أصبحت ظاهرة تناول الحبوب المهدئة لدى العديد من المواطنين هاجسا خطيرا ، غير أن الخطر منها هو الحصول عليها من الصيدليات دون وصفات طبية، و لم يعد الأمر مقتصرا على بعض المهدئات فحسب ، بل باتت جميع الأدوية تباع في الصيدليات دون وصفات طبية، فالمرضى يجدون في ذلك تفادي الذهاب إلى الطبيب و تحاشي طوابير الانتظار الطويلة أو المواعيد، وبالأخص تفادي دفع المال للطبيب، و بهذا غيّروا وجهتهم مباشرة باتجاه الصيادلة من أجل اقتناء الأدوية على اختلاف أنواعها، والسؤال المطروح هو ، هل يعد صرف الدواء للمرضى بغير وصفة تجاوزا، أم أمرا عاديا ، وهل يجوز للصيادلة التصرف في وصف الدواء دون فحص المريض أو معرفة العوارض التي يعاني منها ؟ سارة .ب بإمكان أي تفاعل خاطئ بين الأدوية أو جرعات إضافية أن تودي بحياة المريض إلى الهلاك ، وحينها من يتحمل المسؤولية ؟ ، تهاون المريض ولا وعيه ؟ أم غياب الضمير لدى الصيادلة ؟ أم تهاون وزارة الصحة في وضع قوانين صارمة لمنع هذه التجاوزات التي تعدُ خرقا للقانون . صيادلة يعوّضون الأطباء في وصف أدوية للمرضى تحولت هذه الظاهرة إلى جد عادية في غياب قانون يمنع الصيدليات من وصف الأدوية دون وصفات طبية، فكل من يعاني من مرض أو شعر بصداع أو آلام يتوجه إلى اقرب صيدلية من أجل اقتناء ما يلزمه من أدوية ، دون الحاجة إلى التوجه للطبيب، ورغم أن القانون يفرض على الصيادلة الالتزام بالوصفة الطبية ، خاصة فيما يتعلق بالأدوية الخطيرة ، مثل المضادات الحيوية وتلك العلاجات التي توصف في حالات الأرق والقلق وعلاج الأمراض النفسية والعصبية من المسكنات والمهدئات، إلا أن كل دواء قابل للبيع عند بعض الصيادلة ، ولا حاجة لإظهار وصفة طبية خاصة فيما يتعلق بالحبوب المهدئة ، التي يكون استعمالها بأمر من الطبيب المختص في الطب العقلي. حيث يشدد الكثير من الأطباء على خطورة تناول الأدوية بشكل عشوائي، ومن دون استشارة طبيب ، لما يترتب عليه من مخاطر عديدة، فبعض الأدوية لا يمكن إعطاؤها للمريض مع بعضها البعض، أو قد تحتاج إلى تعديل جرعاتها، لذلك فإن الطبيب هو الوحيد القادر على أن يوصف الدواء المناسب ، ويأخذ بعين الاعتبار كافة الاحتياطات اللازمة، فالعلاج العشوائي يؤدي إلى تسممات وتعقيدات صحية قد تؤدي إلى الوفاة، وفي ظل غياب مراقبة عمل الصيدليات من طرف الوصاية بغرض تفادي توزيع الأدوية بدون وصفات، تنامت الظاهرة، رغم أن القوانين المنظمة للمهنة تمنع مثل هذه الممارسة ، ويرى البعض أنه رغم التطورات والتحولات الكثيرة التي طرأت على المجتمع الجزائري ، إلا أن ثقافته بقيت تراوح مكانها في ما يخص بعض الممارسات التقليدية البدائية ، كالعلاج الذاتي بطلب دواء من عند صيدلي فقط ، لأنه أفاد الجار أو الصديق في معالجة مرضه، وفي هذه الحالة على الصيدلي نفسه رفض بيع أي دواء من دون أن يقدم له المشتري وصفة طبية، وبما أنه لا يمكن مراقبة كل صيدلي يبقى الأمر متروكا للضمير المهني لدى كل صيدلي. والحقيقة المرة التي أصبحت لا تخفى على أحد، أن هناك من الصيادلة من يبيعون الحبوب المهلوسة دون التقيد بالشروط اللازمة، حيث أكدت التقارير الأمنية أن المسكنات والمهدئات، أصبحت مصدرا هاما يسترزق منه بعض الأطباء والصيادلة الذين فضلوا التخلي عن نبل مهنتهم ، وتغييب ضميرهم في سبيل الربح السريع، والقضايا التي تعالجها المحاكم كل مرة ، خير دليل ، حيث اتسعت رقعة التعاطي لهذه العقاقير والمؤثرات العقلية، والدليل على ذلك ارتفاع حجم المحجوزات من المهلوسات في كل مرة من طرف مصالح الأمن، وارتفاع عدد الموقوفين سواء المروجين أو المستهلكين . صيادلة يرفضون المتاجرة بأرواح المرضى في سبيل الربح ليس ما ذكرناه سابقا ينصب على جميع الصيادلة من دون استثناء ، فمن أصحاب هذه المهنة من يرفض بيع ضميره بدراهم معدودات ، و في هذا أوضح صاحب صيدلية لنا ، أن من حق الصيدلي إعطاء أدوية في بعض الأحيان دون وصفة طبية مثل (البراسيتامول) المعروف بالإقبال الكبير والواسع لدى مختلف الفئات في المجتمع الجزائري، بالإضافة إلى بيع بعض المراهم الخاصة بالالتهابات ، وبعض المطهرات والفيتامينات وبعض الأدوية المضادة للزكام، موضحا أنه هنالك أدوية لا يمكن بيعها دون وصفة طبية ، مثل المهدئات والمسكنات القوية وأدوية القلب ، وكذلك المضادات الحيوية، معتبرا نقص الوعي لدى المواطنين سببا شجع تجار الأدوية، وهم ليسوا بصيادلة من أصحاب المهنة الحقيقيين ، على المتاجرة بمختلف المهدئات والمؤثرات العقلية. فالصيدلي الحقيقي لا يمكنه المتاجرة بأرواح المواطنين من أجل الربح، لأن ضميره المهني فوق كل اعتبار، مضيفا أن هناك رقابة قانونية على مختلف الأدوية المخدرة في الجزائر، وهناك سجل خاص بالمؤثرات العقلية لدى كل الصيدليات، يتم تدوين فيه جميع بيانات المريض والأدوية الموصوفة له، وهو مراقب من طرف مصالح الأمن ، إلا أن بعض الصيدليات نادرا ما تخضع للرقابة الأمنية. القانون الجزائري يمنع بيع الأدوية المحظورة دون وصفة صرح أحد المحامين في هذا الشأن أن القانون يعاقب الصيادلة على بيع الأدوية المحظورة بدون وصفة طبية ، وفقا لقانون 85 /05 المسير للمهنة، حيث تعد المهدئات أو مسكنات الألم أو الأقراص المهلوسة وسيلة للتخفيف من حدة المرض، مهما اختلفت تعاريفها، غير أن دورها الأساسي هو التغلب على الألم أو نوبات القلق التي ترافق الانهيارات العصبية، غير أنه للأسف أصبحت تستعمل لأغراض أخرى ، كما أنها تقع في يد المدمنين عليها، وهو الواقع الذي يتضح لنا من خلال أن رقعة تعاطي مثل هذه الحبوب في اتساع، والدليل على ذلك هو حجم القضايا التي وصلت إلى أروقة المحاكم في هذا الخصوص، وكذا التقارير الأمنية التي تكشف ارتفاع حجم المحجوزات .