لم يكن تحرك داعش صوب منطقة الجزيرة السورية واستيلاؤه على أجزاء كبيرة منها اعتباطيا، فالتنظيم الذي غدا أغنى التنظيمات الإرهابية في العالم، أغوته رائحة النفط الآتية من هذه المنطقة الغنية منذ البداية، فسيطرته عليها ضمنت له أهم مورد لبقائه وتمدده إلى جانب مصادر تمويل أخرى ثانوية. وإذا كان من الصعب تحديد قيمة المداخيل التي تدرها تجارة النفط السوري على التنظيم بدقة، فالتقديرات تتحدث عن موارد تتراوح بين 1.2 إلى 3 ملايين دولار يوميا.. أرقام مهوّلة تدفع لطرح سؤال مفاده لمن يبيع داعش النفط؟ استولى تنظيم داعش على 95 في المئة من حقول وآبار النفط السوري، فيما تسيطر الميليشيات الكردية والنظام على ما تبقى، بعد أن كانت خريطة القوى المسيطرة على حقول النفط السورية إلى غاية جوان من العام 2014 مختلفة تماما، إذ كانت حينها بيد القوى العشائرية والجيش الحر وقوى أخرى معارضة. يقول د.قاضي: (على سبيل المثال كانت حقول الحباري جنوب الطبقة وحقل الثورة موزعة ما بين لواءي التوحيد والأحرار، لكنها باتت بعد جانفي 2014 تحت سيطرة داعش. كذلك الأمر بالنسبة لحقول العمر وبعض حقول دير الزور والفرات والجفرا التي كانت تحت سيطرة جبهة النصرة، لكنها باتت بعد جوان الماضي تحت سيطرة داعش، بينما ظل حقل الشاعر شرق حمص متنازعا عليه أو (بانتظار إجراء تفاهمات) بين داعش والنظام، أما حقول الرميلان والمالكية في الحسكة فهي تحت سيطرة الميليشيات الكردية . ويرى د.قاضي أنه (مما لا شك فيه أن تنظيم داعش وبالوسائل البدائية التي يستخرج بها النفط ويكرره، لم يتمكن من إنتاج ربع الكمية المنتجة سابقا والتي تقدر حينها ب 350 ألف برميل يوميا، فضلا عن مسألة الأمان في نقل المشتقات النفطية والكوارث البيئية التي تخلفها طرق التكرير التي يتبعها داعش، مشيرا إلى أنه (على الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة حتى الآن بسبب التكتم الشديد الذي يلف هذه العمليات، إلا أن إنتاج تنظيم داعش قد لا يتعدى 50 ألف برميل يوميا، خاصة بعد التخوف من ضربات التحالف، حيث يبيع التنظيم البرميل الواحد بسعر يصل إلى 15 دولارا). على الحدود مع تركيا ول (نفط داعش) مشترون مختلفون، فشمالا تنشط سوق أخرى للتنظيم هذه المرة على الحدود مع تركيا، يقول د.قاضي إنها تتم عبر وسطاء فيما يخص المشتقات النفطية وليس النفط خام، عبر طريق يطلق عليه داعش الطريق العسكري، يقع غرب مدينة جرابلس من قرية (عرب عزة) مدخل نهر الساجور إلى الحدود السورية - التركية، وتتم عمليات هذه السوق السوداء أيضا عبر منطقتي تل أبيض و(سلوك) الحدوديتين اللتين توجد فيهما العديد من مصافي التكرير والأنابيب الضخمة لتهريب النفط. من جهته، يفيد المصدر المطلع بأن الحكومة التركية تعرضت لضغوط غربية نتيجة تحقيقات سرية أجراها مجلس الأمن الدولي بناء على معلومات أميركية وعربية، أعلنت بعدها أنقرة عن مصادرة 80 ألف برميل من (نفط داعش) كانت الدول الغربية قد وجهت إلى تركيا استفسارا حولها بعدما تبين أنها كانت مجهزة للتصدير من ميناء تركي، مما اضطر الحكومة التركية لإيقاف تلك الصفقة التي أبرمت مع شركة صينية كانت تنوي شراء الكمية كاملة وتولي عملية نقلها، وبعد مصادرتها تم استخدامها داخليا في الأسواق التركية). ويضيف المصدر بأن (الحكومة التركية قامت تحت نفس الضغوط بتدمير أربعة أنابيب لنقل النفط إلى مواقع على الحدود التركية كانت تستخدم لبيع النفط العراقي والسوري)، مشيرا إلى أن (العملية اعتبرت شكلية لأن تلك المنصات كانت متوقفة وفارغة). يقول المصر المطلع أيضا إن (داعش تبيع النفط للوسطاء من مواقع منصات الإنتاج بمبلغ 12 دولارا، ومن الحدود بسعر 18 دولارا، حيث يشتريه التجار الأتراك المحميون من شخصيات سياسية تركية بمبلغ 18 دولارا للمشتريات المباشرة من داعش ومن الوسطاء بقيمة 20 دولاراً، ليبيعونه بسعر 25 دولاراً لشركة النفط الوطنية التركية، وللشركات الخارجية بسعر 30 دولار . * غارات التحالف قتلت أزيد من 1000 سوري وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 1601، خلال 5 أشهر، من غارات التحالف الدولي، وضرباته الصاروخية على مناطق في سوريا منذ فجر ال 23 من شهر سبتمبر 2014، وحتى فجر ال 23 من شهر فيفري 2015، كما أصيب مئات آخرين بجراح في الغارات والضربات ذاتها، غالبيتهم من عناصر تنظيم (الدولة الإسلامية). ومن بين المجموع العام للخسائر البشرية 62 شهيداً مدنياً سورياً، بينهم 8 أطفال و5 مواطنات، استشهدوا جراء ضربات التحالف الصاروخية وغارات طائراته الحربية على مناطق نفطية يوجد فيها مصافي نفط محلية وآبار نفطية ومناطق أخرى، في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، ومعمل في مدينة الرقة، ومبنى المطاحن ومناطق أخرى في أطراف مدينة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي، وقرية كفردريان ومدينة حارم بريف إدلب. كذلك لقي 1465 مقاتلا على الأقل، من تنظيم (الدولة الإسلامية) مصرعهم، غالبيتهم من جنسيات غير سورية، جراء الضربات الصاروخية وغارات طائرات التحالف الدولي، على تجمعات وتمركزات ومقار لتنظيم (الدولة الإسلامية) ومحطات نفطية في محافظات حمص وحماه وحلب والحسكة والرقة ودير الزور. كما لقي ما لا يقل عن 73 مقاتلا من جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) مصرعهم، جراء ضربات صاروخية نفذها التحالف العربي _ الدولي على مقرات لجبهة النصرة في ريف حلب الغربي وريف إدلب الشمالي. فيما استشهد مقاتل من لواء إسلامي كان معتقلاً لدى تنظيم الدولة الإسلامية جراء قصف لطائرات التحالف الدولي على مقر لتنظيم الدولة الإسلامية في ناحية معدان بريف مدينة الرقة، وأكد المرصد أن عدد المدنيين الذين قتلوا أكثر من ذلك، لصعوبة وصول نشطاء المرصد، إلى مناطق تعرضت للقصف من قبل التحالف الدولي.