لمس الشاشات الإلكترونية يؤخر بناء العضلات يكاد لا يخلو أي بيت جزائري من أجهزة التكنولوجيا الحديثة، كالألعاب الإلكترونية التي سلبت عقول الكبار والصغار، وآخر ما دخل السوق الجزائرية أجهزة الألواح الرقمية التي عشقها الأطفال خاصة وأمام إصرارهم للحصول عليها، بات الأولياء ينفقون كل ما لديهم من مال من أجل شراء هذا الجهاز الثمين لهم. غير مدركين مخاطره على صحة أبنائهم. حسيبة موزاوي في خضم الغزو التكنولوجي السريع والذي يستهدف الأطفال بشكل خاص، نجد الآباء حائرين في كيفية ضبط استخدام أطفالهم لهذه الأجهزة، التي اختطفت الطفل من متعته الطبيعية، ونخص بالذكر استخدام الأطفال اللوحة الرقمية بشكل مفرط، نظراً لسهولة حمله وجاذبية التطبيقات الخاصة به والتي تحاكي جميع الأعمار. ومن هذا المنطلق قامت يومية (أخبار اليوم) بإجراء جولة استطلاعية حول الموضوع فكانت البداية مع السيدة أمينة التي أكدت أن ابنها الوحيد بمجرد تحصله على شهادة التعليم الابتدائي قام والده بشراء لوحة إلكترونية كمكافأة على نجاحه، مؤكدة أنه يشغل وقته بها طوال النهار، الأمر الذي يجعلها تكون مرتاحة بوجوده في البيت مع هذه الآلة، غير أنها تجهل المخاطر التي تحدق به. أما السيد نبيل هو الآخر يقول إن أبناءه الأربعة مدمنون على هذه الأجهزة الإلكترونية بسبب الألعاب التي تتوفر في مثل هذه الأجهزة رغم إدراكه بمخاطرها، غير أنه يقول (ربي يستر). الوسائل التكنولوجيا تعوّض الورقة والقلم لقد وجد الخبراء أن استخدام الأطفال للأجهزة التكنولوجية بشكل كبير على غرار الألواح الرقمية قد يتسبب في إصابة أيديهم وأصابعهم بالضرر والأذى فيما بعد، فلمس شاشة هذه الألواح يؤخر عملية بناء عضلات اليد لدى الصغار التي تنمو عادة في السنوات الأولى من خلال حركة اليد أثناء الكتابة والتلوين وبالتالي تعيقهم عن القيام بذلك بسهولة، كما أن أعينهم لا تسلم من الضرر على المدى البعيد أيضاً. وتحذر الدراسات إذا ظل الأطفال يستخدمون هذه الأجهزة باستمرار دون القيام بالأنشطة التي تعتمد على الورقة والقلم، فإن تلك العضلات ستصبح أضعف، وما نراه الآن هو كثير من الأطفال الذين يشكون من بعض التأخر الحركي، إلى جانب ضعف العضلات في بعض المناطق، وأكد الخبراء في طب الأطفال أن المشكلة تكمن في أن التكنولوجيا الحديثة لدرجة تجعل الباحثين غير قادرين على معرفة الضرر الذي تحدثه على المدى الطويل، لكنهم يشددون على ضرورة تحديد وقت لاستخدام الأطفال لتلك الأجهزة والمدة يجب ألا تتعدى الساعتين في اليوم. وأضافوا بأن الأطفال دون السنتين يجب ألاّ يستخدموا الأجهزة اللوحية على الإطلاق، مشددين على إبعاد تلك الأجهزة عن غرف الأطفال، وتشير المبادئ التوجيهية إلى أن أجهزة التلفزيون والكمبيوتر يجب أن تبقى خارج غرفة الطفل، وهذا البحث ليس أول بحث يشير إلى أن قضاء وقت طويل أمام الشاشة يمكن أن يضر بصحة الأطفال. آلام الرقبة والظهر أعراض أخرى قد ذكرت أبحاث سابقة أن الشباب يواجهون قنبلة صحية فيما يتعلق بآلام الرقبة والظهر المرتبطة باستخدام أجهزة الكمبيوتر وألعاب الفيديو والهواتف الذكية، وأظهرت الأبحاث أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الأطفال في المدارس الابتدائية وثلثي طلاب المدارس الثانوية قد اشتكوا من آلام في الظهر أو الرقبة خلال العام الماضي، بسبب استخدامهم للأجهزة الرقمية لفترات طويلة، لذلك يتوجب على الأهل تحديد أوقات استخدام أطفالهم للأجهزة الرقمية لتفادي المشاكل الصحية التي قد تتسبب بها، كما أن أنماط الحياة الحديثة وزيادة استخدام التكنولوجيا لها آثار ضارة على صحة عضلات وعظام أطفالنا حسب الدكتورة (ساحلي جويدة)، وإذا لم يتم علاج ذلك في المدرسة والمنزل الآن، فسوف يكون له آثار بعيدة المدى على أطفالنا ومجتمعنا في المستقبل، ومن الضروري غرس العادات السليمة، وتوفير الموارد بحيث يشعر الأطفال بالراحة، ويكونون قادرين على التركيز، واستغلال إمكاناتهم بالكامل، والقيام بالعمل وممارسة الرياضة مثلما يرغبون، حتى لا يصبحون مقيدين بإعاقة يمكن الوقاية منها. مختصون نفسانيون يحذرون من العواقب حذرت الأخصائية النفسانية (ف.زهرة) من استخدام الأطفال لهذه الأجهزة لفترات طويلة تتجاوز الأربع إلى خمس ساعات في اليوم، منبهة الأهالي من مخاطر ينجم عنها تلف خلايا الدماغ، إضافة إلى إجهاد العين والشعور بالصداع، حيث أظهرت الدراسات التي صدرت مؤخرا نتائج مقلقة، منها إصابة بعض الأطفال بالصرع نتيجة الإضاءة والحركة فيما يشاهده الأطفال، وعلى الرغم من أن هذه اللوحات الرقمية تحوي برامج تساعد على خلق طفل مبدع ذو مهارات عالية خاصة على خلفية ألعاب التفكير الذهني، إلا أن كثرة استخدامه ولفترات طويلة تجعل من الطفل منعزلا عن محيطه وعن مجالسة الآخرين، ناهيك عن ظهور السلوكيات الغريبة بما فيها العصبية وعدم الرغبة في سماع كلام أقرب المقربين له حتى الوالدين. ويحذر الأخصائيون من إنصات الأهل لرغبة الطفل وبكائه عند منعه من استخدامها، مطالبين بضرورة إعطائه فرصة يوميا للعب لوقت لا يتعدى الساعتين مكافأة له لعمل جيد، كما حذرت من الوقوع تحت ابتزاز الأطفال وبكائهم. مركزين في ذلك على ضرورة اختيار الأهل لألعاب خاصة متعلقة بالذكاء يمكن استخدامها كمنشط وحافز للتفكير لتخلق بذلك جيلا مبدعا بمهارات تفكير عالية وبروح منافسة خلاقة.