أسعار جنونية حطمت القدرة الشرائية للزبون مع اقتراب انقضاء سنة 2014 لا يزال شبح ارتفاع أسعار الخضر والفواكه يؤرق الأسرة الجزائرية الفقيرة منها والمتوسطة الحال على حد سواء، وهو الارتفاع الذي عرفته كل الأسواق عبر مختلف ولايات الوطن منذ حلول السنة الجارية لتقترب بذلك السنة على الانقضاء مع استمرار شبح الارتفاع في الأسعار كما سماه البعض، وبهذا تزداد معاناة المواطن الجزائري البسيط الذي لم يعد بوسعه مجاراة ارتفاع الأسعار بمدخوله الذي لم يعد يكفي حتى لتغطية أبسط ضروريات الحياة. حسيبة موزاوي يأتي هذا في الوقت الذي فشلت فيه وزارتا التجارة والفلاحة في ضبط السوق وتنظيمه وسط مضاربة التجار وتسقيفهم للأسعار، حيث فاقت نسبة بعض المواد 100 بالمائة بما فيها أسعار البطاطا التي وصل سعرها إلى 100 دينار للكيلوغرام الواحد. مهزلة الأسعار الجنونية خلال الجولة الاستطلاعية التي قمنا بها في أسواق العاصمة قبيل اليوم الاحتجاجي بأيام حمّلنا المواطنون رسالة نقل معاناتهم التي أصبحت بصفة يومية ودائمة بعدما كانت تقتصر في وقت سابق على المناسبات والأعياد، وعبر سمير موظف عن استيائه من الوضع الذي يعيشه المواطن الجزائري البسيط على مدار أيام السنة لم يكفينا ارتفاع الأسعار خلال المواسم والأعياد بل أصبح هذا التكالب بشكل يومي دون أي تبرير، والتفسير الوحيد للارتفاع هو أن هؤلاء التجار لم يكتفوا بالسرقة في الأعياد والمناسبات بل وصل بهم الجشع إلى المضاربة بالأسعار حتى خلال الأيام العادية من السنة . السيدة مليكة ربة منزل هي الأخرى تقول تعودنا على المضاربة في الأسعار مع اقتراب كل مناسبة، لكن سكوت المواطن وصمته عن مهزلة الارتفاع الجنوني في الأسعار جعلت هؤلاء التجار يدركون جيدا أنه حتى في حالة رفعهم الأسعار خلال باقي الأيام لن يغير شيئا ، مضيفة إن هؤلاء المضاربين في الأسعار يربطون دائما الارتفاع بأمور غير منطقية لتبرير مضاربتهم . كما أجمع أغلب المواطنين على تأييدهم لليوم الاحتجاجي الذي يكون بمثابة صفعة للتجار من أجل إعادة حساباتهم في تحديد الأسعار والرأفة بالزبائن كونهم باتوا عاجزين عن ضمان معيشة أسرهم في ظل الالتهاب والزيادات العشوائية لمختلف السلع والمواد الغذائية. جمعيات المستهلكين: لابد من وقف سيناريو الارتفاع الفاحش من جهتها، دعت عدة جمعيات مهتمة بحماية وإرشاد المستهلك ليوم بدون تسوق في تاريخ 20 ديسمبر الجاري، وتهدف الحملة إلى وضع حد لمسلسل الارتفاع الفاحش في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية بالأسواق المحلية، هي مبادرة جاءت نتيجة ارتفاع أسعار السلع الضرورية إلى ضعف ثمنها في بعض الحالات رغم الدعم المستمر للدولة لهذه السلع ، بالإضافة إلى أن المستهلك يتحمل جزءا من المسؤولية بسبب سلوكه الاستهلاكي الذي أتاح الفرصة للمحتكرين والمضاربين لزيادة الأسعار. وأوضحت هذه الجمعيات أن هذه الوقفة ستكون لمحاسبة الذات، وبمثابة رسالة قوية عن عدم الرضا بواقع الأسواق المتذبذب، ووقفة للتأمل حول دور المواطن في استقرار الأسعار ومحاربة مافيا الأسواق . ورغم تباهي الحكومة بسياسة رفع الأجور فإن تلك الزيادات فشلت في تحسين المستوى المعيشي للفرد الجزائري بسبب التهاب الأسعار التي تشهد ارتفاعا كبيرا خلال الفترة الأخيرة، التي شملت حتى اللحوم البيضاء مما دفع لمحاولة توحيد كلمة المستهلك المتضرر بتنظيم حملة تشمل كل السلع، والهدف من ذلك الدعوة لوضع استراتيجية تضمن استقرار الأسعار على المدى البعيد. عراقيل يدفع ثمنها المستهلك ومن بين العوامل التي تحكم عوامل وضعية الأسعار حسب مختصين، نجد نقص الإنتاج والاضطراب على مستوى العرض، لأن المواد التي مسها ارتفاع الأسعار هي مواد فيها عجز على مستوى السوق المحلي. يضاف إلى ذلك أسباب تتعلق بسوء التنظيم، وضعف أداء شبكة التخزين وغرف الحجز والتبريد، ونقص عدد الأسواق الجوارية بنسبة عجز قدرها ألف سوق جوارية على مستوى الجزائر، لأن نقص هذه الأسواق حسب المختصين يؤدي إلى تضخيم فارق سعر الجملة وسعر التجزئة. ما استنتجناه بعد حديثنا مع المواطنين أن صفة الإدخار لم تعد ملازمة للأسرة داخل المجتمع الجزائري، بل لم يعد لها وجود في قاموسها، بالمقارنة مع السنوات القليلة الفارطة، بالرغم من أن الإدخار أصبح حاجة ملحّة يفرضها الواقع المعيشي الصعب، بل إن المواطن الجزائري يغرق في الديون وثقافة الإدخار أصبحت ثقافة غائبة ولا تساعد عليها الظروف المحيطة بأرباب الأسر، خاصة مع التدني في أجور المواطنين البسطاء، إذا ما قورن بالارتفاع الملحوظ في الأسعار، وإن كان لغياب ثقافة الإدخار حسب خبراء الاقتصاد، دور في غياب واندثار هذه الأخيرة، إلا أن المواطن الجزائري من جهته، يرى أن غلاء المعيشة وكثرة التكاليف والزيادة في احتياجات الأسرة كنتيجة لتشعب الحياة وأسباب أخرى حالت دون أن تدخر العائلة الجزائرية فلسا يقيها قهر الأيام.