آثار وخيمة على الصحة تصل إلى حد الإدمان مشاكل الحياة اليومية في عصرنا الحالي في تزايد مستمر، في الأسرة في العمل في الشارع، مما يشكل ضغوطات نفسية على الفرد تعرضه لأزمات نفسية وعصبية، ما يجعله يلجأ لتناول بعض العقاقير المعروفة عند عامة الناس (بالمهدئات) دون وعي منه بأضرار هذه الأخيرة. يلجأ الكثير من الناس إلى تناول أدوية مهدئة متفاوتة الفعالية، من مسكنات الألم والأدوية المنومة إلى العقاقير المهدئة، وفي الحالات القصوى يلجأ العديد من الأشخاص وخاصة الشباب منهم إلى تعاطي المخدرات، كل هذه الأنواع من العقاقير يمكن تصنيفها ضمن المواد المهدئة لأنها تغير في التجربة الحياتية للفرد وتجعله يظن أن الأمور على ما يرام (الباراسيتامول) وما إلى ذلك، فهي تهدأ الألم دون معالجة أسبابه والأدوية المنومة ك(الترونكسان) و(الفاليوم) تسهل النوم دون القضاء على المسببات الفعلية للأرق، أما العقاقير المهدئة ك(الستريزام) و(الليكزوميل) و(الأروكسيل) و(الأنافراميل) فهي تُدخل الشخص في حالة من الهدوء الاصطناعي وهي حقيقة تساعد على تحمل الضغوطات الخارجية دون المساهمة في التخلص منها بشكل نهائي ومواجهتها بطريقة حاسمة، ولعل الأسوأ من ذلك كله هو استعمال مثل هذه العقاقير دون الاستشارة الطبية، فمن منا لا يمتلك أقراص (الباراسيتامول) في منزله وقليلون هم من لا يبتلعون قرصا أو اثنين فور إحساسهم بألم في الرأس. هنا نجد نفسنا أمام جملة من التساؤلات هل المهدئات فعالة في التخلص من الألم أو الضغط أو الإحباط ؟ وإن كانت كذلك فما العيب في استهلاكها فهي في نهاية الأمر تساهم في حل المشكل؟ وإن كانت حقيقة غير فعالة فما الذي يدفع بالأشخاص لاستهلاكها بالرغم من عدم جدواها ؟ كثيرون هم من جربوا في فترة ما من حياتهم أدوية مهدئة أو مسكنة ولاحظوا بأنفسهم مفعولها الجيد، وكثيرون هم أيضا من يؤمنون بأن مفعول مثل هذه المواد مجرد هراء إذ أنهم يجدون أنه وخلال فترات عصيبة من حياتهم لم تساهم هذه الأدوية في تحسين نوعية حياتهم، وما يمكن قوله هنا هو أن كلاهما على حق. أطباء يحذرون من الإفراط في تناول المهدئات وعليه ارتأت أخبار اليوم الاتصال بالطبيبة (س. جويدة) التي أكدت أن مفعول الدواء وخصوصا المهدئ والمسكن والمنوم وحتى المخفف للإحباط مرتبط بردود فعل عضوية، ويعلم الأطباء الأكفاء أن كل مريض هو حالة استثنائية بحد ذاته، ذلك لأن تفاعل الجسم وتجاوبه الفزيولوجي مع الدواء يختلف من شخص لآخر، غير أن هذه الاختلافات الفزيولوجية ليست الوحيدة في تحديد مدى فاعلية الدواء المهدئ، بل أن العامل السيكولوجي يلعب الدور الحاسم في الكثير من الأحيان، ويتمثل العامل السيكولوجي أو ما يسمى ب(البلاسيبو) في مدى اقتناع الشخص وإيمانه بنجاعة المهدئ الذي تناوله للتخفيف من حدة الضغط النفسي الذي يعاني منه، ومن المثير للاهتمام هنا أنه وفي ثلث الحالات أي ثلاث إلى أربع حالات من أصل عشرة يشعر المريض بتحسن ملحوظ في حالته حتى وإن كان الدواء المقدم عبارة عن