كثيرا ما يرافق الاحتفال بعيد الأضحى بمنطقة سوق أهراس عديد الممارسات الاجتماعية التي يرتبط بعضها بمعتقدات قديمة مثل تلك التي لا تزال تمارس على نطاق واسع والقاضية بتعليق القرنين بأعلى الأبواب لصد العين ويحتفظ بهما أحيانا لأنهما يجلبان الحظ ويدفعان الضرر. وحول هذا الموضوع أوضح الأستاذ جلال خشاب الباحث في التراث الشعبي بجامعة "محمد الشريف مساعدية" بسوق أهراس أن الكبش عرف في الديانات القديمة حيث لا تزال أثار "الكرنك" بالأقصر (مصر) تحتفظ بصف تام من الكباش علما أن الكبش يرمز إلى الإله الشمسي الكبير .كما نحت إنسان برأس كبش ذي قرنين أفقيين مما يدل على أن هذا النوع من الماشية كان يحظى باهتمام لدى البابليين والفينيقيين. وبسوق أهراس تحتفظ بعض العائلات ب"المرارة" من خلال تعليقها وهو ما يرتبط بالحسد وبالخوف من الضرر حسب ذات الباحث الذي أوضح أن هذا المعتقد موجود في شمال إفريقيا وجنوب أوروبا (فرنسا وإيطاليا وإسبانيا). وبسوق أهراس أيضا لا تزال بعض العادات المتوارثة أيام عيد الأضحى على غرار الاحتفاظ ب"لوحة الكتف" واستعمالها لأغراض منزلية مثل قلي القمح ثم طحنه لإعداد طبق تقليدي "السويكة" أو ما قاربها في حين أن هناك من يذهب إلى استشراف الموسم الفلاحي بعد رفع لوحة الكتف نحو مصدر ضوئي كالشمس مثلا ومحاولة قراءة تلك الخطوط المتواجدة داخلها وهو ما يوحي مدى ارتباط الإنسان بالأرض التي تعد مصدر رزقه. ومن العادات الأخرى -يضيف ذات الباحث- أن الوالدين ينصحان الأبناء الصغار بعدم أكل بعض الأحشاء على غرار "الطيحال" و"الخصيتين" . والمتعارف عليه بسوق أهراس أن الأكل يبدأ بالأحشاء والرأس أما اللحم فيخصص بداية من اليوم الموالي من خلال الطبق المفضل لدى الأغلبية (الكسكسي) حيث يجتمع كل الأبناء المتزوجين رفقة زوجاتهم وأبنائهم في منزل العائلة الكبيرة ويطهى (المسلان) وهو ما يأخذ وقتا طويلا في الاستهلاك ويسمح بالتواصل أكثر. وتتجلى مظاهر الفرح بعيد الأضحى المبارك بمنطقة سوق أهراس بقيام الجدات والأمهات بوضع الحناء على جبين الأضحية قبل نحرها كنوع من الترحاب وتنظيف البيوت جيدا وإعداد بعض الحلويات ليكون طعم العيد حلوا فضلا عن تحضير لوازم الذبح من سكاكين وأواني ومعدات مختلفة. ويحبذ في اليوم الأول من العيد طهي ما يطلق عليه محليا ب"البكبوكة" أو "الكمونية" وهي عبارة عن مرق يحضر من مزيج من الكرش والرئة والكبد والقلب والكلى حيث يتم تقطيع الكل إلى قطع صغيرة وتمزج بالتوابل مع إضافة قليل من الحمص ويكثر لها الكمون والبقدونس الأخضر لتطهى على نار هادئة. وتفضل عائلات أخرى تحضير "العصبان" وهو طبق تشتهر به معظم ولايات الشرق الجزائري حيث يخلط الكرش والأمعاء الكبيرة الحجم على شكل كيس يتم حشوه بأطراف من الكبد وتضاف إليه بعض الأعشاب مثل الكسبر والنعناع الجاف والبصل والفلفل الأحمر.