- خردوات مسرطنة تباع في أسواق الدلالة - الجزائر تفرز 5 ملايين طنّ من النفايات الالكترونية سنويا تشكّل القمامة أو النفايات (العادية) مشكلة عويصة في الجزائر رغم سهولة فرزها وتدويرها، فيما يمثل تدوير النفايات الالكترونية (لغزا) أصعب وأخطر، سواء على الصحة البشرية أو البيئة، نظرا لتعقد صناعتها وتعدد المواد المستخدمة فى هذه الأجهزة، والآثار السلبية على المواطن وصحته والبيئة المحيطة، في ظل التداول غير الآمن، وفقر المعلومات عنها وعن كيفية التعامل معها، أخبار اليوم تحقق في الملف الخطير مع مجموعة من الخبراء والفاعلين. يشكّل الوضع الحالي للنفايات الالكترونية، وسبل التعامل معه ومدى الوعي المجتمعى بخطورته على الصحة والبيئة، والحد من التداول غير الآمن، واحدا من الملفات الجديدة على الجزائر، رغم أن العالم بأسره دق ناقوس الخطر. ومنه تحذير الأممالمتحدة مؤخرا من أن ملايين الهواتف الجوالة والحواسيب اللوحية والمحمولة والألعاب الإلكترونية والكاميرات الرقمية وغيرها من الأجهزة مقدر لها أن تشكل طوفانا من النفايات الالكترونية الخطرة حيث يتوقع أن ينمو حجم النفايات الإلكترونية العالمي بنسبة 33 في المائة في السنوات الأربعة المقبلة، حيث سيصل وزنها عندئذ إلى وزن ثمانية أهرامات مصرية، وكثير من تلك البضائع يضم في مكونات تصنيعه مواد سامة عديدة مثل الرصاص والزئبق والكادميوم والزرنيخ، مواد ستتسرب إلى الخارج في البيئة المحيطة، ملوثة الأرض والماء والهواء. 5 ملايين طنّ من النفايات الالكترونية تفرزها الجزائر سنويا كشفت مصادر مختصة ل (أخبار اليوم) أن التقارير المقدمة فى إطار اتفاقية (بازل) التي تنظم حركة النفايات الخطرة وإجراءات التخلص منها تشير إلى أن كمية النفايات الخطرة والنفايات المنزلية التى يطرحها العالم كل عام تقارب ال 180 مليون طنّ، وتشير التقارير نفسها إلى أن 9 ملايين طنّ من النفايات على الأقل ينتقل من بلد إلى بلد كل عام. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار النمو التكنولوجي والديموغرافي في العالم -يقول ذات المصدر- فإن نصيب الجزائر من هذه المخلفات الخطيرة لا يقل عن 5 ملايين طن من اصل 15 مليون طن من النفايات المنزلية التي تفرز على المستوى الوطني كل سنة. ومن هنا شدد محدثنا على ضرورة عمل إطار عام واستراتيجية للإدارة السليمة لهذه المخلفات الخطيرة، مضيفا إن عدم توفر الدراسات العلمية حول هذه الظاهرة، وعدم وجود شركات متخصصة في إعادة تدوير أجهزة الكمبيوتر أو التليفون المحمول وغيرها بالجزائر، كلها عوامل تعمق من المشكلة خصوصا في ظل الإقبال على اقتناء الهواتف المحمولة والحواسيب دون ترشيد ولا حوكمة، حيث تعد الجزائر من بين الدول الأكثر استعمالا لها. خردوات مسرطنة تباع في أسواق الدلالة يتابع ذات المصدر أن التعامل مع المخلفات الالكترونية فى الجزائر يتم من خلال تجار الخردة في أسواق (الدلالة) بالأحياء الشعبية وورش الإصلاح العشوائية المنتشرة فى معظم شوارع المدن الكبرى كالعاصمة ووهران، وبقية الولايات حيث تتم بها عمليات إحلال واستبدال للحصول على قطع غيار نصف عمر ، لتركيبها فى أجهزة أخرى متهالكة، ما يزيد من الأخطار الصحية عندما تتحول الأجهزة إلى نفايات، وبعضهم يقوم بصهر اللوحة الإلكترونية للحصول على المعادن كالفضة والنحاس، وعندما تصبح المادة عديمة الفائدة يتم التخلص منها عن طريق الحرق أو الدفن، ما يتسبب فى أخطار صحية وبيئية جسيمة، فبعض المواد الخطرة مثل (الباريوم) قد تسبب تورمات في المخ وضعف بالعضلات وأضرار بالكبد والطحال، زيادة فى ضغط الدم واضطرابات بالقلب، وأضاف أن (الكادميوم) الموجود فى الهواتف النقالة والكمبيوتر والتليفزيون، له تأثير خطير إذا تحولت الأجهزة إلى نفايات، فإذا استنشق الإنسان أبخرة الكادميوم أثناء عمليات الصهر التى يقوم بها تجار الخردة فى الورش يتسبّب ذلك فى ظهور أعراض الضعف العام على الإنسان تشبه أعراض الإنفلونزا بارتفاع درجة الحرارة والصداع والعرق والقشعريرة والآلام بالعضلات، ومن أضراره الصحية أيضا الهشاشة ولين العظام، كما أن الزئبق أحد المواد شديدة السمية التى تسبب فى أمراض السرطان، الكبد والمخ إذا تم استنشاقه أثناء عمليات الانصهار أو