فاروق قسنطيني القضاة لا يحترمون المدة القانونية للحبس المؤقت يعتبر السجن عقاب كل مجرم ومجرمة في كافة أنحاء العالم وذلك ليجازى كل فرد على ذنب اقترفه وفيه نوع من إحلال العدالة البشرية حسب الكثير من القانونيين، ولكن هناك مقولة عربية تقول (يما في الحبس مظاليم) وهذا يعني أنه توجد فئة من الناس من توضع وراء القضبان ظلما وقد جاءت في مختلف القوانين الدولية ما يعرف بالحبس المؤقت الذي يقضي بوضع أي شخص داخل الزنزانة حتى يتم التحقيق معه، ولكن هذا الحبس المؤقت أصبحت تطول مدته وقد تبلغ أحيانا الخمس سنوات في بعض القضايا الشائكة كقضية السوناطراك 1 ليبقى الموقوف ينتظر مصيره المجهول.
عتيقة مغوفل تحصي مصالح الأمن الوطني الآلاف من القضايا الإجرامية يوميا وعبر مختلف ولايات الوطن، وبعد التحقيق فيها تقوم ذات المصالح بتوقيف المشتبهة فيهم من أجل التحقيق معهم لتوصل إلى الحقيقة في النهاية، ولكن هناك من المشبهين الذي يستلزم الأمر توقيفهم طيلة إجراء التحقيق وهو الأمر الذي يتسبب في أحيان عديدة بالكثير من الضرر لذاك الموقوف على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، خصوصا إن كان بريئا وحتى نتمكن من معرفة معاناة الموقوفين في الحبس الاحتياطي تقربت (أخبار اليوم) من بعض الأشخاص الذين أوقفوا في الحبس لمدة طويلة على ذمة التحقيق، كما حاولت معرفة رأي بعض القانونيين في الموضوع.
قضى 10 أشهر في الحبس المؤقت وهو بريء حضرت (أخبار اليوم) إحدى جلسات محاكمة شبكة مختصة في تهريب الأدوية من الجزائر العاصمة وبالتحديد من مستشفى بني مسوس الجامعي نحو المغرب، ولكن وفي نهاية المطاف وبعد تحقيقات معمقة تمكنت مصالح الأمن الوطني من الإطاحة بكامل عناصر الشبكة المهربة ومن بين الموقوفين في القضية كان هناك شخص تم توقيفه على ذمة التحقيق لأنه قام بشراء سيارة من أحد المتهمين وقد كان ينحدر من إحدى الولايات الداخلية للوطن، وقد ألقت مصالح الأمن القبض عليه لمعرفة إن كان متورطا في قضية التهريب، ولكن وفي كل مرة يقوم رئيس الجلسة بتأجيل المحاكمة إما بسبب عدم الاضطلاع على موضوع القضية من طرف هيئة المحكمة أو يطالب محامو المتهمين بتأجيل القضية من أجل التماطل وربح الوقت للبحث عن بعض أدلة البراءة لمتهميهم، وهو الأمر الذي أثار حفيظة ذاك المتهم الذي بعد أن سمع حكم التأجيل بدأ يصرخ في قاعة الجلسات (ظلم هذا ظلم)، ما أثار حفيظتنا وأردنا أن نتقرب من المتهم لفهم ما تلفظ به إلا أن الشرطي منعنا من ذلك، فتقربنا من أفراد أسرته التي كانت داخل قاعة الجلسات وبعد التعرف على زوجته أوضحت لنا أن زوجها بريء من هذه القضية فما فعله هو أنه قام بشراء سيارة من أحد المتهمين أيام وقوع جريمة التهريب، وهو الأمر الذي دفع بمصالح الأمن إلى إلقاء القبض عليه، ولكنه وبما أنه لم يقترف أي ذنب طمأن دفاعه أهله أنه سيخرج براءة ولكن الأمر الذي حز في نفسية الموقوف كثيرا هو أنه قضى مدة 10 أشهر وهو موقوف في