ماء أو مادة أخرى لا تحوي صفات علاجية، فالمهم هو اقتناع المريض بفاعلية المادة المتناولة، ويستغل بعض منتجي الأدوية عامل (البلاسيبو) في تسويق أدويتهم وتخفيض تكاليف الإنتاج، فهم في حقيقة الأمر يستعملون مواد ذات فعالية محدودة رخيصة الكلفة ويقومون بتسويقها والترويج لها. كما أشارت المتحدثة إلى أن للأدوية المهدئة أضرار عديدة فهي كغيرها من الأدوية تؤثر سلبا على أعضاء الإطراح كالكلى على وجه الخصوص وتخرب خلاياها، إلى جانب أنها تسبب تسمم الخلايا الكبدية مباشرة بعد استهلاكها مثل ما هو معروف عن (الباراسيتامول)، وتقدم المهدئات في أغلب الأحيان على شكل أقراص وحبيبات مما يجعل تأثيرها على الجهاز الهضمي سلبيا في حالة تناولها لفترات طويلة المدى، أما عن التأثيرات السلبية الخاصة بالأدوية المهدئة في حد ذاتها فهي تتمثل في خطر الإدمان فيما يخص مضادات الإحباط والمنومات، وعن تأثيرها على الجهاز العصبي فهي تحدث حالة من عدم التوازن على مستوى خلايا المخ وتؤدي بذلك إلى أعراض سلوكية كالخمول ونقص الانتباه ونقص القدرة على التفكير الواقعي واتخاذ القرارات غير الصائبة. وعليه يطالب الأطباء والخبراء بضرورة إنهاء الفوضى الدوائية من خلال إصدار القوانين التي تفرض تحديد الوصفة الطبية للجرعات ومدة الاستخدام والكمية الإجمالية وتشديد الرقابة الرسمية والجرد الدوري للصيدليات. شركات صيدلانية تتنافس على الربح يقال (إن لكل داء دواء)، وعند ذكر كلمة (دواء) يتوجه تفكيرك مباشرة إلى الصيدلية على الرغم من أن المقصود بالدواء في هذه العبارة ليس فقط المواد الصيدلانية بل كل ما من شأنه علاج الداء، ولكن معنى مصطلح (دواء) قد أخذ منحى آخر منذ أن اختصت الصناعة الصيدلانية بإنتاج مركبات اصطناعية ذات مفعول علاجي، فإذا كنا على دراية بعالم المال والأعمال فإننا من دون شك على علم بأن أكسجين أي شركة هو إيجاد أسواق جديدة وبالتالي استثمارات مربحة، ولن يفوتنا إطلاقا أنه من أكبر الشركات العالمية في الوقت الحالي والتي تساهم في تحريك اقتصاد الدول الكبرى وتفرض شروطها الاستفزازية على الدول الصغيرة تتفاوض الند للند مع حكوماتها هي الشركات الكبرى للمواد الصيدلانية، ويكفينا أن نقوم ببحث صغير على شبكة الأنترنت لندرك أن آخر ما يفكر فيه مالكو مثل هذه الشركات هو الصحة العمومية، لإن الاستراتيجية الكلاسيكية المعتمدة من قبل منتجي الأدوية والمتمثلة في التركيز على فئة الأطباء والصيادلة وتوجيه تكوينهم نحو الاستعمال المفرط للأدوية لم تعد تجدي نفعا نظرا للتطور الرهيب والسريع لاحتياجات شركات الصناعة الصيدلانية، وما يدعى في الماركيتينغ بتوسيع رأس المال هو حقيقة لا يمكن نفيها في ظل عالم يسوده التنافس على الربح. هذا ما دفع بمنتجي الأدوية إلى الترويج لتلك الأدوية والعقاقير التي لا تظهر أعراضها الجانبية بشكل فوري كالمهدئات ومسكنات الألم والعقاقير المنومة ومضادات الإحباط، وبهذا لا يمكن ربطها بالمشاكل الصحية التي ستظهر في وقت لاحق لا محالة.