يرتكز على مستخلصات طبيعية يعرف إقبالا كبيرا بالنظر إلى منافعه الصحية تعرف صناعة الصابون التقليدي بوهران بروز مؤسسات عائلية تخصصت في صناعة هذا النوع من الصابون الذي يدخل في خانة التمسك بالحرف التقليدية وكان قد تراجع إنتاجه في السابق بعد اكتساح الصابون الاصطناعي الأسواق. وعلى الرغم من الزخم الكبير للماركات العالمية للصابون المستورد التي انتشرت في الأسواق المحلية فقد استطاع بعض الحرفيين بدعم من أجهزة تشغيل الشباب أو بدونها من استحداث مصابن صغيرة تسمح تدريجيا باستعادة مكانة الصابون التقليدي الذي أصبح يزاحم الصابون المستورد. فوائد صحية على الجلد وقد وجد مهنيو الصابون التقليدي في التظاهرات التجارية والاقتصادية فرصة لترويج منتجاتهم على غرار الصالون الوطني للصناعة التقليدية المقام بوهران سنويا الذي يخصص حيزا كبيرا لعرض تشكيلات متنوعة من الصابون الطبيعي من صنع جزائري وبأيادي شابة تفننت في صناعته يقول أحد مسئولي غرفة الصناعة التقليدية والحرف. وسمحت الطبعة الثانية للتظاهرة التي اختتمت السبت الفارط للباعة المختصين في مواد التنظيف والتجميل باكتشاف المصابن التي تنشط بمختلف مناطق وهران وتنتج أنواعا من الصابون تحمل علامات محلية أصبحت تعطر رفوف المحلات التجارية بروائح من مواد أولية منبتها الأصلي طبيعة الجزائر يضيف ذات المصدر، وأصبح الصابون التقليدي يلقى(إقبالا كبيرا) من قبل الزبائن سواء في المعارض التجارية أو تلك المتخصصة في الحرف والصناعة التقليدية وكذا في الصيدليات التي أصبحت تجلب هذا النوع من الصابون المحلي (نظرا لفوائده الصحية للجلد) تقول مسيرة لورشة لصناعة الصابون بعين الترك. كما (ينصح كثير من الأطباء المختصين في أمراض الجلد مرضاهم باقتناء الصابون التقليدي المحلي والتخلي عن تلك الأنواع الاصطناعية المستوردة التي تحوي على مكونات تتضمن حوالي 15 مادة كيميائية) تقول السيدة نعيمي خديجة ياسمين.
مواد طبيعية مائة بالمائة
تنتشر ورشات صناعة الصابون بوهران في المناطق ذات طابع الفلاحي القريبة من المادة الأولية المعتمدة في تركيبة هذا النوع من المنتجات على غرار الزيتون واللوز والثوم والرند والخرطال والقمح والطحالب البحرية وغيرها من الأعشاب النباتية التي تشتهر بها المناطق الجبلية وسهل ملاتة وحقول الطنف الوهراني وشواطئها. وتعتمد هذه المنتجات الخالية من المواد الكيميائية على الزيوت المستخلصة من النباتات المحلية التي يتفنن فيها الحرفيون المختصون في الكيمياء يقول أحد المفتشين في الصناعة التقليدية بمديرية الصناعة والصناعة التقليدية. كما يحاول حرفيون إدخال بعض التقنيات الحديثة على صناعة الصابون مع المحافظة على أصالة المنتج التقليدي لتتحول قطع الصابون الخام إلى أشكال هندسية منها المكعبات والمستطيلات والمربعات وغيرها فضلا على التغليف الذي يحمل الملصقة التي تتضمن معلومات تجارية خاصة بكل منتوج يقول السيد باشا مبارك الذي يعتمد في مادته على حبوب الطلع ومستخلصات العسل. ومن جهة أخرى فإن ورشات الصابون لا يستعمل فيها الآلات وإنما تنتج المادة بوسائل تقليدية محلية، حيث يجذب هذا النوع من الصناعات كثيرا اليد العاملة الموسمية لاسيما النساء اللائي يقبلن على هذا النوع من الصناعات التحويلية تقول السيدة نعيمي. وتشكل الدقة في الإنتاج وتطبيق المعايير المعمول بها في مجال صناعة وتسويق مواد التنظيف والتجميل (عوامل أكسبت ثقة كثير من الزبائن) الذين يقتنون كميات كبيرة من هذا المنتج الذي يباع بأسعار معقولة علاوة على (الإقبال الكبير) للسياح الأجانب والمؤسسات الفندقية الكبرى على هذه المادة تقول السيدة مريم مسوقة تجارية بالصالون الوطني للصناعة التقليدية.
الصابون التقليدي ... امتداد لعقود من الزمن
تعود صناعة الصابون التقليدي بوهران إلى الفترة العثمانية لاسيما بمناطق الطنف الوهراني التي لا تزال تحيي وتعيد عبق هذه الصناعة حسب المصادر التاريخية. وقد كانت في تلك الفترة أغلب العائلات الوهرانية تصنع الصابون من رماد الجمر وبقايا زيت الزيتون بعد عجنه لمدة أيام واستخراجه في قطع صغيرة ليعرض بعدها في السوق، حيث كان مصدر عيش العديد من العائلات الريفية في تلك الحقبة. ومع مرور الزمان تنوعت المنتجات على يد حرفيين عملوا على تطوير هذا النوع من الصناعات لتبرز ماركات محلية جزائرية ظلت تستعمل في البيت والحمامات التقليدية وفي الفنادق إلى غاية انفتاح السوق التي شهدت انتشارا واسعا لاستيراد مواد التنظيف والتجميل منها الصابون. ولا أحد يستطيع نسيان صابون (الطرف) الذي يحمل في أعلى القطعة رمز حمامة أو (البوتاس) أو (العنبر) وغيرها حيث كانت له جاذبية نظرا لكثافة رغوته وفوائده العلاجية حيث لا يزال بعض الزبائن أوفياء لهذا المنتج المحلي. وقد كانت هذه المنتجات تباع في أسواق ببعض البلدان المغاربية المجاورة بكميات كبيرة وتلقى إقبالا كبيرا من قبل الزبائن المحليين والأجانب على أنها منتجات تم إنتاجها في تلك البلدان.