السجن دون سبب، ولم يتم الفصل في قضيته بعد بل أبعد من ذلك فقد أصيب الموقوف بانهيار عصبي داخل السجن وهو الأمر الذي تطلب دخوله 3 أيام بإحدى المستشفيات بالعاصمة ومع ذلك لم يطلق سراحه ليخضع للرقابة القضائية أحسن من أن يتم وضعه في زنزانة مغلقة. يسجن سنتين و4 أشهر ولم ينظر في قضيته بعد وعلى ما يبدو أن الكثير من الناس يقضون أشهرا طويلة في السجن بل سنوات داخل الزنزانة رغم براءتهم والقضاة يتماطلون في النطق بالأحكام في قضاياهم، وهو السيد (قدور) الذي قضى سنتين و4 أشهر حبسا مؤقتا وسبب ذلك أنه تم توقيفه للتحقيق في قضية اختلاس أموال من أحد مراكز البريد في العاصمة، وبعد تحقيقات مصالح الأمن تبين وبنسبة 95 بالمئة أنه بريء من التهمة المنسوبة إليه وقد كان ينتظر التلفظ ببراءته من طرف القاضي في كل جلسة محاكمة للنظر في القضية، ولكن لم ينظر فيها ولحد الساعة بسبب التأجيل الذي كان مرة يطالب به الدفاع ومرة يقره القضاة، رغم أن محامي قدور كان يطلب في كل مرة من القاضي النظر في القضية، ولكن دون جدوى هو الأمر الذي جعل عائلته تعيش في جحيم كبير بسبب انقطاع مورد عيشها لأن رب العائلة في السجن ولا يوجد من يعيلهم ما دفع بزوجته للخروج للعمل حتى تطعم أطفالها الصغار، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط فحتى ابنه رضوان أصبح قليل الكلام بسبب حزنه على أبيه الذي كان يحسبه مثله الأعلى إلا أن هذا المثل اتهم بالسرقة وزج في السجن ظلما.
حقوقيون ينادون بإلغاء عقوبة الحبس المؤقت كل ما سمعناه عن أناس مظلومين محكوم عليهم في السجون بسبب تماطل إجراءات التقاضي في قضاياهم جعلنا نربط اتصالا هاتفيا بالأستاذ (فاروق قسنطيني)، رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان لمعرفة الرأي القانوني في الموضوع وقد أوضح لنا بدوره أن القانون الجزائري قد تضمن نصوصا قانونيا تقر صراحة أن الحبس المؤقت هو إجراء استثنائي لا يستعمله القضاة إلا في الحالات الشاذة، لأنه هناك إجراءات قانونية أخرى تستعمل قبل الحبس المؤقت كإخضاع المتهم للرقابة القضائية والإفراج المؤقت إلى حين الفصل في قضيته، ولكن للأسف فإن بعض القضاة لا يطبقون القانون ويلجأون دوما للحبس المؤقت الذي من المفروض أن تكون مدته 8 أشهر في الجنح و16 شهرا في الجنايات على أقصى تقدير، إلا أن القضاة للأسف لا يأبهون لنفسية الموقوف ولا لظروفه الاجتماعية وحال عائلته بعد أن يتم توقيفه رغم أن القانون يعوضه عن الفترة التي يبقى فيها في السجن على ذمة التحقيق حتى يتم اثبات براءته، من جهة أخرى أكد السيد (فاروق قسنطيني) أن للمتهم الحق في الحصول على تعويض في حال حبسه المؤقت وهو بريء، وذلك حسبما جاء في المادة 137 من قانون العقوبات التي تنص على (يحق للموقوف طلب التعويض إن كان محل حبس مؤقت غير مبرر انتهى في حقه بألا وجه للمتابعة أو بالبراءة)، إلا أن الحصول على تعويض يستغرق وقتا كبيرا وبذل مجهود أكبر من أجل تحصيله.