بقلم : علي محمدالحباري الأندلس تلك الدولة التي حكمها العرب في قلب أوروبا حوالي ثمانمائة عام كان بإمكانهم أن يحافظوا عليها دولة عربية إسلامية لو لم يختلف حكامها ويستعين كل منهم بعدوه ليخلصه من اخيه حتى لا ينافسه في الحكم، وكانت النهاية محزنة ومؤسفة فقد خسر الجميع الغالب والمغلوب وأجهض أعداء الأمة العربية والإسلامية الدولة العربية في الأندلس وقضوا على الإسلام فيها. وما زلنا نتذكر تلك المقولة الشهيرة لوالدة آخر حاكم عربي اموي الذي استعان بالاعداء لينقذوه فأجهزوا على ملكه فلم يجد ما ينعي به ملكه سوى البكاء فقالت له والدته: ملك لا تستطيع ان تحميه مثل الرجال ابكه مثل النساء.. وها نحن العرب اليوم لم نستفد من عبرة ودروس تلك الواقعة الشهيرة وقد نلاقي نفس المصير ونجد انفسنا في خبر كان اذا ما استمرينا نتآمر على بعضنا.. حتى الدين الاسلامي الحنيف لم نعد نهتم بالدعوة اليه ونطبق احكامه كما جاءت بقدر ما اصبح اكبر همنا الدفاع عن المذهبية التي ما انزل الله بها من سلطان ولم يشر اليها النبي محمد عليه وعلى آله وصبحه الصلاة والسلام لا من قريب ولا من بعيد.. لكن لان الحكام وجدوا في المذهبية بغيتهم للتفرقة بين ابناء الامة الواحدة للانشغال بها حتى لا يتفرغوا لمقاومة ظلمهم واستبدادهم فقد عملوا على انتشارها.. وكان اول من اخترع المذهبية هو الخليفة المتوكل العباسي فبدأ الناس ينشغلون بها ويتجادلون حولها وجعلوا منها الشأن الاهم. ومع مرور الزمن تطورت وتوسعت واصبح المذهب يتكون من عدة مذاهب حتى وصل الامر الى درجة تكفير من يختلف مع توجه هذا المذهب او ذاك.. ويا ليت الامر توقف عند هذا الحد وتم الاكتفاء بتكفير المخالف.. وانما وصلت حدة الاختلافات بين من يعتقدون في المذاهب وجعلوا منها هي الدين كله ان اوعزوا لاتباعهم ومريديهم بسفك دم من يختلف معهم ضاربين بحديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام: ان نقض الكعبة حجراً حجراً اهون عندالله من اراقة قطرة دم امرء مسلم عرض الحائط او كما جاء في الحديث الشريف.. اما الله سبحانه وتعالى فقد توعد قاتل النفس الحرام بالخزي في الدنيا والخلود في جهنم بنص صريح ورد في القرآن الكريم.. لكن مع الاسف الشديد فإن من تعودوا على سفك الدماء بغير حق قد تجردوا من ضمائرهم وانسانيتهم وحتى من خوفهم من الله وجعلوا مرجعياتهم مشايخهم وفتاواهم بدل كتاب الله وسنة رسوله.. ولان اثارة الفتن المذهبية والحروب الدينية هي اقصر الطرق لتحقيق اهداف من لا يريدون الاستقرار للامة الاسلامية فقد وجدت تشجيعاً ليس من اعداء العروبة والاسلام فحسب وانما حتى من الانظمة العربية التي تخاف من شعوبها وتخشى على كراسيها من الاهتزاز فتسقط من تحتها.