صادق نواب المجلس الشعبي الوطني قبل أيام معدودة على مشروع القانون المعدل والمتمم لقانون العقوبات المتضمن إجراءات جديدة لحماية المرأة من كل أشكال العنف، والذي يتضمن تشديد حجم العقوبات ضد الأزواج المعنفين لزوجاتهم ورفع سقف الترسانة القانونية لحماية المرأة استجابة لأرقام دقت ناقوس الخطر حول واقع مرير تتكبده النسوة في كل مكان بالبيت والشارع والعمل. حسيبة موزاوي استعجلت الاتفاقيات الدولية تطبيق هذه القوانين التي لا يزال المجتمع الجزائري ينتقدها بنوع من التهكم، ويتهجم عليها رغم ما تضمنه من حقوق للمرأة في ظل توسع رقعة المعارضة لكثير من النصوص، خاصة من قبل الإسلاميين الذين يرون فيها استنساخا لثقافة دخيلة، في حين تعتبرها الأصوات التي رافعت من أجلها مكسبا جديدا في تكريس الحريات وحماية المرأة.
فحوى التعديلات الجديدة جاء تعديل القانون الخاص بالعقوبات بمواد رادعة لوضع حد للعنف ضد المرأة، حيث تصل العقوبة إلى السجن المؤبد في حال وفاة الضحية، و20 سنة في حال ترتب عنه عجز أو عاهة مستديمة، وتشدد العقوبات الأخرى التي تتراوح بين غرامات من 50 ألف و500 ألف، والسجن من 15 يوما إلى 10 سنوات، حسب درجة العنف وحالة الضحية كالقاصرات أو المعاقات أو المريضات، كما تضمن قانون العقوبات الجديد، مواد قانونية توفر الحماية للمرأة في بعض الحالات التي تكون فيها أكثر عرضة للعنف، سواء بحكم وضعها الاجتماعي أو المهني، حيث تتكفل المادة 266 مكرر بحماية خاصة للزوجة من السلوك المنحرف والاعتداءات العمدية التي تحدث جروحا أو تؤدي إلى بتر أحد الأعضاء أو إلى عاهة مستديمة أو إلى الوفاة، مع إدراج عقوبات متناسبة مع الضرر الحاصل للضحية، وتم أيضا تعديل المادة 330 من القانون المتعلقة بالإهمال العائلي، لحماية الزوجة من الإكراه والتخويف الممارس عليها من أجل حرمانها من مواردها، وتقر بعقوبة السجن من ستة 6 أشهر إلى غاية سنتين، وبغرامة مالية من 50 ألف إلى 200 ألف دينار. رأي الشارع الجزائري اختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض لهذا القانون الجديد، وأصبح لكل واحد رأيه الخاص في هذه القضية، مستندا على منظوره الخاص، من هذا المنطلق نزلت (أخبار اليوم) لرصد رأي المواطن الجزائري مبتعدين عن إصدار أي أحكام قيمية، حيث كانت البداية مع السيد (كمال) الذي انتقد هذا التعديل الأخير الذي تمت المصادقة عليه من قبل نواب البرلمان واعتبره مخالفا للشريعة الإسلامية، مناشدا رئيس الجمهورية بالتدخل لوضع حدّ لهذا القانون الذي قال عنه إن عواقبه ستكون وخيمة على المجتمع الجزائري وسيكون مصدرا للفتنة. فيما ذهب (عمي لخضر) إلى أنه من الأجدر بمن وضعوا هذا القانون البحث عن حلول لأسباب هذا العنف ومعالجتها بدل البحث عن قانون دخيل استجابة لضغوطات دولية وتماشيا مع هذه الاتفاقيات التي تحمل مخالفات كبيرة للشريعة، مبديا تخوفا من تداعيات هذا القانون الذي يشكل خطرا على الأسرة الجزائرية ويساهم في تفككها. (المرأة أصبحت في الجزائر هي التي توزع الأكسجين للرجل وبدونها سيختنق الرجل ويموت)، هي المقولة التي قالها الشاب (أمين) بطريقة هزلية، مواصلا الحديث قائلا بما أنه تم سن قانون يعاقب الرجل على التحرش بالمرأة وممارسة العنف ضدها لماذا لا يسن القانون موادا تعاقب المرأة التي تتعدى على الرجل بلباس العراء، لماذا هذا الظلم أقول للبرلمانيات ها هو الزمان قد دار وأصبحت المرأة تشرع للرجل. غير أن السيد (مراد) يخالفه الرأي مرضحا أن ظاهرة العنف والتحرش بالمرأة ظاهرة مترسخة في ثقافتنا وهذا ليس جديدا علينا، قائلا لا يمكن أن نتهم طريقة اللبس عند الفتيات فقط فلم تسلم من التحرش لا الفتاة المتحجبة ولا الفتاة المتبرجة وهذه المسألة أتركها لأهل الإختصاص وإن اعتبرنا أن العراء هو السبب فهذا مجرد جهل بالأسباب، وإلا فلماذا لا نجد ذلك في الدول الأوروبية التي يتفشى فيها العري عند الشابات بل بالعكس نجد هناك احترام للمرأة، لكن يبقى البعض ينسب ذلك إلى الغرب أو الشرق بدل النظر إلى واقعهم وأخلاقهم لذا أنا مع قانون حماية المرأة من كل أشكال العنف الممارسة عليها. من جهتها الآنسة (نسيمة) ترى أن هذا القانون مكسب للمرأة الجزائرية وخطوة هامة خطتها الدولة باتجاه تحسين وضعية المرأة المعنفة والمضطهدة في مجتمعنا الجزائري، موضحة بأن ضعف المرأة جعلها تحرم من حقوق كثيرة أبرزها العيش في سلام، منتقدة المنظومة القانونية التي لم يسبق لها أن أعطتها حقها كما يجب، وبدليل عدد النساء اللواتي يتعرضن للعنف في الجزائر سنويا، فيما يبقى العدد الرسمي لا يعكس الواقع، مشيرة إلى أن المشروع الجديد من شأنه أن يقلص عددهن. وختمت بالقول إن الرجل وجب أن لا تستعبده نزواته ويذهب إلى التعدي على حرمة النسوة عبر الشوارع حتى ولو كن غير مستورات فهناك رب عزو وجل هو من يحاسب العبد، فوجب أن لا نخلط الأمور ونضع كل شيء في نصابه.
هل سيطبق القانون على أرض الواقع؟ في حين يرى بعض الحقوقيين ممن تحدثت إليهم (أخبار اليوم) أن قانون العقوبات الجديد المتضمن إجراءات جديدة لحماية المرأة من كل أشكال العنف يعاني قصورا من الناحية التطبيقية، فهي لم تحدد وسيلة اثبات التحرش، وعليه فإن أي حكم في هذه القضية سيكون غير عادل، معتقدين أن هذه التعديلات لا معنى لها في ظل غياب آليات واضحة لتطبيق هذا القانون، لكن السؤال المطروح حسبهم هل فعلا سيطبق هذا القانون على أرض الواقع؟ وفي ظل التجاذب السائد بين معارض ومؤيد لقانون العقوبات لحماية المرأة ضد العنف، يظل الحوار والتفاهم بين الزوجين، والتحسيس والتوعية بمخاطر العنف في الأسرة وداخل المجتمع، أفضل سبيل للوقاية وأحسن حل لمعالجة هذه الظاهرة، قبل الوصول إلى أروقة المحاكم.