قال تعالى منوها بفضله على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} النساء: 173. وقال تعالى منوها بفضله على أمة محمَّد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 175]. فضائل أسمائه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: لي خمسة أسماء: أنا محمَّد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب [والعاقب: الذي ليس بعده نبي] وقد سماه الله رؤوفا رحيما . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين . وقال صلى الله عليه وسلم: أنا محمَّد وأحمدُ والمقفى والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة ونبي الملحمة كنيته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجمع بين اسمه وكنيته. وقال: أنا أبو القاسم، والله يعطي وأنا أقسم . اسمه ونسبه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ذكر البخاري رحمه الله في مبعث النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هو محمَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من بني هاشم من قريش من كنانة من مضر من العرب من ولد إسماعيل ابن إبراهيم خليل الله. عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم . عن كليب بن وائل رضي الله عنه قال: قلت لزينب بنت أبى سلمة (هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من مضر؟ قالت: ممّن كان، إلا من مضر؟ من بني النضر بن كنانة . فضل قبيلته صلى الله عليه وسلم على سائر القبائل عن المطلب بن أبي وداعة رضي الله عنه، قال: جاء العباس رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأنه سمع شيئًا، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال: من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله، عليك السلام، قال: أنا محمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا وخيرهم نفسا . فضل قريش وذكر اسمها في القرآن دون غيرها من القبائل قال تعالى: {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 1- 4]. عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: فضَّل الله قريشًا بسبع خصال: فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين، لا يعبد الله إلا قريش، وفضلهم بأنهم نصرهم يوم الفيل، وهم مشركون، وفضلهم بأنه نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيها أحد من العالمين وهي {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ} وفضلهم بأن فيهم النبوة، والخلافة، والحجابة، والسقاية . كتبه الله في النبيين منذ خلق آدم صلى الله عليه وسلم عن الربيع عن جابر عن الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قيل يا رسول الله متى كتبت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد . أخرج بن سعد عن قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت أول الناس (يعني أول الأنبياء) في الخلق وآخرهم في البعث . طيب مخرج أجداده وجداته اللائي ولدنه من لدن آدم حتى مولده صلى الله عليه وسلم عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرجت من نكاح، ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي، لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء . فضل يوم مولده صلى الله عليه وسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: فيه ولدت وفيه أنزل علي [13]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر فيها لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين . فضل بلده وبلد هجرته ومسجده صلى الله عليه وسلم عن ابن الزبير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة بمسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة . وعن عبد الله بن عدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمكة: والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض االله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت . وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة . وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها طيبة تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، فإني آخر الأنبياء، وإن مسجدي آخر المساجد .
فضله صلى الله عليه وسلم وفضل أمته قبل أن يخلقهم قال جَلَّ ثناؤه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ...} [الفتح: 29]. بشرت به الأنبياء قبل أن يبعث صلى الله عليه وسلم عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني عند الله خاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأخبركم عن ذلك، دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات النبيين يرين وإن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورًا أضاءت له قصور الشام . قوله: (لمنجدل: أي مطروح على وجه الأرض. صورة من طين، لم يجر فيه الروح بعد). ودعوة إبراهيم عليه السلام: هي قوله تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 129]. وبشارة عيسى عليه السلام: هي قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف: 6]. هو صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وهدية الله إلى خلقه قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} الأنبياء: 107. وقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة . رفع ذكره في الدنيا والآخرة صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 1- 4]. فضل حياته ومماته صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حياتي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم، تعرض عليَّ أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم . وعن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، ففيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليَّ ، قالوا يا رسول الله: وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ -يعني بليت- فقال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء . وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله ملائكة في الأرض سياحين يبلغوني من أمتي السلام . هو صلى الله عليه وسلم أمنة لأمته من العذاب قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. نزلت عندما قال أبو جهل: اللَّهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . وقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي موسى رضي الله عنه: ... النجوم أمنة السماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون . أرسله الله للناس كافة قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.