الحرق. الباريوم. الكادميوم. الفوسفور.. مواد سامة تهدّد الجزائريين حذّر الناطق الرسمي لجمعية حماية المستهلك سمير القصوري في تصريح ل (أخبار اليوم) من خطورة مخلفات الصناعات الالكترونية والكهربائية وما تحتويه من مواد مثل الفوسفور والرصاص والباريوم والكادميوم، إذا يتسبب التخلص غير الآمن منها فى أضرار بيئية وصحية، مشيرا إلى أن النفايات تشمل الأجهزة والمنتجات الإلكترونية وملحقاتها بعد انتهاء صلاحيتها، حين لا يمكن بيعها أو إعادة تدويرها وتشمل أجهزة التليفزيون والكمبيوتر ومعدات الاتّصالات السلكية واللاّ سلكية (الهواتف النقالة) ومعدات الترفية المنزلية مثل أجهزة التكييف وغيرها، وليس هناك احتمال لبيعها لمستهلك آخر بعد انتهاء عمرها الافتراضى، بمعنى أن النفايات الإلكترونية توجد عندما يصبح المنتج الالكترونى عديم الفائدة. لقصوري أضاف أن المستهلكين الجزائريين لا يلقون بالاً، حين يتخلصون بطرق عشوائية من أجهزتهم الالكترونية والكهربائية المستعملة، لما يمكن أن يسببه ذلك من آثار كارثية على البيئة والصحة، حيث أن الأسر الجزائرية تملك مئات الآلاف من الأجهزة الالكترونية والكهربائية، يبلغ وزنها ملايين الأطنان.معضمها أجهزة هواتف نقالة، وهي تعد أكثر النفايات الإلكترونية انتشاراً.ثم جهاز كومبيوتر، وجهاز تلفزيون وثلاجة وغسالة ملابس، هذه الأجهزة، يتم التخلص منها بطرق تقليدية، في غياب آلية محددة ومعروفة للتخلص منها. ومن هنا دعا ممثل المستهلكين وزارة البيئة إلى ضرورة تخصيص مكب للنفايات الإلكترونية، يجري فيه التخلص منها بطرق علمية لا تؤثر على سلامة البيئة. الجمعيات الخضراء تدقّ ناقوس الخطر دق رئيس جمعية دنيا البيئية عمار شارف ناقوس الخطر نظرا للانتشار الخطير للنفايات الالكترونية في محيطنا مسلطا الضوء في تصريح ل (أخبار اليوم) على أضرارها البيئية والصحية في ظل عجز السلطات المختصة على التعامل مع هذا النوع السام من المخلفات. وأعاب محدثنا على السلطات عدم إيلائها للجدية المطلوبة في التعامل مع القضايا المتعلقة بالبيئة، حيث لازالت لم تجد حلولا للنفايات المنزلية العادية المنتشرة في الأحياء (فما بالك بأصناف أخرى أكثر تعقيدا). وفي السياق طالب رئيس جمعية (دنيا) الحكومة بضرورة وضع استراتيجية خاصة تتضمن تخصيص أماكن لرمي وردم خاصة بالنفايات الالكترونية، فضلا عن دعم المشاريع الخاصة برسكلة النفايات، والتشجيع على البحث العلمى فى مجال تدوير المخلفات الإلكترونية، إضافة إلى مباشرة حملات تحسيسية عبر وسائل الاعلام وغيرها لتلقين المواطنين كيفية التعامل مع مواد خطيرة كالبطاريات وأجهزة الهاتف النقال والحواسيب، لتدارك غياب الثقافة البيئية لدى شريحة واسعة من الجزائريين. واغتنم محدثنا الفرصة ليذكر بجهود جمعية (دنيا) في هذا السياق، حيث نظمت مؤخرا حملات تحسيسية للأطفال بعدم رمي البطاريات المنتهية الصلاحية مع النفايات المنزلية الأخرى، كما تعتزم القيام بأيام دراسية وطنية حول رسكلة النفايات بحر الأسبوع المقبل بولاية الشلف. وزارة البيئة.. آخر من يعلم رغم خطورة الوضع البيئي والصحي الذي تفرزه انتشار النفايات الالكترونية في الجزائر، إلا أن وزارة تهيئة الاقليم والبيئة لم تتخذ أي اجراءات وقائية لحماية الجزائريين من هذا الخطر المحدق بصحتهم، حيث أن مصطلح (النفايات الالكترونية) ما يزال بمثابة لغز حير وزراء البيئة المتعاقبين خلال السنوات الأخيرة، حيث لم يتم التطرق إليه ولا حتى بالإشارة. ويعيب المختصون على وزارة البيئة عدم مواكبتها للتطورات التكنولوجية والتي أفرزت نفايات معقدة، لا يجب التعامل معها بالطرق التقليدية كالحرق، بل يجب عصرنة آليات الاسترجاع والعمل على الاستثمار في رسكلة النفايات. وكذا وجوب _تشكيل شبكات للمسترجعين وفق فروع متخصصة على غرار الورق والبلاستيك والزجاج والمعادن إلى جانب التوسع التدريجي نحو أنواع أخرى من النفايات كالتجهيزات الكهربائية والالكترونية والبطاريات والأنسجة والعجلات المطاطية المستعملة والعربات غير المستعملة_هذا الاستثمار الذي سيساهم باعتراف الوزيرة دليلة بوجمعة في تحويل النفايات من كوارث بيئية إلى ثروة اقتصادية ومن شأنها تحقيق قيمة مالية مضافة تقدر ب 30 مليار دج سنويا.