أكّد المحلّل السياسي والضابط المتقاعد الخبير في الألغام مسعود عظيمي أمس أن زيارة الوزير البريطاني المكلّف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا (طوبياس الوود أم بي) المقرّرة بداية من اليوم إلى الجزائر لها طابع أعمق من التعاون الثنائي في إطار الاستحقاقات المسجّلة في أجندة اللقاءات بين مسؤولي البلدين، حيث توجد ملفات هامّة سيتمّ طرحها تتعلّق بالشأن الليبي والمالي باعتبار أن الجزائر نقطة محورية وذات تجربة ناجعة في مكافحة الإرهاب. أوضح عظيمي أن علاقات الجزائر والمملكة البريطانية قديمة جدّا تمتدّ إلى عهود الرؤساء السابقين، حين قامت الملكة البريطانية بزيارة الجزائر سابقا، لهذا فهي ذات طابع أعمق من التعاون الثنائي في حلّ الأزمات التي تعرفها دول شمال إفريقيا، واصفا الملفات المطروحة على طاولة اللقاء الثنائي ب (ملفات الساعة) ذات جانب أمني وإقليمي واهتمام مشترك بين الدولة الجزائرية وكلّ دول أوروبا، وهو ما جعل هذه الزيارة تحمل جوانب أخرى أكبر من التعاون الاقتصادي والسياسي المشترك. ومن بين الملفات التي ستمّ طرحها خلال الزيارة التي ستدوم يومين ما تعلّق منها بالدور الجزائري في القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، والتي تهمّ بريطانيا شأنها شأن باقي الدول الأوروبية، خاصّة فيما تعلّق بملفي القضية الليبية والمالية وبعد سقوط النظام الليبي اللذين وضعا الدول الأوروبية بما فيها فرنسا في مأزق حاليا، حيث أن الدول الأوروبية مجتمعة وبريطانيا خاصّة تعتبر أن الجزائر الدولة المحورية في المنطقة وذات تجربة كبيرة في ميدان مكافحة الإرهاب، وهو ما دفع الجزائر إلى الأخذ على عاتقها مهمّة لعب دور هامّ في تسوية وحلّ الملفين السابقين للدول المجاورة. وكانت وزارة الخارجية أصدرت بيانا أكّدت فيه أن الوزير البريطاني المكلّف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيشرع اليوم في زيارة عمل للجزائر تستمرّ ليومين، تدخل في إطار (المشاورات السياسية المنتظمة بين الجزائر والمملكة المتّحدة). وأوضح بيان وزارة الخارجية الجزائرية أن (طوبياس الوود) سيجري خلال هذه الزيارة محادثات مع الوزير المنتدب المكلّف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل حول (حالة التعاون الثنائي في إطار الاستحقاقات المسجّلة في أجندة اللقاءات بين مسؤولي البلدين، وكذا حول القضايا السياسية الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، لا سيّما تطوّر الوضع في المغرب العربي ومنطقة الساحل والشرق الأوسط). تجدر الإشارة إلى أن العلاقات الجزائرية-البريطانية تتميّز بنوعية عالية من خلال اتّفاقيات الشراكة الفعّالة والمثالية في جميع مجالات التعاون وفي قطاعات مختلفة مثل الطاقة والمكننة الصناعية والبناء والتربية والتكوين وتعليم اللّغة الإنجليزية، كما أن عموم الشركات البريطانية المنتشرة في الجزائر تعمل بشكل خاص في قطاع المحروقات ومتواجدة أيضا في المجال الخدماتي كالصحّة والقطاع المصرفي، وهو ما جعل حجم التبادل التجاري بين الدولتين يعرف نموا مستمرّا خلال السنوات الأخيرة، حيث توضع الجزائر من بين أهمّ شركاء المملكة المتّحدة على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا. وتتّسم علاقات بريطانياوالجزائر التي تنبني على أسس الاحترام المتبادل والتعاون في المجال الأمني على وجه الخصوص، ثمّ الاقتصاد والتجارة تحديدا لتحقيق المصلحة المشتركة. كما طبعت العلاقات الثنائية زيارات خاصّة لتشجيع المؤسسات الاقتصادية البريطانية من أجل رفع وتيرة استثماراتها بالجزائر، وقد تمّ خلال شهر أكتوبر الماضي تنظيم لقاء في سفارة الجزائر بلندن حضره ممثّلون عن خمسين شركة بريطانية من أجل تقديم عرض حول إمكانيات السوق الجزائري.