من الظواهر التي صرنا نصطدم بها بشكل يومي تقريبا في مجتمعنا، ظاهرة السير بفنجان القهوة، من طرف عدد من الشبان والكهول وحتى من المراهقين، ممن يلجؤون إلى حمل فنجان القهوة، حتى وان كانوا قد خرجوا لتوهم من المقاهي التي تنتشر في الجزائر أكثر من أي شيء آخر، فيسيرون به وهم يحملونه في أيديهم في الشارع، ويقفون به على الأرصفة، بل ويصعدون به إلى الحافلات، والسيارات، وغيرها من الأماكن التي تشهد وجود أشخاص آخرين غيرهم، وان كان الأمر يتعلق بحرية الفرد فهذا لا يعني أبدا التعدي على حرية الآخرين مادام أن القاعدة تقول "تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين"، فبعضهم يترك ما يتبقى من فنجان القهوة تلك على أماكن الانتظار في محطات الحافلات، وبعضهم قد لا ينتبه فيلقيه دون قصد على ملابس الآخرين، وغيرها من المشاهد السلبية الكثيرة التي تتكرر في هذا المجال، فيما يجب التأكيد أنها عادة غير صحية بالمرة، إذا ما تحدثنا عن تأثير القهوة السوداء على الصحة العامة للإنسان، وعن المخاطر المترتبة عن عمليات تبادل ارتشاف تلك القهوة من طرف أشخاص عديدين، في الوقت نفسه ومن الفنجان نفسه، ما قد يجعل هؤلاء معرضين لمخاطر صحية ربما لا ينتبهون إليها أو يغفلون عنها ولا يعيرونها اهتماما، فاحتمالات انتقال مختلف الفيروسات، إن كان احدهم مصابا بالزكام أو الأنفلونزا، وكذا الجراثيم والميكروبات إن كان احدهم أيضا مدمنا على التبغ، يصبح كبيرا، ويهدد كافة الذين يتداولون على ارتشاف نفس الفنجان. ومن الأشخاص من يقتني فنجان قهوة في الصباح الباكر، ويترك في سيارته أو في منزله، أو أثناء جلوسه مع رفقائه وأصدقائه ساعات طويلة، قد تمتد إلى ساعات متأخرة من المساء، ويبرر ذلك بأن مزاجه يفرض عليه ذلك، وان متعته الكبيرة هي في الارتشاف من ذلك الفنجان في كل مرة، خاصة إن كانت تلك القهوة على درجة عالية من التركيز، ثم تركها في أي مكان يكون فيه، وكثيرا ما نجد بقاياها على مداخل العمارات، أو السلالم، أو موضوعة على الأرصفة والطرقات، أو أي ركن آخر في الشارع، فتصبح هذه الظاهرة انتهاكا جديدا لحق الطريق الذي أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال "أعطوا الطريق حقه" ولكنه يعتبر حقا مغيبا في الجزائر، ولا يمكن لأي كان المطالبة به، بعد أن اجبر أصحابه على التخلي عنه لفائدة بعض منعدمي الضمير والذين لا يكترثون بتاتا لمصالح الآخرين، وتعتبر هذه الظاهرة أي ظاهرة السير بفنجان القهوة في الشارع، واحدة من الظواهر الكثيرة السيئة التي نصطدم بها يوميا عبر شوارعنا، وهي ظاهرة لم يعرفها المجتمع الجزائري من قبل خلال السنوات الماضية، وان كان الجزائريون معروفين بعشقهم الكبير للقهوة، إلا أنهم لم يكونوا يحملونها في كل مكان يتجهون إليه، وعلى مدار الساعة واليوم.