بقلم: محمد قروش الآن وبعد أن اتّخذت السعودية مع دول عربية أخرى قرار التدخّل ضد الحوثيين في اليمن أصبح واضحا أن نيران الحرب قد اشتعلت ولن تنطفئ في بلد مدجج بالسلاح وتتصارع فوق أرضه أكثر من دولة وأكثر من طائفة وتتنازع أكثر من مصلحة استراتيجية. فاليمن، هذا البلد الصغير الذي يتربع على موقع استراتيجي خطير يجمع بين عدة مصالح ورهانات استراتيجية وعرقية ودينية تشكل مفتاحا خطيرا لكثير من المخططات العربية والفارسية التي تختلط فيها السياسة بالدين والنفط بالعرقية، وهو ما يجعله ساحة حرب سيكون المنتصر فيها هو الذي سيرسم مصير المنطقة بأكملها لسنوات طويلة. ولعل كل من إيران والسعودية تدركان ذلك جيدا، حيث أن معركة اليمن ستكون هي الفاصل في الصراع العربي-الفارسي القديم منذ التاريخ، ثم الصراع السُنّي-الشيعي الذي نشأ في القرن الأول الهجري وتأكدت ملامحه في نهاية القرن العشرين عند صعود الخميني وإعلان مطامح الثورة الإيرانية، حيث لم يتوقف التمدد الإيراني الشيعي في الخليج حتى أصبح اليوم يمثل أكثر من 40 في المائة في الكويت و15 في المائة في السعودية، وهو في البحرين أضعاف ذلك بكثير حسب بعض الإحصائيات، دون الحديث عن العراق التي ابتلعتها إيران والسيطرة السياسية على سوريا والتحكم الكبير في لبنان. يعد صعود الحوثيين اليوم تجليا واضحا لإفرازات الصراع العرقي العربي-الفارسي والطائفي الشيعي-السُنّي الذي ظل يشتعل في الخفاء دون أن تبرز حممه إلى السطح، حيث كان كل طرف يستعمل سياسة الحرب الباردة التي كانت مسرحا لها ساحات العراق والجزر الإماراتية ومناطق عرب الأحواز وتهديدات حزب اللّه في لبنان، قبل أن تنفجر ثورات الربيع العربي التي رمت بحمم الصراع إلى السماء وأصبح النزال الشيعي-السُنّي على المكشوف في سوريا وشرق السعودية والبحرينوالكويت وغيرها من المواقع التي تحركها إيران بقوة لأجل التقدم في مواقعها والسيطرة على كل الشريط السُنّي العربي بما فيه دول الخليج. لكن لا يمكن عزل هذه الأوضاع عن الصراع الحضاري والاستراتيجي حول منطقة الشرق الأوسط ومخططات أمريكا وإسرائيل الطامحة إلى تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة على أساس طائفي وعرقي شيعي كردي وسُنّي، هذا الأخير الذي يمكن أن يتم محوه من الوجود بدخول نظام الملالي على الخط وتحالفاته الشيطانية مع إسرائيل وأمريكا، حيث يتم اقتسام المنطقة بين (إسرائيل) وأمريكاوإيران لكي يعيش الجميع في أمن وسلام على أنقاض العرب والمسلمين. إنه مخطط شيطاني تتشابك فيه كثير من المصالح والطوائف والعقائد لتجعل من هذه الحرب محكا حقيقيا قد يحدد مستقبل المنطقة العربية كلها استراتيجيا ودينيا وحضاريا.