كل ما يخص الأمعاء يحضر بطرق مختلفة على حسب المنطقة أو العائلة، يتم تقطيع الكل إلى قطع متوسطة أو إلى صغيرة وتوضع لها توابل خاصة مع قليل من الحمص ويكثر لها الكمون والبقدونس الأخضر. أما العصبان فهو عبارة عن طبق تشتهر به منطقة الشرق كثيرا، حيث يخاط الكرش أو الأمعاء كبيرة الحجم ولكن على الغالب الكرش على شكل أكياس ويقلب إلى الداخل ويتم حشوه بالكبد والقلب واللحم المقطع إلى قطع صغيرة جدا، كما يضاف إليها بعض الأعشاب المعطرة كالبقدونس والكسبرة والنعناع الجاف ويضاف لها البصل والفلفل الأحمر المطحون والكثير من الأمور ويبقى دائما حسب ذوق كل ربة بيت.