رغم تردّي مستوى ونتائج المنتخب الوطني لكرة القدم منذ تأهّله إلى نهائيات كأسي إفريقيا والعالم 2010 وتراجع شعبية نجوم الخضر، إلاّ أن اهتمام الجزائريين بكرة القدم وما يفعله لاعبوهم في الخارج وفرقهم في الجزائر والمنافسات الإقليمية والقارّية مايزال قائما، وهو دليل على أن كرة القدم ماتزال متنفّسا حقيقيا للشباب بشكل خاصّ وعموم الجزائريين، ودليل أيضا على إخفاق معظم التشكيلات السياسية وغير السياسية في احتواء مختلف فعاليات المجتمع الذي لا يكاد يجد تأطيرا حقيقيا سوى في الملاعب أو في المقاهي التي يتابع بها المولعون بالكرة أخبار ومباريات فرقهم المفضّلة ولاعبيهم المفضّلين· ومثلما عكست النتائج الإيجابية للمنتخب الوطني خلال سنة 2009 إلى حدّ ما الحركية التي عاشتها الجزائر ككلّ والنّهضة التنموية التي ميّزت مختلف القطاعات في مختلف مناطق الوطن، عكست النتائج المتواضعة الأخيرة حالة التراخي التي تميّز مجتمعا بات غير قادر على التفكير في تأمين مستقبل الأجيال القادمة· أجيال ما بعد البترول مثلما عجز المنتخب الوطني عن تأمين استمرار زرع الفرحة في نفوس الجزائريين بعد أن أهداهم فرحة بلوغ نهائيات كأس العالم· والحقيقة أن الجزائر اليوم تشهد تمازجا وتعايشا بين صورتين متناقضتين، صورة القدرة على صنع الفرح مثل تلك التي صنعها تأهّل الخضر إلى المونديال وصورة العجز عن صنع الأمل مثل تلك التي يصنعها أداء الخضر ونتائجهم منذ مدّة، وقد عشنا خلال يومين متتالين هاتين الصورتين المتناقضتين معا من خلال عودة وفاق سطيف بالفوز من ملعب النّصر الليبي أمام الفريق المحلّي، ثمّ عودة مولودية الجزائر بهزيمة ترهن حظوظهم في التتويج باللّقب المغاربي أمام النّادي الإفريقي التونسي· وعشنا ما هو أهمّ من هاتين الصورتين، حين استذكرنا ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960 وشعرنا بأن الجزائر مازالت بخير مادامت لم تنس تاريخها وصانعيه، ثمّ حين تابعنا اللاّ مبالاة الشديدة التي تتعامل بها أجيال ما بعد الاستقلال مع ذكريات أحداث عظيمة مثل تلك المظاهرات التي أيقظت الجزائريين من سباتهم وأرعبت فرنسا·