مع حلول فصل الصيف يحل معه كل ما هو جميل وممتع من الراحة، الأفراح، الاصطياف... لكن حين يتعلق الأمر بمنطقة يسّر ولاية بومرداس فإنه يحمل أيضا بعض الظواهر المزعجة كظاهرة احتلال أصحاب المقاهي للأرصفة التي شهدت تفاقما كبيرا. تعرف دائرة يسر ولاية بومرداس خلال السنوات الأخيرة انتشارا مذهلا للمقاهي خاصة على مستوى شارع العقيد عميروش، الذي يعتبر شارعا رئيسيا وتكثر فيه الحركة نظرا لوجود ممقرالدائرة والبلدية مركز البريد، المدرسة الأساسية السوق ومحطة الحافلات التي تربط بين القرى المجاورة، ففي هذا الشارع تكثر المقاهي بشكل ملفت للانتباه حيث أصبح تنطبق عليه المقولة "بين قهوة وقهوة كاين قهوة" أي بين مقهى ومقهى يوجد مقهى. المزعج في الأمر ليس كثرة عدد المقاهي الموجودة بيسّر وإنما ظاهرة لطالما صاحبت فصل الصيف وهي احتلال الأرصفة من طرف أصحاب المقاهي حتى أن المارة يضطرون إلى استعمال الطريق المخصص للسيارات عوض الرصيف ولكم أن تتصوروا حجم الأخطار التي قد يتعرض لها هؤلاء، ناهيك عن المضايقات والمعاكسات التي تتعرض لها فئة النساء، فالأرصفة مكتظة طوال النهار وإذا ما غامر أحد المارة واستعمل الرصيف فإنه يضطر إلى السير بين طاولات المقهى ونظرات الجالسين عليها تلاحق حركاته حتى أنه يشعر وكأنه قد دخل إلى المقهى ولم يستعمل فقط الرصيف. هذه الظاهرة أثارت سخط وتذمر السكان باعتبار أن المنطقة محافظة• وهذا ما عبرت عنه فتيحة وهي طالبة جامعية في كلية العلوم الاقتصادية والتسيير بدالي إبراهيم الساكنة بيسّر حيث قالت لنا "عندما أمشي في ذلك الشارع أنسى حتى كيفية المشي لأني أحس بأن الأنظار كلها موجهة إليّ كما أنني لا أسلم من المعاكسات". استياء فتيحة لا يختلف كثيرا عن استياء الكثيرات من هذه الظاهرة، فمن جهتها حسيبة ربة بيت وأم لطفلين يدرسان بالابتدائي لم تخف سخطها حيث استنكرت هذه الظاهرة واعتبرتها اعتداء على حقوق المارة، "فلا نستطيع حتى استعمال الرصيف"، كما تضيف أنها تصحب طفليها للمدرسة كل يوم لأنها تخاف عليهما كثيرا في حالة عدم استعمالهما الرصيف لاكتظاظه. يبدو أن الاستياء من هذه ظاهرة، احتلال أصحاب المقاهي الأرصفة لم يقتصر فقط على الجنس اللطيف بل إنها تقلق حتى الرجال الذين أزعجهم الأمر كثيرا، "إن المرور عبر طاولات المقهى الموجود على الرصيف تسبب لي إحراجا وما بالك إذا كنت مع زوجتي، فأنا أستعمل طريق مطول بدل ذلك الطريق لأتفادى الإحراج لزوجتي" هذا ما صرح لنا به سعيد وهو موظف، ويضيف محدثنا قائلا: "على البلدية أن تتخذ إجراءات صارمة مع أصحاب المقاهي وأن تمنع مثل هذه التجاوزات" وواصل حديثه قائلا " أن هذه الظاهرة تعطينا صورة سلبية جدا عن المنطقة وهي أن عدد البطالين في يسّر أكثر من العاملين وكأن لا أحد يعمل فالشياب والشباب لا يبرحون المقاهي ولعب الدومينو والتعليق على المارة عوض البحث عن العمل". أما عمي رابح وهو متقاعد بدا ساخطا من هذه الوضعية حيث صرح لنا "لو أملك السلطة لأغلقت هذه المقاهي، الشباب هنا يقضي كل وقته في المقهى بدل البحث عن عمل، فالمنطقة فلاحية، لم لا يعملون في الفلاحة ويقولون "البلاد ما فيها والو" ولا يفكرون سوى في الحرقةوالهدرة الزايدة""وقد أرجع عمي رابح احتلال أصحاب المقاهي للأرصفة إلى اكتظاظها لدرجة أنها أصبحت لا تتسع لعدد الزبائن الذين يترددون عليها،وعندما سألناه إن كانت هذه الظاهرة موجودة في الماضي أجابنا قائلا: "نحن في الماضي لا نجلس في المقاهي بل نقضي وقتنا في العمل وأيام العطل نعمل في الفلاحة، أما المقاهي فلا يتردد عليها سوى الشيوخ والمتقاعدين. محمد موظف، من جهته هو الآخر يشاطر كل من سعيد وعمي رابح الرأي مؤكدا أن ظاهرة احتلال الأرصفة لم تعد تقتصر فقط على المقاهي بل أن العديد من أصحاب المحلات يلجأون إلى مثل هذه الممارسات إلا أن الأمر الأكثر إزعاجا حينما يتعلق بطاولات المقاهي التي يلتف حولها شباب شغله الشاغل إزعاج الآخرين، ويستطرد محمد قائلا "يسّر ما هي إلا عينة صغيرة لأن في العديد من مناطق ولاية بومرداس تنتشر مثل هذه الظاهرة والتي شوهت منظر المدينة، لذا وجب على السلطات المعنية أن تتخذ إجراءات صارمة للحد من هذه التجاوزات. احتلال الأرصفة من طرف أصحاب المقاهي أصبح ظاهرة مقلقة بالفعل في يسر، هذه المنطقة التي كانت تعرف في الماضي بجمال طبيعتها وهدوئها أصبحت تتميز بكثرة مقاهيها وهو الأمر الذي يقضي تدريجيا على سحر هذا المكان وينفر الجميع من زيارتها بعد أن كانت قبلة للسياح.