خطت السلطات القضائية المصرية قبل أيّام خطوة إلى الأمام في مجال محاربة المقاومة الفلسطينية وتصفية حساباتها مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بتصنيفها ك (منظّمة إرهابية). صحيح أن الحكم ليس نهائيا من الناحية القضائية، لكن تتبّع مسار التعاطي المصري الرسمي مع القضية الفلسطينية عموما وفصائل المقاومة تحديدا لا توحي بأن هناك إمكانية للتراجع عن هذا القرار (السياسي بغطاء قضائي)، حسب ما يراه مراقبون وخبراء قانونيون. ووصفت (حماس) القرار ب (الصادم والخطير الذي يستهدف الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة الفلسطينية). واعتبرت الحركة في بيان أن القرار المصري (القضائي) من شأنه (قلب المعادلات ليصبح الاحتلال صديقاً والشعب الفلسطيني عدوا)، ورأت أنه (عار كبير يلوّث سمعة مصر، وهو محاولة يائسة لتصدير أزمات مصر الداخلية)، وأكّدت أنه لن يكون له أيّ تأثير على مكانة حركة (حماس) التي تحظى باحترام كلّ أبناء وقيادات الأمّة. وعلّق وزير العدل المصري الأسبق المستشار أحمد سليمان على الحكم الصادر عن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة القاضي باعتبار حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) منظّمة إرهابية، واصفا إيّاه بأنه (حكم جائر سيطرت عليه الأهواء السياسية). وقال سليمان ل (العربي الجديد) إن (حماس مقاومة مشروعة بحسب نصوص القانون الدولي)، مضيفا أنها (ليست منظّمة إرهابية إلاّ في نظر دولة الكيان الصهيوني ومن يعاونونه). وكان المحامي المصري سمير صبري، المعروف بقربه الشديد من أجهزة أمنية وسيادية مصرية، وفقا لقانونيين، قد أقام دعوى ضد حركة حماس بطلب الحكم باعتبارها (منظّمة إرهابية)، فيما كان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي قد رفض في وقت سابق اعتبار (كتائب القسّام)، الذراع العسكرية ل (حماس) منظّمة إرهابية، قائلا في تصريحات صحفية إن (كتائب القسّام وغيرها من كتائب المقاومة الفلسطينية التي تتصدّى للاحتلال الإسرائيلي ليست إرهابية، والمقاومة حقّ مشروع). وهناك ثلاث دول فقط تصنّف حركة (حماس) منظّمة إرهابية، وهي اليابان، الولايات المتّحدة الأمريكية وكندا، في حين تعتبر بريطانيا أن كتائب القسّام فقط هي منظّمة إرهابية، في حين لا تعتبر اثنان من الدول التي لها حقّ النقض (الفيتو) في مجلس الأمن (حماس) منظّمة إرهابية وهما الصين وروسيا. من جهته، قال الباحث الفلسطيني حمزة أبو شنب إن الحكم الصادر هو (قرار سياسي بطابع قضائي)، معتبرا في تصريحات ل (العربي الجديد) أنه (امتداد للحملة الشرسة ضد حركة حماس من قِبل النّظام المصري الحالي). وأعرب أبو شنب عن اعتقاده بأن انعكاسات القرار (ستكون على تعطيل الملفات التي تديرها مصر كالتهدئة والأسرى). من جانبه، لفت مستشار الرئيس المصري الأسبق للشؤون العربية الباحث محمد عصمت سيف الدولة إلى أن (أغرب ما في هذا الحكم أنه صادر عن محكمة مصرية وليست إسرائيلية)، مؤكّدا أنه (يمثّل سابقة في التاريخ العربي بالكامل وليس المصري فقط)، وذكّر بأنه (حتى عندما قام الرئيس الأسبق أنور السادات بالتوقيع على اتفاقية كامب ديفيد والاعتراف بإسرائيل لم يصدر القضاء المصري أيّ أحكام من هذا النّوع). في المقابل، رأى أحد قادة حركة الاشتراكيين الثوريين محمد الشافعي أن حكم محكمة الأمور المستعجلة (يعمّق دور النّظام الحالي في العمل لمصلحة إسرائيل من خلال معاداة إحدى حركات المقاومة الفلسطينية)، وشدّد على أن (الرئيس المخلوع حسني مبارك رغم كلّ سلبياته وجرائمه لم يصل إلى درجة معاداة الرئيس عبد الفتّاح السيسي للقضية الفلسطينية).